العراق: أنصار الصدر ينصبون خيامهم أمام المنطقة الخضراء

بعد رفض وزارة الداخلية منحهم تصريحًا على تنظيم الاحتجاج

أنصار الصدر لدى نصبهم خيامهم أمام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)
أنصار الصدر لدى نصبهم خيامهم أمام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

العراق: أنصار الصدر ينصبون خيامهم أمام المنطقة الخضراء

أنصار الصدر لدى نصبهم خيامهم أمام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)
أنصار الصدر لدى نصبهم خيامهم أمام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)

صعّد أنصار زعيم التيار الشيعي مقتدى الصدر من الموقف السياسي بعد نصبهم الخيام أمام المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد أمس. ويأتي هذا التصعيد وسط قلق من نذر مواجهة شيعية - شيعية عند بوابات البقعة الأكثر أمانا في العراق. وبدأ زحف المتظاهرين من كل أنحاء العاصمة في وقت اتخذت فيه الحكومة إجراءات بدت أقرب إلى حظر التجوال منه حيث تم غلق مداخل العاصمة الثمانية مع المحافظات الوسطى والغربية والجنوبية بالإضافة إلى قطع الطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء. وبينما رفضت وزارة الداخلية العراقية منح التيار الصدري موافقة على تنظيم الاحتجاج السلمي عبر الاعتصامات فإن القوات الأمنية المرابطة عند الجسر المؤدي الرابط بين ساحة التحرير والمنطقة الخضراء هي من قامت بفتح الجسر الذي عبره المتظاهرون لينصبوا خيمهم بالقرب من مبنى البرلمان العراقي خارج أسوار المنطقة الخضراء.
وكان زعيم التيار الصدري أصدر أول من أمس، توصيات للمشاركين بالاعتصامات تتمثل بما سماه «ثوابت» الاعتصام بالقول: «لا دماء ولا تراجع ولا استسلام ولا صدام ولا قطع طرق ولا اعتداء ولا عصيان»، وفيما دعا إلى «الاستمرار بالاعتصام والتعقل وعدم فعل أي شيء دون العودة إليه»، هدد بـ«أساليب أخرى تبهر كل محب للسلام والديمقراطية» في حال منع أنصاره من الاعتصام. لكن رئيس الوزراء حيدر العبادي، رفض الاعتصام «ضمنًا»، مؤكدا في الوقت نفسه على أن حرية التعبير والتظاهر أمر «مكفول دستوريا»، وهو ما كررته وزارة الداخلية التي أكدت أمس الجمعة عدم إعطاء أي ترخيص لإقامة مظاهرة أو اعتصام أمام بوابات المنطقة الخضراء وسط العاصمة. وقال بيان للوزارة بأن «الوزارة تود أن تعلم جماهير شعبنا الكريم، بأنه استنادًا إلى بنود الدستور العراقي والقوانين النافذة، وتنفيذًا لمسؤولياتها وواجباتها، وحرصًا على أمن المواطنين الكرام وضمانا لسير القانون والنظام، فإنها وتقديرًا منها للظرف الحرج الذي تمر به البلاد ودفعًا لكل أشكال المخاطر والتهديدات المحتملة ومن أجل المصلحة العامة، لم تعط تصريحًا بإقامة أي اعتصام أو تظاهر أمام بوابات المنطقة الخضراء». وأضاف البيان أن «الوزارة قد أعلمت الجهة التي طلبت الترخيص بهذا الأمر تفاديا لكل إشكال أو التباس يحصل من سوء التقدير للعواقب والاحتمالات»، داعية إلى «الالتزام بتعليماتها والانصياع إلى روح القانون والنظام تجنبًا لكل ما يؤدي إلى خلاف ذلك».
من جهته فقد طالب الصدر الحكومة بفتح الطرق المغلقة في العاصمة بغداد. وقال الصدر في بيان له أمس: «يجب إلزاما على القوات الأمنية وكذلك على المعتصمين عدم المساس بمسيرة الحياة.. فيجب أن تستمر الحياة في بغدادنا الحبيبة.. فلا غلق طرق ولا غلق محلات ولا غيرها». وأضاف الصدر أن «من الضروري أن تستمر جميع الأعمال لكي لا تتوقف المصالح العامة.. فنهيب بالجميع عدم الإضرار بأي أحد، فنحن نعتصم من أجلهم ومن أجل مصالحهم». وتابع: «نهيب بالشعب العراقي أن لا يدب في قلوبهم الخوف على الإطلاق، فإني لا أسمح بالتعدي على أي أحد إطلاقا.. فمارسوا حياتكم بكل حرية وانسيابية وبكل راحة وسنعينكم على ذلك قدر المستطاع بالتعاون مع القوات الأمنية».
من جهته أكد القيادي البارز في التيار المدني الديمقراطي المتحالف مع التيار الصدري جاسم الحلفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «حركة الاحتجاجات الجماهيرية بدأت تتسع وتتصاعد لتشمل أوسع قطاع من الناس لا سيما الفقراء بحيث بدأنا نلمس انضمام المواطنين من مختلف الطبقات من منطلق أن هذه هي الفرصة الأخيرة التي تمنح للحكومة من أجل الإيفاء بوعودها الإصلاحية» مشيرا إلى أن «الطبقة السياسية ومنها رئيس الوزراء لم تتعامل بشكل جدي مع المطالب الجماهيرية التي كانت ولا تزال طبيعية». وحول طبيعة العلاقة مع تيار الصدر الذي لديه كتلة في البرلمان تضم أكثر من 30 نائبا و3 وزراء في حكومة العبادي بينما التيار المدني يمثل المعارضة قال الحلفي إن «المسألة لم تعد مسألة نواب ووزراء بل أصبحت حركة الاحتجاج جماهيرية وبدأت ساحتها تتسع وإذا كان لدى الصدريين وزراء ونواب بعدد معين في الحكومة والبرلمان فإنهم لديهم جمهور يتعدى الأربعة ملايين وكلهم من المتضررين وإن جمهورنا هو الآخر من المتضررين الباحثين عن إصلاح حقيقي مع إنقاذ البلد مما يعانيه وبالتالي القضية هي ليست تحالف مع التيار أو تقارب بقدر ما هي مساهمة لإنقاذ الوضع مما يمكن أن يؤول إليه».
لكن قياديا في التيار المدني ذاته قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه بأن «الخشية كل الخشية تتمثل الآن ليس في طرح الشعارات واللافتات لاختبار جدية الإصلاحات بل بالكيفية التي نستطيع من خلالها ضبط الشارع طالما إنه لا توجد آليات حقيقية لتطبيق هذه الشعارات وبما يسمح بانفلات الأوضاع» مبينا أنه «ليس من مصلحة التيار المدني الانسياق خلف غضب جماهيري قد يصعب السيطرة على مشاعره».
من جهتهما فقد دعا كل من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ورئيس البرلمان سليم الجبوري جميع الأطراف إلى بالحكمة وضبط النفس في وقت قام فيه معصوم بإجراء اتصالات مع كل الأطراف بهدف احتواء الموقف. وفي هذا السياق أكد القيادي في دولة القانون محمد العكيلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي تعانيها جميع الكتل تريد الإصلاح بدءا من القمة إلى القاعدة بينما المفروض أن يكون العكس وهو ما بدأ يمارسه التيار الصدري وهو ما جعله يكسب الشارع حيث أحال عددا من كبار مسؤوليه إلى القضاء في وقت تدافع كل الكتل عن كبار مسؤوليها». وأضاف العكيلي أن «هناك الكثير من العراقيل الإجرائية سواء داخل الحكومة وهو ما جعل الشارع يغضب جراء ذلك أو داخل البرلمان» مؤكدا أن «رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يستثمر بشكل صحيح الزخم الجماهيري الذي كان مؤيدا له على مدى شهور مما جعل الأمور تنقلب الآن بما يشبه الرفض له».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.