الهدنة السورية تفعّل عمل الهيئات المدنية في مناطق سيطرة المعارضة

فرضت حيزًا من الأمان.. وقطاعا التعليم والصحة الأكثر استفادة

مظاهرات معارضة للنظام السوري في درعا (رويترز)
مظاهرات معارضة للنظام السوري في درعا (رويترز)
TT

الهدنة السورية تفعّل عمل الهيئات المدنية في مناطق سيطرة المعارضة

مظاهرات معارضة للنظام السوري في درعا (رويترز)
مظاهرات معارضة للنظام السوري في درعا (رويترز)

فعلت الهدنة السورية عمل الهيئات المدنية في مناطق سيطرة المعارضة، حيث استعادت بعض الهيئات المنبثقة عن الإدارات المحلية، مثل الدفاع المدني وغيرها، جزءًا كبيرًا من نشاطها، وتفرغت لإنجاز أعمال مدنية تخدم السكان، بعدما كانت تحصر نشاطاتها بإجلاء الجرحى وإخلاء السكان بغرض حمايتهم من القصف.
وشهدت أحياء واسعة في مناطق ريف دمشق، حملات لإعادة فتح الطرقات وتوسيعها وإزالة آثار القصف، فضلاً عن حملات الاهتمام بالبيئة، بينما عادت المستشفيات لاستقبال المرضى بعدما كان عملها مقتصرًا على معالجة الجرحى والمصابين جراء أعمال العنف، كما فتحت المدارس أبوابها من جديد لاستقبال الطلاب.
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني لـ«الشرق الأوسط» إن الضغوط عن الهيئات المدنية «تراجعت إلى نسبة 60 أو 70 في المائة جراء التزام الأطراف باتفاق وقف الأعمال العدائية»، موضحًا أن تلك الهيئات «تفرغت لتنفيذ أعمال أخرى مثل شق الطرقات وصيانة الشبكة والكهربائية وتنظيف الممرات من ركام المباني التي تساقطت بفعل القصف الجوي والمدفعي»، في حين «فتحت المستشفيات أبوابها مرة جديدة للمرضى من السكان المدنيين، بعدما خفت عنها الضغوط التي تمثلت في وقت سابقة باستقبال الجرحى».
وقال عبد الغني إن الهدنة «أتاحت للطلاب العودة إلى المدارس مرة جديدة، وهو أمر لم يكن قائمًا خلال فترات المعارك والاشتباكات»، لافتًا إلى أن جزءًا كبيرًا من السكان «بات يشعر بالارتياح نظرًا إلى تراجع وتيرة القصف».
وإلى جانب فتح الطرقات وصيانة المرافق العامة، قال عبد الغني إن أزمة التغذية الكهربائية لا تزال قائمة، موضحًا أن «الصيانة التي طالت الشبكة، لم تفِ بالغرض، ذلك أن المشكلة لا تزال في التغذية رغم أن إصلاح الشبكة الكهربائية المتضررة جراء الأعمال الحربية في مناطق سيطرة المعارضة».
وتوصل طرفا النزاع في سوريا إلى اتفاق وقف الأعمال العدائية في 27 فبراير (شباط) الماضي، هو الاتفاق الأهم والأكثر فعالية منذ بدء الحرب السورية قبل خمس سنوات، ولا يزال صامدًا رغم الخروقات المحدودة التي تسجل يوميًا.
وتحت اسم حملة «معًا لإعادة الحياة»، وفي سبيل «إعادة الأمل بعد معاناة طويلة عاشها أهالي الغوطة الشرقية بين الركام وتوقف نبض الحياة»، نشر ناشطون في ريف دمشق، صورًا تظهر عناصر الدفاع المدني تقوم بأعمال صيانة للطرقات الرئيسة، وتزيل الركام الناتج عن الأعمال الحربية في بلدات حمورية وزملكا والمرج وزبدين وحمورية وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. كما أظهرت الصور عناصر من الهيئات المدنية تروي المزروعات والأشجار في مناطق سيطرة المعارضة، كجزء من الاهتمام بالبيئة، وهي نشاطات كان يتعذر حصولها قبل إعلان اتفاق وقف الأعمال العدائية.
وأزال فريق الدفاع المدني في مدينة زملكا الكتل الإسمنتية المتدلية من الأبنية السكنية التي تعرضت للقصف الجوي خلال الفترة الماضية خوفًا من سقوطها على المارة. واستكمالاً لأعمال إزالة الأنقاض والمخلَّفات الناجمة عن القصف على المدينة، واصل الفريق عمليات إزالة الأنقاض وترحيلها وإزالة بقايا الركام.
وأعلن ناشطون في ريف دمشق انطلاق المرحلة الثانية من مشروع تأهيل الطرقات والمرافق العامة في مدينة الرحيبة، وذلك بإصلاح لواحق الكهربائية والطرقات المحيطة بها.
كما شرع فريق الدفاع المدني في توزيع المياه على أهالي مدينة جيرود في القلمون بعد قطع النظام الكهرباء عن آبار المياه المغذية للمدينة. وانسحبت أعمال المجالس المحلية في ريف دمشق، على الأعمال في الشمال، حيث أكد نائب رئيس مجلس محافظة حلب الحرة منذر سلال لـ«الشرق الأوسط»، أن الهدنة «منحت المجالس المحلية فرصة لوضع استراتيجية عمل وخطة استباقية لأزمات محتملة، وذلك عبر استصلاح المناطق الزراعية وحفر آبار المياه تحسبًا لانقطاع المياه في حال تجددت المعارك، إضافة إلى تجهيز مواد غذائية وطبيعة وتخزينها وتجهيز المستشفيات ورفدها بالأدوية اللازمة». وقال سلال: «المجالس المحلية اعتادت العمل في أقسى الظروف، لكن الهدنة منحتنا قدرة أكبر على التحرك، فضلاً عن أن قطاع التعليم والتربية بات أكثر فعالية، بسبب الأمان الذي حظيت به معظم مناطق المعارضة، فيما بقيت بعض الطرقات غير آمنة كونها تتعرّض لقصف جوي بين وقت وآخر، وبينها طريق الكاستيللو في حلب، بذريعة أنه يستخدم من قبل جبهة النصرة التي يستثنيها اتفاق الهدنة».
وتابع عناصر المجلس المحلي المعارض عملهم في صيانة الأضرار التي خلفها القصف الروسي والنظامي على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة بحلب، مستغلين بذلك الهدوء النسبي الذي تشهده المنطقة، مع الهدنة بين القوات النظامية والمعارضة.
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن مدير المكتب الإعلامي في المجلس عز الدين العطار أن شعبة المياه والصرف الصحي في المجلس، أصلحت خطًا للصرف الصحي بطول 15 مترًا وعمق متر ونصف المتر في حي السكري في الجهة الجنوبية من حلب، وذلك بعد خروجه عن العمل بسبب انفجار سيارة مفخخة منذ أكثر من ثلاثة أشهر في الحي.
كما أعادت شعبة الكهرباء في المجلس، تأهيل محول الكهرباء في حي الفردوس، الذي يغذي الحي بالكهرباء، عقب تضرره بالقصف الجوي الروسي منذ أكثر من شهر.
وأكد العطار أنّ المجلس يقوم بعدة نشاطات يومية في المدينة منها، تنظيف الأحياء وتوزيع مياه الشرب لعدد منها، إضافة إلى ضبط أسعار الخبز وتوزيعه على المواطنين ومراقبة الأفران.



لجنة الاتصال العربية: ندعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

لجنة الاتصال العربية: ندعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.