مستشارة الأمن القومي الأميركية السابقة: سياسات أوباما مع طهران خيانة لدول الخليج

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن الرياض «حذرتنا من خطورة إيران ولم نلتزم بالنصيحة» * أمن الولايات المتحدة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمن حلفائنا في المنطقة

فرنسيس تاونسند ({الشرق الأوسط})
فرنسيس تاونسند ({الشرق الأوسط})
TT

مستشارة الأمن القومي الأميركية السابقة: سياسات أوباما مع طهران خيانة لدول الخليج

فرنسيس تاونسند ({الشرق الأوسط})
فرنسيس تاونسند ({الشرق الأوسط})

أكدت مستشارة الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش أن المملكة العربية السعودية حذرت واشنطن من خطر إيران ولم تستجب الإدارة الأميركية لتلك النصائح. وأعربت فرنسيس تاونسند التي ترأست مجلس الأمن القومي للسياسات المتعلقة بمكافحة الإرهاب عن تعاطفها بما تشعر به الدول العربية وفي مقدمتها السعودية من تراجع في سياسات إدارة الرئيس باراك أوباما تجاهها.
وسبق لتاونسند أن شغلت منصب نائب مساعد الرئيس ونائب مستشار الأمن القومي لمكافحة الإرهاب. وفي وقت لاحق، أصبحت محللة موثوقاً بها، لشؤون الأمن والقضايا الخارجية على الشبكات التلفزيونية الإخبارية الأميركية، مثل CNN. كما تشغل أيضًا منصب رئيس «مشروع مكافحة التطرف».
في هذه المقابلة، تناقش تاونسند تجربتها مع السعودية ودول عربية أخرى، وتعبر عن وجهة نظرها في إدارة أوباما والرئيس الأميركي المقبل فيما يرتبط بمجال السياسة الخارجية، ومنظورها الخاص على إيران والصراعات في اليمن وسوريا وأماكن أخرى. وفي ما يلي نص الحوار:
* ما هي وجهة نظركم العام تجاه سياسات البيت الأبيض مع حلفاء واشنطن التقليديين في العالم العربي؟
- أنا متعاطفة جدًا مع ما تشعرون به في المنطقة، في مقدمتها السعودية، من أن سياسات أوباما بمثابة نوع من الخيانة لهذه العلاقات التاريخية بين البلدين. في جهات كثيرة، كان أمننا وأمن حلفائنا في المنطقة مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا. لقد حارب السعوديون بجانبنا ضد الإرهاب، وكانت السعودية، من حيث مكافحة الإرهاب من بين أقوى حلفائنا وأكثرهم قدرة في المنطقة ضد تنظيم «القاعدة».
والآن، في الوقت الذي يشعرون فيه بأنهم محاطون ومهددون بشكل كبير من الإيرانيين، يشعرون بأن حليفهم التاريخي، الولايات المتحدة، قد انحازت الآن مع العدو الذي حذرتنا منه السعودية ولم تلتزم إدارة أوباما بالنصيحة.
فالمسألة في المنطقة من وجهة نظري معقدة. لقد قال لي مسؤول خليجي كبير: «انظروا إلى ما حدث لمبارك، الذي كان حليفكم، وتخليتم عنه». قارن هذا مع ما تقوم به روسيا للأسد في سوريا - رغم تجاوزاته في حق شعبه وخرقه للمواثيق الدولية. إن هذا وقت صعب بالنسبة للأسد، ولقد وقفت روسيا مع حليفتها. نحن لا نريد استبدال الشراكة الأميركية بالروسية. ولكن يمكنكم فهم ما يقوله الناس في المنطقة، على الأقل هم أوفياء لحلفائهم.
* في المناسبات العامة التي شاركت فيها منذ رحيلك من الحكومة، كنت تقومين بدعوة الولايات المتحدة إلى العمل مع الأطراف الإيرانية المعارضة لحكومة رجال الدين في طهران، بما في ذلك مريم رجوي التابعة لمنظمة مجاهدي خلق. ما هو المقابل الذي ترينه عوضًا عن اختيار أحد الجانبين في الصراع بين النظام ومعارضيه؟
- أعتقد أن التاريخ يظهر أننا كأميركيين، لسنا جيدين في محاباة أحد الجانبين في البلدان الأخرى، حتى ولو كانت نياتنا حسنة. أنا معجبة جدًا بالمبادئ الديمقراطية التي تعبر عنها مريم رجوي – ولكنها تمثل مجموعة واحدة فقط من المعارضة الإيرانية. لقد كنت من أشد المدافعين عن فكرة أننا بحاجة إلى تشجيع المعارضة الإيرانية بمختلف أطيافها. أعتقد أن الرئيس أوباما خسر فرصة نادرة أثناء الثورة الخضراء في إيران. نحن بحاجة إلى بذل ما هو أكثر من التعبير عن دعمنا، هناك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. هناك طرق سرية وعلنية يمكننا من خلالها دعم جماعات المعارضة، كان يجب علينا فعل هذا. فالجانب الوحيد الذي نعلم أنه لا يمثل قيمنا ومبادئنا هو النظام نفسه، إنه يزعزع الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
* ولكن الولايات المتحدة وضعت منظمة مجاهدي خلق في الماضي على قائمة المنظمات الإرهابية؟
- هذا صحيح، وقلنا لهم إننا لن نتعامل معها ما لم تنبذ الإرهاب وتتخلى عن أسلحتها. وقد فعلت ذلك، وبعد مرور عدة سنوات تم شطبها من قائمة الإرهاب. بالتأكيد، يجب على الأميركيين أن يكونوا حذرين عند اختيار جانب ما، إنه دائمًا اختبار صعب، وتحد للحصول على ما يكفي من المعلومات تجعل المرء يشعر بالراحة. بعد ذلك، هناك كثير من هذه الجماعات يتميز بقاعدة تأسيسية قوية وقدرة عالية وأهداف من النوع الذي يمكننا دعمه. إنها حقا مسألة إيجاد سبل لمساعدتها على بناء قدراتها الذاتية، أي مساعدتهم على ظهور إعلامي أكبر.
* إذا اعتمدت الولايات المتحدة سياسة «اختيار أحد الجانبين» ما هو المعيار الذي ينبغي أن يوجه هذه الخيارات؟
- عندما تدعم الولايات المتحدة جماعات معارضة، فهذا لأننا نرى أنه من مصلحتنا دعم الجماعات التي تسعى إلى إرساء مبادئ الديمقراطية وحرية التعبير وحرية الدين. أنا لا أعتقد أنه عليك أن تكون حذرًا في اختيار أحد الجانبين. أعتقد أن العالم يتوقع من الولايات المتحدة أن تكون صريحة حول تحديد من هم أصدقاؤها وحلفاؤها، ومن هم أعداؤها، يُعد هذا الوضوح من الفضائل والأمور الجيدة. وهكذا ينبع بعض الإحباط المفهوم في المنطقة من وجهة نظرنا غير الواضحة. يمكن للرئيس أن يقول إنه داعم للثورة الخضراء. ولكن لا يمكنه القول ببساطة، على سبيل المثال، أن نظام الأسد يجب أن يرحل، ويأسف على إبادة المدنيين السوريين، وألا يفعل شيئا حيال ذلك. أنا أدعم جدًا أنه يجب على المرء أن يعبر عنه موقفه، بطريقة تتفق مع مبادئنا، ويختار أحد الجانبين. قد يكون المرء مخطئًا، ويجب عليه عندئذ أن يعترف باتخاذ قرار غير حكيم، ولكنني أعتقد هذه ليست الطريقة التي اختار الرئيس أوباما إدارة سياسته الخارجية.
* أشرت إلى أهمية اتخاذ الخيارات القائمة على المبادئ الديمقراطية. ولكن ماذا عن الحالات التي قد تؤدي العملية الديمقراطية فيها إلى انتخاب رئيس ديكتاتور، أسوأ ممن جاء قبله؟
ج: إن الأمر كلعبة شطرنج ثلاثية الأبعاد. يجب أن يحظى الناس بالأمان والاستقرار قبل أن يسألوا عن حقهم في التصويت. يجب أن أعرف أنني آمنة في بيتي، وأن أولادي في أمان. يجب أن تكون هناك بيئة آمنة أساسية يمكن البناء عليها. في مناطق الصراع، يكون السؤال الأول دائمًا هو كيف نتمكن من توفير تلك البيئة الآمنة، إما بمفردنا أو بمساعدة حلفائنا؟ من نواح كثيرة، نكون أعظم قوة عندما نعمل من خلال ائتلاف. ولكن يجب عليك أن تخطط، بينما تعمل على توفير بيئة آمنة، يجب أن تكون قد خططت بالفعل لما هو مطلوب لبناء مجتمع مدني وراء ذلك.
* ننتقل إلى المرشحين البارزين في الانتخابات الرئاسية، ماذا نتوقع، على سبيل المثال، من هيلاري كلينتون في مجال السياسة الخارجية حال انتخابها رئيسة؟
- عندما كانت وزيرة للخارجية، مثل كل وزير للخارجية قبلها وبعدها، كان لديها بعض النجاحات وبعض الإخفاقات. مما نعرفه أثناء عملها في إدارة أوباما، كانت بشكل عام أكثر تشددًا من الرئيس. إذا كانت مؤمنة حقة بتوجهاتها، ومن خلال مواقفها السياسة الخارجية التاريخية، أعتقد أنه ينبغي علينا توقع سياسة خارجية أكثر صرامة؛ أي وضوح أكثر واستعداد أكبر لاتخاذ القرارات واختيار أحد الجانبين. لا يمكننا أن نعرف على وجه اليقين، ولكنني أعتقد أن هذا ما أوحى به خطابها عن الأمن القومي في مجلس العلاقات الخارجية.
* وماذا عن دونالد ترامب حال انتخابه رئيسًا؟
- أعتقد أن الكثير مما كان يقوله ضار جدًا على قدرتنا على العمل في العالم مع حلفائنا. إذا أدليت بهذه التصريحات الحادة وتم انتخابك، فسيكون إقناعك الحلفاء للعمل معك طريقًا صعبًا.
* ما الخطوات التي سيتوجب على الرئيس المقبل اتخاذها من أجل استعادة التحالفات العربية التقليدية لأميركا؟
- من وجهة نظري الشخصية، تتطلب استعادة التحالفات استعادة الثقة، حتى قبل أن تتمكن من بناء العلاقات. وبينما حقق الرئيس أوباما الكثير في السياسات المحلية، إلا أن الأضرار التي لحقت بالكثير من حلفائنا التقليديين في المنطقة لها أصل تاريخي وليست معزولة. ليست فقط علاقتنا مع شركائنا السعوديين التي تضررت، ولكن أيضًا مع الإماراتيين والبحرينيين. هناك الكثير من العلاقات التي تضررت. إذا أردت أن أقول إنني أريد استعادة ثقتهم، يجب أن تعود وتنظر إلى أشياء معينة وتتأملها، مثل قدرتهم على حماية أنفسهم. تتعلق الأمور بالمعدات العسكرية ومناورات الدفاع في المنطقة، أي وجودنا في المنطقة. يجب علينا أن نستثمر في الشرق الأوسط؛ وإلا فسنفقد حلفائنا التقليديين لصالح النفوذ الروسي، إذا واصلنا المسار الحالي، وأعتقد أن هذا أمر خطير للغاية، وأعتقد أن هذا هو بالضبط نتاج سياستنا الخارجية، إن غيابنا أتاح فرصة استطاعت روسيا استغلالها.
* ما المخاوف الأساسية لديك حول كيفية تطور المنطقة أثناء فترة تراجع التدخل الأميركي؟
- أنا قلقة للغاية من الانتشار النووي في المنطقة. في ضوء الاتفاق مع إيران، لا مجال للشك على الإطلاق في أن حلفاءنا في الخليج ينظرون فيما إذا كانوا بحاجة إلى القدرة النووية في منطقة الخليج أم لا. فإذا حصلت الإمارات على الموافقة على الطاقة النووية المدنية، فبالتأكيد لن تكون وحدها.
* ما الرد الذي ينبغي على الولايات المتحدة قوله، في رأيك، إذا رغب بعض من حلفائها العرب التقليديين في إنشاء برامج أسلحة نووية خاصة بهم؟
- إنصافًا لدول الخليج، لا يمكن أن يمتلك الجيران الفارسيون القدرة النووية بينما يُتركون بلا قدرة نووية وبلا حليف. وإذا اتخذت قرارا بتزويدهم بالقدرة النووية، فيجب القيام بتحليل مدروس حول كيفية ذلك بطريقة تجعلك تشعر بالأمان. أفضل ألا تكون إعادة تدوير الوقود داخل منطقة الخليج، وفعل هذا في الخارج، سواء في روسيا أو الولايات المتحدة. يجب أن تكون هناك مجموعة من الإجراءات الأمنية حول هذه المنشآت «النووية» تعطينا الثقة بعدم سرقة المواد أو اختفائها، إلى جانب وجود محيطات أمنية غير قابلة للاختراق.
* فيما يتعلق بالأزمة السورية، ما هو النهج السياسي البديل الذي ينبغي على رئيس الولايات المتحدة المقبل اتباعه؟
- أنا لا أعتقد أنه ينبغي عليك منع خطوط الإمداد الخاصة بالأسد. ولكنك بالفعل في حاجة إلى منطقة آمنة على الأراضي السورية. وفي الوقت نفسه، أعتقد أن علينا أن نكون جادين مع التقارير الأخيرة حول استخدام «داعش» لأسلحة كيماوية. نحن نعلم أن هناك مزاعم قديمة ومستمرة في هذا الشأن. نحن حقًا بحاجة إلى وضع خطوط حمراء يجب عدم تجاوزها. وقبل أن تضعها، يجب أن يكون لديك ائتلاف يفهم ويوافق مقدمًا، ما هو الدليل على تجاوز تلك الخطوط، وما الذي يمكنك فعله، عندها تكون قد وضعت خطوطًا حمراء. وأعتقد أن هذا يتطلب التنسيق مع الكونغرس؛ لا بد أن يمتلك الرئيس صلاحية التصرف، ويجب عليه القيام بذلك. هذا ما سيعيد مصداقية الولايات المتحدة في المنطقة. كما أن لهذا ميزة إضافية تتمثل في إرسال رسالة إلى النظام الإيراني. أقول لكم أيضًا، بعد رؤية ما حدث في العراق، إنني قلقة حول أفغانستان، فمع نمو حركة طالبان مجددًا وانسحاب القوات الأميركية، نحن على وشك فقدان جميع المكاسب التي حققتها إدارة بوش، وجزء مما حققته إدارة أوباما، إذا قمنا بانسحاب شامل للقوات من أفغانستان. يجب أن نتخذ قرارنا ونحدد أهدافنا وأمورنا، هناك أهداف على المدى القريب وأخرى على المدى الطويل؛ نحن غالبًا ما نصبح مشتتين لأن توقعاتنا قصيرة المدى؛ فإزالة الديكتاتور، والتخفيف من المعاناة الإنسانية، هدفان قصيرا الأجل؛ لا يمكن أن تكون هذه نهاية القصة. وإذا كان الأمر كذلك، فأنت مرة أخرى تُنشئ هذا الفراغ الذي يلتهم كل شيء. إذا لم يقم الأشخاص الصالحون، قوى النوايا الحسنة، بسد هذا الفراغ، فسوف يملأه الشر. لا يرتبط هذا بأي رئيس أو إدارة، لقد رأينا هذا في إدارتين. وعلينا أن نفهم أنه يجب ألا ننخرط ونتدخل في أي أمر، إلا إذا كنا مستعدين للعمل على الأهداف قصيرة وطويلة الأجل.
* ما رأيك في احتمالية دخول القوات السعودية والتركية إلى الحرب البرية في سوريا؟
- أعتقد أنه في تلك البيئة لن يكون دخول قوات حلا في حد ذاته. هذا مكون واحد في استراتيجية شاملة. يجب علينا حصر الأسد في البر. يجب الاستحواذ على أنظمة الدفاع الجوي والمطارات حتى لا يتمكن من قصف شعبه بالبراميل المتفجرة قبل أن نوفر منطقة آمنة للاجئين. هناك عدد من الخطوات التي تحتاج إليها في جزء من استراتيجية عسكرية قبل إدخال القوات البرية، ولكن هناك دور مهم تقوم به القوات البرية، حيث ستحتاج إليها لحماية منطقة آمنة للاجئين.
* هل يمكنك أن تخبرينا عن انطباعاتك عن موقف السعودية في المنطقة في الوقت الحالي، مع الإشارة تحديدا إلى التحديات الأمنية التي تواجهها؟
- تواجه السعودية تهديدين متنافسين على طرفي نقيض. تشكل إيران تهديدا بالتأكيد، بسبب سلوكها العدائي في المنطقة وفي ظل وجود وكلاء لها يحيطون بالسعودية. أما التهديدات المتنامية الأخرى داخل المملكة فتتمثل في «داعش». عندما واجهت السعودية تحديات داخلية تغلبت عليها بنجاح. في الفترة الأخيرة فقط أصدروا مذكرات توقيف لعدد من أعضاء داعش الذين قتلوا فردا من قوات الشرطة السعودية. أشعر باحترام بالغ تجاه السعودية، فهي تخوض معركة خارجية مع الإيرانيين، وما يشبه معركة داخلية مع من كانوا بقايا من تنظيم القاعدة، كما أن لديها شرطة تتمتع بالكفاءة. وكانت لدي تجربة طويلة معهم، لذا أحترم بشدة إمكاناتهم.
* يدور جدل في الولايات المتحدة حول الحرب في اليمن، فما رأيك؟
- لقد أمضيت فترة طويلة في اليمن، وأشعر بالأسى. لم يكن اليمن دولة ثرية مطلقا، ولكنه بلد جميل مطل على ساحل البحر الأحمر، وهناك أيضًا ساحل جنوبي، لذلك أشعر بالحزن، نظرا لأنه بلد يتمتع بالإمكانيات. يجب علينا أن نحقق الاستقرار في اليمن، وأرى أن ما يريده السعوديون لليمن هو الاستقرار. وهم موجودون هناك فقط بسبب تهديد العدوان الإيراني، في كل من اليمن وعلى طول حدودهم الجنوبية. في ظل الاتفاق الإيراني الحالي، قد نكون في الولايات المتحدة في موقف يساعد على التوسط من أجل تسوية سياسية، وقد يكون في إمكاننا تأدية دور في تلك المفاوضات. أضيف أيضًا أن هناك جانبا آخر مشرقا نراه في ما يتعلق بالقدرات العسكرية في الحرب، وهو نشر قوات من الإمارات. لم يتم نشر قوات إماراتية من قبل في الخارج أو القيام بعمليات عسكرية في الميدان. وكان أداؤها رائعا. عودة إلى دورنا كأميركيين في الشأن اليمني، أعتقد أنه من المهم لنا التدخل، لأنه في حين يستمر الصراع في اليمن، المستفيدون الوحيدون منه هم الإرهابيون. إنهم أعداؤنا، وهم موجودون في مساحة غير خاضعة لحكومة. وبالإضافة إلى الدور الإيراني، يشكل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية تهديدا للأراضي الأميركية، لذا أعتقد أن من مصلحة أمننا القومي أن يتحقق الاستقرار هناك، وأن تنصب حكومة مركزية حتى لا يتمتع الإرهابيون بالحرية المطلقة.
* كيف كانت تجربتك كسيدة شغلت منصبا رفيعا في إدارة بوش في السعودية ودول عربية أخرى؟
- أعتقد أن هناك سوء فهم لدور المرأة في الشرق الأوسط. لقد وجدت أن النساء اللاتي تحدثت معهن يمتلكن نفوذا هائلا، ولكن بطريقة مختلفة. في السعودية، قال أحد الشخصيات الرفيعة إنني أتمتع بأفضل ما في العالمين، لأني ألقى معاملة سياسية وجادة مثل أي رجل قوي، ولكن في الوقت ذاته أجد أسلوب اللطف الذي تعامل به السيدات. كانوا يضعون أزهارا وشوكولاته في غرفتي، وكانوا لطيفين للغاية معي، ولكن بطريقة لا تقلل من قدرتي على أداء عمل بالغ الجدية والحديث في موضوعات جادة أيضا. لم يكن الأمر يشكل عقبة أمامي على الإطلاق، وكنت أشعر بأني أفضل حالا على عكس الدبلوماسيين الرجال ومسؤولي الاستخبارات والجيش (زملائي من الرجال)؛ إذ كانت لي بالفعل نظرة أشمل كثيرا للمجتمع السعودي، لأني كنت أستطيع حضور مجالس النساء أيضًا والجلوس معهن للعشاء والتحدث معهن، مما لا يتاح للرجال، وكذلك كنت أجلس مع الرجال وأطرح عليهم الأسئلة. أرجو أن يعم السلام في المنطقة. بعد أن سافرت إلى كثير من الدول العربية، كامرأة، كنت أسأل النساء دائما، في كل مكان أذهب إليه في المنطقة: ما أهم شيء بالنسبة لكنّ وما أكثر ما يهمكن؟ وكانت الإجابة: أمن وسلامة زوجي وأبنائي، أن يتلقى أبنائي التعليم وأن يتمتعوا بالصحة والعافية.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.