كشف وزير الاتصالات بطرس حرب، عن ضبط الفرق الفنية في وزارته «محطات إنترنت غير شرعية تتولى تزويد مقرات ومراكز رسمية حساسة بخدمات الإنترنت وأحيانًا مجانًا». لافتًا إلى أن «الخطورة في الأمر هو ضلوع شركات إسرائيلية في تزويد هذه المحطات باحتياجاتها»، مؤكدًا أن «تفاصيل هذه القضية وضعت في يد القضاء والأجهزة الأمنية والمسؤولين»، في حين بدأت النيابة العامة التمييزية تحقيقاتها في هذه القضية، وكلّفت قسم المباحث الجنائية المركزية إجراء التحقيقات الأولية، وتحديد هوية أصحاب هذه المحطات والمسؤولين عن تشغيلها، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
هذه القضية أخذها على عاتقه النائب العام التمييزي في لبنان القاضي سمير حمود، الذي أعلن أن «الاستجوابات ستبدأ يوم الجمعة (غدًا) أمام المباحث المركزية». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيشرف شخصيًا على التحقيق في هذا الملف الخطير. وقال: «القضاء سيتعاطى بشكل جدّي وحاسم مع هذه القضية التي لا تقتصر خطورتها على انتهاك السيادة الوطنية فحسب، إنما تشكل خطرًا مباشرا على المؤسسات الرسمية وانتهاك سرية عملها لصالح شركات ومؤسسات خارجية»، لافتًا إلى أن «التحقيق سينطلق من معطيات وتقارير فنية وعلمية قدمتها وزارة الاتصالات، وبالتالي فإنه سيطال كل من له علاقة بهذا الملف ولا غطاء فوق رأس أحد أيًا كان». نافيًا في الوقت نفسه توقيف أي شخص حتى الآن، مشيرًا إلى أن «التحقيق هو من يحدد المسؤوليات، والإجراءات التي ستتخذ في ضوئها».
وقال حرب في مؤتمر صحافي عقده أمس: «أصبحنا أمام حادث خطير جدًا، بما يمثله من تهديد للأمن الوطني، ولا سيما أنّ المعلومات المتوافرة تُشير إلى ضلوع شركات إسرائيليّة في تزويد محطّات التهريب باحتياجاتها، وخطير لأنّ هذه المحطات تتولى تزويد مقرّات ومراكز رسميّة حسّاسة بخدمات الإنترنت، ومجّانًا في غالب الأحيان»، لافتًا إلى أن «هذه المحطّات غير الشرعيّة تعتدي على القوانين وعلى المال العام، وعلى حقوق شركات القطاع الخاص الشرعيّة لأنّ الخسارة الناجمة عن تشغيل محطّات التهريب تقارب سنويا إلى 60 مليون دولار».
أضاف: «كشفنا الجريمة، وصادرنا أدواتها، ونحن مستمرّون في متابعة امتداداتها، إن وُجدّت، ولقد وضعنا الوقائع بتفاصيلها في يد القضاء والأجهزة الأمنيّة والمسؤولين الرسميين، ولن نقبل بأقل من تطبيق القانون في حق المرتكبين والمخالفين، وإنزال أشدّ العقوبات بهم، وبمن يحميهم»، معتبرًا أن «هناك مجموعات قررت استباحة السيادة والوطنيّة ومرفق الاتصالات العام، ومخالفة القوانين التي تحمي المصالح العليا الوطنيّة، وحق الدولة اللبنانيّة في ضبط حصريّة مرافقها العامّة، لأنها تمسّ الأمن الاقتصادي للدولة، والأمن القومي للبنان، وتمس أمن المعلومات الخاصة والشخصية للمواطنين، والتي لا بدّ، من أجل مكافحتها ومحاربتها ومحاسبة المرتكبين، من تضافر جهود كل الفرقاء المعنيين: المسؤولين السياسيين والمؤسسات الدستوريّة والوزارات والنيابات العامة والأجهزة القضائية، من ضابطة عدلية وأدلة جنائية وأجهزة أمنية وأجهزة تقنية مختصة».
وأوضح أن «الفرق الفنية المختصة العاملة في وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو، وبعد تحقيقات ميدانية، اكتشفَت منشآت وتجهيزات تقنية وأنظمة معلوماتية، ومعدات تقنية وصحون لاقطة ومحطات أرضية وأنظمة اتصالات لاسلكية، والكثير من أنظمة المسارات الدولية، ومحطات للطاقة، وتحويل الطاقة البديلة وبطاريات، ومولدات كهربائية، ومنشآت مدنية، وأبراج معدنية شاهقة، في مواقع مختلفة في أعالي قمم الجبال اللبنانية (كجرد الضنية، جرد النجاص، فقرا، عيون السيمان، والزعرور)، تعمل من دون ترخيص، أو علم وزارة الاتصالات والإدارات والسلطات اللبنانية الرسمية، ما يشكل اعتداءً فاضحًا على سيادة لبنان وأمنه القومي».
أضاف: «لقد بلغت السعة الإجمالية للمعابر الدولية غير الشرعية 40 غيغابيت بالثانية تقريبًا، أي ما يعادل 600.000 خط هاتفي دولي، ما يعرّضنا لخسارة ماليّة، تبلغ بالنظر للمعدات التي ضبطناها لغاية الآن فقط، ما يعادل خمسة ملايين دولار شهريًا».
وتابع وزير الاتصالات: «فور اكتشاف هذا الأمر وبالنظر لخطورته، اتصلتُ فورًا بكل من رئيس مجلس النوّاب (نبيه بري) ورئيس مجلس الوزراء (تمام سلام) وقائد الجيش (العماد جان قهوجي)، وأبلغتهم بالأمر، كما أبلغتُ اللجنة النيابيّة للإعلام والاتصالات، الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وزارة الداخلية والبلديات، مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، المديرية العامة للأمن العام، المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بما فيها شعبة المعلومات ومكتب مكافحة جرائم المعلوماتية)، بالإضافة إلى المديرية العامة لأمن الدولة، وقمت بعرض جوانب هذه القضية ومخاطرها، وعدد من المعلومات السرية الدقيقة والحساسة المرتبطة بها، أثناء مداولات اللجنة النيابية للإعلام والاتصالات».
وأشار حرب إلى أن «لبنان أمام منظومة أخطبوطية مترامية الأطراف والقدرات، استطاعت إيصال تجهيزات تقنية ثقيلة إلى قممٍ بعيدة وشاهقة في سلسلة جبال لبنان الغربية، وبناء منشآت حديدية وإسمنتية في مناطق لا تصل إليها الطرق المعبدة، ولا حتى الطرق الترابية، ولا تصل إليها التجهيزات والمواد إلا سيرًا على الأقدام، ما يعني أنها مدعومة وقادرة على تعطيل دور الأجهزة الأمنيّة في الرقابة».
وزير الاتصالات وصف المحطات المذكورة بأنها «منظومة مقتدرة وواصلة، ذات خبرة واسعة، اعتادت ارتكاب هذا النوع من الجرائم، واكتشفنا أيضًا أنّ بعض مرتكبي هذه الجرائم سبق وكانوا متورّطين في عامي 2009 و2010 في فضيحة محطة الباروك المتعاملة مع إسرائيل، وقد صدر بحقهم أحكام وعقوبات عن المحكمة العسكرية، لكن المستغرب أنّ هؤلاء الأشخاص استطاعوا معاودة نشاطاتهم المخالفة للقانون دون أي خوف أو أي قلق من ملاحقة الدولة لهم».
شركات إسرائيلية تزود مقرات رسمية لبنانية بالإنترنت
النائب العام: وضعنا يدنا على القضية ولا غطاء فوق رأس أحد
شركات إسرائيلية تزود مقرات رسمية لبنانية بالإنترنت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة