الأزهر يستعيد علاقته بالفاتيكان بعد قطيعة 10 سنوات بسبب ربط الإسلام بالعنف

الطيب من ألمانيا: سأزور البابا قريبًا.. وحريصون على دفع الحوار الديني للأمام

الأزهر يستعيد علاقته بالفاتيكان بعد قطيعة 10 سنوات بسبب ربط الإسلام بالعنف
TT

الأزهر يستعيد علاقته بالفاتيكان بعد قطيعة 10 سنوات بسبب ربط الإسلام بالعنف

الأزهر يستعيد علاقته بالفاتيكان بعد قطيعة 10 سنوات بسبب ربط الإسلام بالعنف

في تحرك عده مراقبون بأنه خطوة إيجابية لاستئناف الحوار بين الأزهر، أكبر مؤسسة دينية في العالم الإسلامي، والفاتيكان التي تمثل أعلى سلطة دينية في الغرب، قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب خلال زيارته مقر الأسقفية الكاثوليكية بالعاصمة الألمانية برلين أمس: «سوف أزور بابا الفاتيكان قريبا». بينما قال مصدر مُطلع بالأزهر في القاهرة إنه «فور عقد اللقاء الذي سيكون الأول بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان فرانسيس الأول، سوف يتم الإعلان رسميا عن عودة الحوار الإسلامي المسيحي مرة أخرى، بعد قطيعة دامت 10 سنوات، بسبب ربط بابا الفاتيكان السابق العنف بالإسلام».
وأوقف الأزهر الحوار مع الفاتيكان في أعقاب تصريحات للبابا السابق بندكتس السادس عشر عام 2006، اعتبر فيها أن الدين الإسلامي «يرتبط بالعنف»، كما تعرضت محاولات استئناف الحوار بين المؤسستين الدينيتين لتوتر قوي عام 2011 عقب مُطالبة بابا الفاتيكان السابق بحماية المسيحيين في مصر عقب تفجير طال كنسية القديسين بالإسكندرية، فضلا عن تصريحاته المتكررة المُعادية للإسلام والمسلمين.. ورفضه التراجع عنها».
وكانت احتفالات رأس السنة الكريسماس عام 2011 قد شهدت انفجارا أمام كنيسة القديسين مارى جرجس والأنبا بطرس بمحافظة الإسكندرية، عن طريق انفجاري بعبوة ناسفة، أسفرت عن مقتل 21 وإصابة 80 آخرين، ما دعا البعض في الغرب لاستغلال الأمر، لإشعال التوتر والغضب بين المسلمين والمسيحيين في مصر.
ويقول مراقبون إن «صورة غير حقيقية نُسبت للدكتور الطيب مع البابا السابق بندكتس تسببت في إثارة أزمة نهاية عام 2011، حيث وصفها الأزهر وقتها بأنها عمل غير لائق ويعرقل أي جهود للحوار بين معتنقي الأديان السماوية».. كما دعا وقتها إلى ملاحقة المسؤولين عن نشر تلك الصورة قضائيا.
وعقب ترسيم البابا فرانسيس الأول، بعث الدكتور الطيب برسالة تهنئة باسم الأزهر، وهي الرسالة التي اعتبرتها الفاتيكان «مبادرة سلام» من قبل الأزهر. كما تجددت الدعوة لاستئناف الحوار بين المؤسستين الدينيتين الأزهر والفاتيكان في أعقاب الزيارة التي قام بها البابا في مصر تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إلى الفاتيكان نهاية مايو (أيار) عام 2013.
وأكدت مشيخة الأزهر بالقاهرة عام 2013 أن عودة العلاقات المُجمدة مع الفاتيكان مرهونة بما تقدمه المؤسسة المسيحية من «خطوات إيجابية جادة تُظهر بجلاء احترام الإسلام والمسلمين».
واستهل الدكتور الطيب وهو رئيس مجلس حكماء المسلمين زيارته إلى ألمانيا أمس بزيارة مقر الأسقفية الكاثوليكية بالعاصمة برلين، وذلك بدعوة من أسقف الكنيسة الكاثوليكية، حيث استقبله الأسقف هانس يوخن ياشكه رئيس لجنة حوار الأديان، ممثل الفاتيكان بألمانيا، عميد السلك الدبلوماسي الأجنبي في برلين، وقادة الكنائس الإنجيلية والأرثوذكسية واليونانية، فضلا عن رئيس مركز الحوار الإسلامي المسيحي، والأنبا دميان مطران الكنيسة القبطية في ألمانيا.
وكان الطيب قد تلقى دعوة من رئيس البوندستاج الألماني لإلقاء خطاب عالمي إلى الغرب من البوندستاج الألماني، وأكد الطيب أن «السلام والرحمة مبادئ دينية لا غنى عنها لاستقرار الإنسانية»، موضحا أن القضية الأهم في حياته هي نشر ثقافة السلام في ربوع العالم كافة، مضيفا: «نحن جميعا شركاء في الإنسانية ومن حق كل البشر أن ينعموا بالسلام.. وعلينا بذل كل الجهود من أجل نشر هذه الثقافة بين الناس».
وقال شيخ الأزهر إن الأديان السماوية الثلاثة ترجع في أصلها إلى مصدر واحد، وإن الله سبحانه وتعالى لم يرسل الأديان، إلا ليؤمن للبشرية السعادة في الدنيا والآخرة، مذكرا بمبادرة «بيت العائلة المصرية» ونجاحها في الحفاظ على النسيج الوطني المصري والتماسك بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين.
وتابع: لقد جئت أحمل في قلبي كثيرا من الأمل أن نكون صانعي سلام للعالم الذي ضل السلام، ولإنقاذ البشرية مما يتربص بها الآن، مجددا حرصه على دفع الحوار الديني إلى الأمام، مشيرا إلى أنه ينوي لقاء بابا الفاتيكان في المستقبل القريب.
من جانبه، أكد الأسقف يوخن ياشكه «أهمية البعد الديني في حياة الشعوب»، لافتا إلى أن زيارة شيخ الأزهر إلى الكنيسة هي زيارة تاريخية تؤكد دعم الأزهر للحوار الإسلامي المسيحي لما يحقق صالح الإنسانية جمعاء.
ويقول المصدر المُطلع في الأزهر إن «الحوار لم يقطع مع الفاتيكان، بل كان معلقا فقط»، مشيرا إلى أن «الأزهر قام بإرسال رسالة تهنئة للبابا فرانسيس الأول بعد انتخابه بابا للفاتيكان»، لافتا إلى أن «زيارة الطيب لألمانيا تأتي في إطار جهود الأزهر من أجل نشر السلام في كل المجتمعات وبناء حوار حضاري بين الشرق والغرب يقوم على احترام وتقبل الآخر، وترسيخ مبادئ الديمقراطية والحرية وحق الإنسان في العيش في سلام».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».