في تحرك عده مراقبون بأنه خطوة إيجابية لاستئناف الحوار بين الأزهر، أكبر مؤسسة دينية في العالم الإسلامي، والفاتيكان التي تمثل أعلى سلطة دينية في الغرب، قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب خلال زيارته مقر الأسقفية الكاثوليكية بالعاصمة الألمانية برلين أمس: «سوف أزور بابا الفاتيكان قريبا». بينما قال مصدر مُطلع بالأزهر في القاهرة إنه «فور عقد اللقاء الذي سيكون الأول بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان فرانسيس الأول، سوف يتم الإعلان رسميا عن عودة الحوار الإسلامي المسيحي مرة أخرى، بعد قطيعة دامت 10 سنوات، بسبب ربط بابا الفاتيكان السابق العنف بالإسلام».
وأوقف الأزهر الحوار مع الفاتيكان في أعقاب تصريحات للبابا السابق بندكتس السادس عشر عام 2006، اعتبر فيها أن الدين الإسلامي «يرتبط بالعنف»، كما تعرضت محاولات استئناف الحوار بين المؤسستين الدينيتين لتوتر قوي عام 2011 عقب مُطالبة بابا الفاتيكان السابق بحماية المسيحيين في مصر عقب تفجير طال كنسية القديسين بالإسكندرية، فضلا عن تصريحاته المتكررة المُعادية للإسلام والمسلمين.. ورفضه التراجع عنها».
وكانت احتفالات رأس السنة الكريسماس عام 2011 قد شهدت انفجارا أمام كنيسة القديسين مارى جرجس والأنبا بطرس بمحافظة الإسكندرية، عن طريق انفجاري بعبوة ناسفة، أسفرت عن مقتل 21 وإصابة 80 آخرين، ما دعا البعض في الغرب لاستغلال الأمر، لإشعال التوتر والغضب بين المسلمين والمسيحيين في مصر.
ويقول مراقبون إن «صورة غير حقيقية نُسبت للدكتور الطيب مع البابا السابق بندكتس تسببت في إثارة أزمة نهاية عام 2011، حيث وصفها الأزهر وقتها بأنها عمل غير لائق ويعرقل أي جهود للحوار بين معتنقي الأديان السماوية».. كما دعا وقتها إلى ملاحقة المسؤولين عن نشر تلك الصورة قضائيا.
وعقب ترسيم البابا فرانسيس الأول، بعث الدكتور الطيب برسالة تهنئة باسم الأزهر، وهي الرسالة التي اعتبرتها الفاتيكان «مبادرة سلام» من قبل الأزهر. كما تجددت الدعوة لاستئناف الحوار بين المؤسستين الدينيتين الأزهر والفاتيكان في أعقاب الزيارة التي قام بها البابا في مصر تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إلى الفاتيكان نهاية مايو (أيار) عام 2013.
وأكدت مشيخة الأزهر بالقاهرة عام 2013 أن عودة العلاقات المُجمدة مع الفاتيكان مرهونة بما تقدمه المؤسسة المسيحية من «خطوات إيجابية جادة تُظهر بجلاء احترام الإسلام والمسلمين».
واستهل الدكتور الطيب وهو رئيس مجلس حكماء المسلمين زيارته إلى ألمانيا أمس بزيارة مقر الأسقفية الكاثوليكية بالعاصمة برلين، وذلك بدعوة من أسقف الكنيسة الكاثوليكية، حيث استقبله الأسقف هانس يوخن ياشكه رئيس لجنة حوار الأديان، ممثل الفاتيكان بألمانيا، عميد السلك الدبلوماسي الأجنبي في برلين، وقادة الكنائس الإنجيلية والأرثوذكسية واليونانية، فضلا عن رئيس مركز الحوار الإسلامي المسيحي، والأنبا دميان مطران الكنيسة القبطية في ألمانيا.
وكان الطيب قد تلقى دعوة من رئيس البوندستاج الألماني لإلقاء خطاب عالمي إلى الغرب من البوندستاج الألماني، وأكد الطيب أن «السلام والرحمة مبادئ دينية لا غنى عنها لاستقرار الإنسانية»، موضحا أن القضية الأهم في حياته هي نشر ثقافة السلام في ربوع العالم كافة، مضيفا: «نحن جميعا شركاء في الإنسانية ومن حق كل البشر أن ينعموا بالسلام.. وعلينا بذل كل الجهود من أجل نشر هذه الثقافة بين الناس».
وقال شيخ الأزهر إن الأديان السماوية الثلاثة ترجع في أصلها إلى مصدر واحد، وإن الله سبحانه وتعالى لم يرسل الأديان، إلا ليؤمن للبشرية السعادة في الدنيا والآخرة، مذكرا بمبادرة «بيت العائلة المصرية» ونجاحها في الحفاظ على النسيج الوطني المصري والتماسك بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين.
وتابع: لقد جئت أحمل في قلبي كثيرا من الأمل أن نكون صانعي سلام للعالم الذي ضل السلام، ولإنقاذ البشرية مما يتربص بها الآن، مجددا حرصه على دفع الحوار الديني إلى الأمام، مشيرا إلى أنه ينوي لقاء بابا الفاتيكان في المستقبل القريب.
من جانبه، أكد الأسقف يوخن ياشكه «أهمية البعد الديني في حياة الشعوب»، لافتا إلى أن زيارة شيخ الأزهر إلى الكنيسة هي زيارة تاريخية تؤكد دعم الأزهر للحوار الإسلامي المسيحي لما يحقق صالح الإنسانية جمعاء.
ويقول المصدر المُطلع في الأزهر إن «الحوار لم يقطع مع الفاتيكان، بل كان معلقا فقط»، مشيرا إلى أن «الأزهر قام بإرسال رسالة تهنئة للبابا فرانسيس الأول بعد انتخابه بابا للفاتيكان»، لافتا إلى أن «زيارة الطيب لألمانيا تأتي في إطار جهود الأزهر من أجل نشر السلام في كل المجتمعات وبناء حوار حضاري بين الشرق والغرب يقوم على احترام وتقبل الآخر، وترسيخ مبادئ الديمقراطية والحرية وحق الإنسان في العيش في سلام».
الأزهر يستعيد علاقته بالفاتيكان بعد قطيعة 10 سنوات بسبب ربط الإسلام بالعنف
الطيب من ألمانيا: سأزور البابا قريبًا.. وحريصون على دفع الحوار الديني للأمام
الأزهر يستعيد علاقته بالفاتيكان بعد قطيعة 10 سنوات بسبب ربط الإسلام بالعنف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة