العراق يضطر إلى استخدام التجنيد الإجباري للحد من الطائفية وإعادة هيبة الجيش

لأول مرة بعد الغزو الأميركي وسقوط صدام حسين

عراقي هارب من جحيم «داعش» قبل أن يصل إلى مخيم نازحين في مخمور (رويترز)
عراقي هارب من جحيم «داعش» قبل أن يصل إلى مخيم نازحين في مخمور (رويترز)
TT

العراق يضطر إلى استخدام التجنيد الإجباري للحد من الطائفية وإعادة هيبة الجيش

عراقي هارب من جحيم «داعش» قبل أن يصل إلى مخيم نازحين في مخمور (رويترز)
عراقي هارب من جحيم «داعش» قبل أن يصل إلى مخيم نازحين في مخمور (رويترز)

في مسعى لإعادة الهيبة للمؤسسة العسكرية، الممثلة في الجيش العراقي، والحد من الانقسام الطائفي الذي بات يهدد وحدة النسيج الاجتماعي للبلاد، أعلنت وزارة الدفاع أنه تم إنجاز المسودة النهائية لقانون الخدمة الإلزامية التي من المؤمل تقديمها إلى الحكومة، لغرض إحالتها إلى البرلمان لإصدارها باعتبارها قانونا ملزما للتطبيق. وقالت الوزارة، في بيان لها أمس (الثلاثاء)، إن مشروع القانون يتضمن خمسا وسبعين مادة، مؤكدةً أنه سيحمّلها مسؤوليات توفير إمكانية تطبيقه، كما أنه سيقوض تبعات حلّ الجيش السابق. وأضافت أن «هذا القانون هو القرار المكافئ لحل الجيش العراقي، بمعنى هو القرار الذي يعمد في صياغاته للحد من التداعيات التي أفضى إليها حل الجيش العراقي».
وأوضحت الوزارة أن «سن المكلفية تبدأ من سن 19 لغاية 45 سنة وطبعا بفئات محددة حسب السنوات الدراسية، خريج الابتدائية والمتوسطة الخدمة 16 شهرًا، أما الإعدادية 12 شهرًا، والبكالوريوس تكون المدة 9 أشهر، أما الماجستير والدكتوراه يتم إعفاؤهما من القانون». كما أكدت الوزارة أن «تفعيل هذا القانون سيسهم في القضاء على الانقسامات الطائفية داخل المجتمع، فضلا عن تعزيز الهوية الوطنية للمؤسسة العسكرية». في السياق ذاته، أكدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن قانون الخدمة الإلزامية لن يقر قبل نهاية 2016. وقال عضو اللجنة عن التيار الصدري، ماجد الغراوي، إن «قانون الخدمة الإلزامية سيحتاج إلى وقت طويل لإقراره، وهو بحسب التقديرات لن يقر قبل نهاية 2016»، موضحا أن «القانون أحيل الآن إلى مجلس شورى الدولة، وبعد المناقشة والتعديل سيحال إلى مجلس الوزراء للتصويت عليه، وسيجد طريقه بعد ذلك إلى أروقة مجلس النواب، لغرض دراسة القانون وإبداء الملاحظات عليه ومن ثم يصوت عليه من قبل البرلمان». وأوضح الغراوي أن «تطبيق القانون يحتاج إلى ميزانية خاصة لتوفير معسكرات التدريب والرواتب والطعام وغيرها من الأمور للمتدربين».
من جهته، أكد نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حامد المطلك، وهو ضابط في الجيش العراقي السابق، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدستور العراقي أقر التجنيد الإلزامي مثلما هو معروف في مواده، وما تحتاج إليه هذه المواد هو تنظيمها بقانون، وهو ما يجري العمل عليه حاليا». وأضاف المطلك أن «إعادة العمل بالتجنيد الإلزامي ستكون خطوة مهمة في القضاء على الطائفية وتحقيق المساواة بين جميع المكونات، وهو ما عانيناه طوال السنوات الثلاث عشرة الماضية، حيث ترتب كثير من المآسي على عدم تطبيق الخدمة الإلزامية التي توحد العراقيين وتجعلهم يشعرون أنهم أبناء وطن واحد وتقضي على كثير من الفوارق والأمراض المجتمعية».
وأشار المطلك إلى أن «الخلل في بنية القوات المسلحة التي تعانيها الآن تتمثل في إيقاف العمل بالخدمة الإلزامية التي أصبحت ضرورة ملحة في مثل هذه الظروف».
في السياق ذاته، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة «مستقلون» المنضوية في ائتلاف دولة القانون، محمد الشمري، أن «إعادة العمل بالخدمة الإلزامية بات ضرورة وطنية، كونه سينتج تجانسًا في القوات الأمنية، لأن القانون سيشمل كل العراقيين بغض النظر عن طوائفهم وقومياتهم». وأضاف أن «العمل بهذا النظام بات ضرورة ملحة، ويجب العمل عليه في المرحلة المقبلة لبناء قوات مهنية حقيقية وفق العقيدة الوطنية». وكانت الخدمة الإلزامية إلى العراق أدخلت بصورة جدية وطبقت للمرة الأولى في بغداد ثم بقية المدن العراقية الأخرى، في عهد الوالي مدحت باشا (1869 - 1872)،
واستثني من تلك الخدمة ممن لا تتوافر فيهم الشروط الصحية والمعيلون ورجال الدين من مختلف الأديان والطوائف وطلاب المدارس الرسمية والأهلية والدينية وأساتذتها ومشايخ الطرق الدينية والمزارعون، وقد لاقى تطبيق قانون الخدمة الإلزامية معارضة شديدة، وفي عام 1914 وقبل الحرب العالمية الأولى صدر قانون جديد آخر للتجنيد خفضت بموجبه السن إلى 18 سنة، وأُلغي البدل النقدي والشخصي. وبعد تشكيل الدولة العراقية عام 1921، أقر مجلس الوزراء في السادس والعشرين من مايو (أيار) عام 1921 «قانون التطوع المؤقت للجيش العراقي» الذي تقدمت به وزارة الدفاع، وتم تنفيذ ذلك القانون في الأول من يونيو (حزيران) 1921، وجاء في القانون أن التطوع في الجيش يجب أن يكون بعمر 18 عامًا ولمدة سنتين ونصف السنة للمشاة، وثلاث سنوات للصفوف الراكبة، وفتح مقر التجنيد في بغداد مع 18 دائرة تجنيد في مناطق العراق كافة. وحتى عام 2003 كان التجنيد إلزاميا لفترات تمتد من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، حسب التحصيل الدراسي للملتحق بها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».