حزب الله «يعيد التموضع» في سوريا تزامنًا مع الانسحاب الروسي

الحزب نفى عودة العشرات من عناصره إلى لبنان نهاية الأسبوع

حزب الله «يعيد التموضع» في سوريا تزامنًا مع الانسحاب الروسي
TT

حزب الله «يعيد التموضع» في سوريا تزامنًا مع الانسحاب الروسي

حزب الله «يعيد التموضع» في سوريا تزامنًا مع الانسحاب الروسي

أوجب انطلاق عملية انسحاب موسكو عسكريا من سوريا إعادة تموضع لباقي المجموعات الحليفة المقاتلة في الميدان وأبرزها حزب الله، إذ أفادت المعلومات بعمليات تبديل للعناصر وبعض المواقع بالتزامن مع وصول العشرات من مقاتلي الحزب إلى لبنان نهاية الأسبوع الماضي.
وفيما نفت مصادر مقربة من حزب الله نفيا قاطعا أن يكون بصدد الانسحاب من سوريا، قال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب «أجرى أخيرا عمليات تبديل بالقوات»، مستبعدا تماما أن يكون هناك «أي عملية انسحاب في المدى المنظور باعتبار أن ذلك سيعني انهيار الجبهات». ونشر موقع «جنوبية» اللبناني المعارض للحزب بعد ساعات من إعلان موسكو قرارها سحب قواتها من سوريا معلومات عن أن «المئات من عناصر حزب الله الذين يقاتلون في سوريا بدأوا منذ عصر الأحد بالعودة إلى منازلهم بالضاحية الجنوبية بشكل مفاجئ وكثيف دون سابق إنذار». ولفت الموقع إلى أن «الحزب سيسحب جزءا كبيرا من مقاتليه في سوريا، لكن ليس جميعهم»، مرجحا أن «لا يعلن ذلك بشكل رسمي».
وتحدثت المعطيات عن أن «الانسحاب سيكون من مناطق مثل حلب، لكن الحزب لن ينسحب من دمشق والمناطق المحاذية للحدود اللبنانية مثل القلمون والزبداني». بالمقابل، دعا الإعلام الحربي للحزب في بيان إلى «عدم الانجرار إلى الشائعات التي عمدت الجماعات المسلحة لترويجها منذ صدور قرار روسيا بسحب جزء من قواتها في سوريا مثل انسحاب جزء من مقاتلي حزب الله» وإعلان «جبهة النصرة» الإرهابية بتحضير «هجوم كبير على سوريا خلال 48 ساعة»، مؤكدا أن «كل هذه الإشاعات ليست سوى في إطار الحرب النفسية الفاشلة كما جرت العادة». وطالب الإعلام الحربي وسائل الإعلام «بعدم الوقوع في فخ الترويج لتلك الأكاذيب والشائعات»، مشددا على أنه «تبقى الكلمة الفصل للميدان السوري الذي يحرز تقدما يوما بعد يوم في عزل الإرهابيين وتخبط الدول الداعمة لهم».
وقال علي الأمين، الباحث السياسي المعارض لحزب الله لـ«الشرق الأوسط» إن «ما هو ثابت أن أعداد كبيرة من عناصر الحزب عادوا من الشمال السوري نهاية الأسبوع الماضي وبالتحديد يومي السبت والأحد قبل الإعلان رسميا عن القرار الروسي بالانسحاب»، معتبرًا أن الحزب وبالتالي إيران «منسجمة تماما مع التوجه الروسي - الأميركي وتعمل وفق مقتضيات هذا التفاهم». واعتبر الأمين أن «غياب الغطاء الجوي الروسي شمال سوريا سيستدعي دون شك إعادة انتشار للقوات البرية ومن ضمنها قوات حزب الله»، لافتا إلى أن «استمرار الهدنة وبشكل جدي استدعى أيضًا عودة مجموعات كبيرة من عناصر الحزب». وأضاف: «قد نكون نتجه لوجود للحزب بحد أدنى في سوريا وليس لانسحاب كامل»، مرجحًا أن يبقى وضع الحزب فيما بات يُعرف بـ«سوريا المفيدة» أي في دمشق ومحيطها والمناطق الحدودية مع لبنان على حاله.
بالمقابل، اعتبرت مصادر في قوى 8 آذار مقربة من حزب الله أن الإعلان عن «تخفيض الوجود الروسي» في سوريا هو «مؤشر لانطلاق عملية التسوية التي قد تأخذ وقتا طويلا»، لافتة إلى أن «التأثيرات المباشرة لقرار موسكو تطال فقط أحد عناوين وجودها في سوريا وبالتحديد العنوان العملاني - القتالي، أما العنوان العملاني - الاستراتيجي والعنوان الدفاعي - الردعي فلا مساس بهما، خاصة مع إعلان الكرملين أن نظام إس - 400 للدفاع الجوي سيبقى موجودا على الأراضي السورية تماما كما أهم أسراب الطائرات والأسطول البحري». واستهجنت المصادر الحديث عن إمكانية انسحاب حزب الله من سوريا كخطوة ثانية بعد الانسحاب الروسي، لافتة إلى أن «المرحلة الحالية هي مرحلة الحصاد، فهل يُعقل أن ينسحب الحزب الآن بعد كل التضحيات التي قدمها؟» وأضافت: «حزب الله لن يعود من سوريا قبل أن يطمئن إلى أن وجوده في لبنان غير مهدد وأن طرق إمداده من هناك ليست بدائرة الخطر». وأشارت المصادر إلى أن «استمرار الهدنة ليس مضمونا وبالتالي ترك الجبهات أمر غير منطقي»، لافتة إلى أن «العمليات القتالية انخفضت نحو 50 في المائة منذ انطلاق هذه الهدنة إلا أن ذلك لا يبرر أي عملية انسحاب».
من جهتها، تحدثت مواقع معارضة لحزب الله عن أن «انسحاب عدد من عناصر الحزب غير المبرر، كان قد سبقه قبل أسبوع حشود لعناصره قرب مدينة الزبداني لمعاودة الهجوم عليها بعد انتهاء الهدنة بداية الأسبوع القادم»، لافتة إلى أن «المفاجأة التي فجرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعلانه عن بدء سحب القوة الرئيسية لجيشه في سوريا من أجل تسهيل العملية السياسية لاحقا تطبيقا لاتفاق أميركي روسي، قلب الخطة الحربية لدى حزب الله من هجوم إلى انسحاب». وقد ترافقت التطورات الأخيرة التي شهدها الميدان السوري مع دعوات سياسية بالداخل اللبناني لحث حزب الله على سلوك المسار الروسي بالانسحاب من سوريا، فاعتبر رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان أنّه «أمام إعلان موسكو سحب قوتها الرئيسية من سوريا، بات تطبيق «إعلان بعبدا» عبر انسحاب حزب الله أمرًا ضروريًا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.