السعودية تدين استمرار انتهاكات النظام السوري

السفير طراد: على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته بمساءلة ومحاسبة الأسد ونظامه

السعودية تدين استمرار انتهاكات النظام السوري
TT

السعودية تدين استمرار انتهاكات النظام السوري

السعودية تدين استمرار انتهاكات النظام السوري

أدانت السعودية بأشد العبارات استمرار الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها النظام السوري وأعوانه، من تعذيب وإخفاء ممنهج وتدمير وتشريد وقتل وإرهاب طوال 5 سنوات أدت إلى وقوع نحو 400 ألف قتيل، ونحو مليون جريح، وتشريد ونزوح ولجوء ما يزيد عن 12 مليون شخص، الأمر الذي عدته اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني يصل إلى حد اعتباره جرائم حرب.
وأكد السفير فيصل طراد مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، في كلمة ألقاها، أمس، خلال الحوار التفاعلي لمجلس حقوق الإنسان مع اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا، على موقف المملكة الثابت في الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية، مجددا الدعوة إلى ضرورة قيام المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتحمل مسؤوليته التاريخية لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمساءلة ومحاسبة بشار الأسد ونظامه وأعوانه عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا ودعمهم للإرهاب ونشره في مناطق الجوار، وتقديمهم إلى العدالة الجنائية الدولية.
وطالب السفير طراد بضرورة التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2268، مؤكدًا أن التزام النظام وأعوانه بوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوري الشقيق، سيوفر بيئة داعمة للعلمية السياسية التي بدأت بجنيف تحت رعاية الأمم المتحدة وصولاً لاتفاق كامل مبني على مبادئ «جنيف 1»، الأمر الذي سيحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق لبناء مستقبل جديد لهذا البلد لا يكون لبشار الأسد دور فيه مع التأكيد على المحافظة على مؤسسات الدولة.
وأشار السفير طراد إلى أن السعودية بذلت جهودًا حثيثة بالتعاون مع مجموعة أصدقاء سوريا لتخفيف معاناة الشعب السوري على الأصعدة الإنسانية كافة، حيث بلغ حجم ما قدمته من مساعدات نحو 800 مليون دولار، مشيرًا إلى أن المملكة أسهمت بفاعلية في فريق العمل الذي جرى إنشاؤه طبقًا لبيان ميونيخ لدعم جهود الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة.
وقال مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة: «على الرغم من النجاحات التي تحققت لتخفيف معاناة الشعب السوري، فإننا نعبر عن استيائنا، وندين استمرار النظام السوري في تأخير إجازة تصاريح المساعدات وعدم إجازة المواد الطبية اللازمة للمناطق المحاصرة، وعلى الأخص منطقة داريا التي يحاصرها النظام».
وأضاف أن «المملكة أيدت اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا الذي ترعاه الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية (الرئاسة المشتركة) منذ 27 فبراير (شباط) الماضي. وإننا إذ نرحب بما جرى بذله من جهود للحفاظ على هذه الهدنة على الأخص درجة الالتزام الذي أظهرته المعارضة السورية المعتدلة، فإننا لا يمكن إلا أن نسجل قلقنا الشديد من استمرار النظام والقوات الداعمة له بتسجيل اختراقات يومية للهدنة على الأخص الغارات الجوية واستخدام البراميل المتفجرة، واستغلال فترة الهدنة لحيازة مواقع إضافية».
وفي سياق آخر، أكد مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة أن المملكة تعتز بثوابتها بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية السمحة، التي تضمن العدالة والحقوق والواجبات للجميع بالتساوي دون أي تمييز، وخير دليل على ذلك مستوى النمو والازدهار والتقدم الذي تعيشه المملكة والمجتمع السعودي بكل أطيافه وأفراده من الجنسين، مقارنة مع كثير من دول العالم.
وأوضح السفير طراد في رد المملكة بشأن ما ورد في بيانات عدد من الدول الأوروبية وعلى الأخص كل من ألمانيا وآيسلندا وآيرلندا حول حقوق الإنسان في المملكة، خلال مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف، أن أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة السعودية المطبقة والتزامات المملكة الدولية كفلت عدم انتهاك حق أي إنسان، وبالتالي فإن أي عقوبة تطبق على أي شخص في المملكة هي نتيجة لقيامه بأفعال وجرم يعاقب عليه القانون، وأنه قد تم استيفاء درجات التقاضي وتوفير كل الضمانات لمحاكمة عادلة وشفافة ومعلنة ومفتوحة للجمهور بما في ذلك ممثلو البعثات من الدول المذكورة أعلاه.
وأضاف طراد أنه لا يمكن تحت أي ظرف منح امتيازات أو حصانات لفئة من الناس دون أخرى تحت أي اسم أو أي صفة، فالجميع سواسية أمام القضاء.
وأبان مندوب السعودية في الأمم المتحدة، أن عقوبة الإعدام تنص عليها أنظمة المملكة وقوانينها، وأن هناك العشرات من دول العالم التي لا تزال تطبق هذه العقوبة، على أشد الجرائم خطورة، مثل الإرهاب وتهريب المخدرات، فالأول ينتهك الحق في الحياة بالقتل المباشر والثاني يقتل العقل، وتأثيره أخطر على المجتمعات وأمنها واستقرارها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».