أزمة حماس المالية تطال مصروفات «كتائب القسام» للمرة الأولى

تأخير في الدفع وخصومات على الرواتب دون المساس بالتصنيع العسكري

عمال المحطة التلفزيونية {الأقصى} يتظاهرون أمام مبنى السفارة الفرنسية في غزة احتجاجا على توقيف القناة (أ.ف.ب)
عمال المحطة التلفزيونية {الأقصى} يتظاهرون أمام مبنى السفارة الفرنسية في غزة احتجاجا على توقيف القناة (أ.ف.ب)
TT

أزمة حماس المالية تطال مصروفات «كتائب القسام» للمرة الأولى

عمال المحطة التلفزيونية {الأقصى} يتظاهرون أمام مبنى السفارة الفرنسية في غزة احتجاجا على توقيف القناة (أ.ف.ب)
عمال المحطة التلفزيونية {الأقصى} يتظاهرون أمام مبنى السفارة الفرنسية في غزة احتجاجا على توقيف القناة (أ.ف.ب)

لأول مرة منذ سنوات حكمها الطويلة في غزة، تطال الأزمة المالية لحركة حماس «كتائب القسام»، الذراع العسكرية للحركة والتي طالما كانت خارج ما مرت به الحركة من أزمات مالية. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إنه منذ نحو شهرين، جرى فرض خصومات على رواتب عناصر الكتائب التي أصبحت تصل متأخرة أصلا، وليس كما جرت عليه العادة.
وكانت «القسام» تتلقى رواتب عناصرها مع بداية كل شهر، من دون أي تأخير أو خصومات، خلال السنوات القليلة الماضية، على الرغم من أن الحركة عجزت عن دفع رواتب موظفيها في الحكومة، وفرضت تقليصات على المؤسسات الكبيرة التابعة لها.
وقالت المصادر، إن «(القسام) خط أحمر في حماس، وكانت دائما خارج إطار أي أزمات مالية أو سياسية. لكن الحركة اضطرت منذ شهرين، إلى فرض خصومات على رواتب عناصرها بعدما تعمقت الأزمة المالية». وبحسب المصادر، «طال الخصم العناصر والقادة والمسؤولين في (القسام)».
وتابعت المصادر، «كما قلصت الحركة مصاريف الكتائب بشكل عام، من دون أن يمس ذلك الصناعات العسكرية التي تحظى بأولوية كبيرة».
وتمر حماس بأزمة مالية، منذ أوقفت إيران الدعم المالي عنها، بعد خلافات حول تأييد الحركة للثورة السورية. وتفاقمت الأزمة مع فرض رقابة دولية وعربية وإسرائيلية على الأموال التي تصل إلى قطاع غزة، عبر التحويلات والبنوك، وكانت حماس تستفيد منها بقدر كبير. ووصلت الأزمة ذروتها مع نهاية عام 2014، بعدما بدأت مصر حربا على الإنفاق التجارية، التي كنت تعد رئة حماس والغزيين، وأخذت تغرقها بمياه البحر، ما أوقف دخلا مهولا للحركة.
وقد اضطرت حماس إلى التخلص من أعباء رواتب موظفيها الحكوميين، بعد مصالحة مع فتح، مطالبة السلطة باعتمادهم ماليا، وقلصت عدد موظفي مؤسساتها العملاقة، ومن بينها الجامعة الإسلامية مثلا، ووعدت الموظفين الذين تدين لهم بالأموال، بتوزيع أراض حكومية عليهم بدلا من الأموال.
وتسعى حماس الآن، إلى استعادة العلاقة مع دول كانت تقدم لها الدعم المالي ومن بينها إيران. لكن الخلافات في المواقف السياسية تجعل استعادة العلاقة مسألة معقدة.
وكانت إيران عرضت على حماس، استئناف الدعم المالي، مقابل تصدير مواقف مؤيدة لها، في خلافها مع السعودية حول اليمن وسوريا، لكن حماس رفضت العرض. كما تسعى حماس للتقرب من دول الخليج العربي، في محاولة لإيجاد تمويل بديل.
وتحصل حماس على تمويل، اليوم، من قطر وتركيا، لكنه ليس دائما أو ثابتا، ولا يغطي المصروفات الكبيرة، إضافة إلى الضرائب التي تحصل عليها من حكومتها في غزة، وتمويل ذاتي له علاقة بمشاريع خاصة في الحركة وبعض الدعم الشعبي غير المنظم.
ويفترض أن يقوم وفد حماس الذي غادر من غزة وقطر إلى مصر قبل أيام، بجولة عربية بعد أن ينهي مباحثاته مع المخابرات المصرية في محاولة للحصول على دعم مالي.
وقال المسؤول في حماس أحمد يوسف، إنه من المقرر أن يزور الوفد دولا عدة، بعد زيارة مصر، ويناقش مواضع شتى من بينها دعم قطاع غزة الذي يمر بظروف معيشية صعبة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.