الحكومة اللبنانية تسعى للتأكيد على «مقررات الحوار الوطني» في بيان الجامعة العربية

مستشار سليمان يعتبره «تلاعبًا بالكلام» ولا يحسّن العلاقات مع الخليج

الحكومة اللبنانية تسعى للتأكيد على «مقررات الحوار الوطني» في بيان الجامعة العربية
TT

الحكومة اللبنانية تسعى للتأكيد على «مقررات الحوار الوطني» في بيان الجامعة العربية

الحكومة اللبنانية تسعى للتأكيد على «مقررات الحوار الوطني» في بيان الجامعة العربية

يسعى رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام إلى وضع جملة «العودة إلى مقررات هيئة الحوار الوطني في قصر بعبدا» في البيان الذي سيصدر عن القمة العربية المزمع عقدها في أواخر هذا الشهر. ويتجنب سلام بذلك الإشارة المباشرة إلى «إعلان بعبدا» الذي أقره المتحاورون ويتضمن بشكل أساسي تحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة، وذلك في ظل الانقسام اللبناني حول مشاركة حزب الله في سوريا، وتباهيه في انخراطه في الصراعات الإقليمية، ذلك أن إعلان بعبدا الذي أقر في عام 2012 في لبنان يفرض النأي بالنفس عن أزمات المنطقة.
وبينما تواجه الحكومة اللبنانية المزيد من العراقيل، أكد مستشار رئيس الجمهورية اللبنانية السابق بشارة خير الله أن الحكومة اللبنانية قادرة على إنتاج الحلول متى أرادت، وهذا ما حصل بالأمس لحظة هدد رئيسها تمام سلام بالاستقالة في حال لم تتجاوب بعض القوى في إيجاد الحلول للنفايات التي استوطنت الطرقات اللبنانية منذ ثمانية أشهر.
وقال خير الله في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الحكومة «هو من طينة رجال الدولة الأوادم، لكن خطورة الظرف اللبناني من دون رئيس للجمهورية (الناظم للسياسات الخارجية) واهتزاز علاقة لبنان الرسمي بدول مجلس التعاون الخليجي بفعل مجاهرة (حزب الله) بالقتال على امتداد الجغرافيا العربية وغير العربية، باتت تتطلب معالجة رسمية، صريحة وواضحة، تبدأ بتبني الحكومة اللبنانية سياسة (إعلان بعبدا)».
وكشف خير الله عن سعي سلام لوضع جملة «العودة إلى مقررات هيئة الحوار الوطني في قصر بعبدا» في البيان الذي سيصدر عن القمة العربية العتيدة، معتبرًا أن سياسة تلطيف الكلمات لم تعد مجدية والاتكال على «الجمباز اللغوي» أو اللعب على الكلام لن ينفع، وبالتالي يجب على جميع الوزراء بما ومن يمثلون، العودة الصريحة إلى المطالبة بإعادة إدراج «إعلان بعبدا» في مقررات القمم بعد شطبه في ليل الفراغ الرئاسي. وسأل خير الله: «أليس من المعيب بحق لبنان أن تؤكد روسيا على لسان الرئيس بوتين ووزير خارجيتها وتشدد أميركا من رأسها إلى أسفل الهرم، مرورًا ببريطانيا وفرنسا والأمم المتحدة وبان كي مون وسيغريد كاغ، ناهيك بالمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي كافة، على الالتزام الكامل بوثيقة (إعلان بعبدا) الأممية، في حين يتغاضى رئيس حكومة لبنان عن المطالبة الصريحة بتطبيقه بعد أن تساهل وسمح بشطبه من البيانات الصادرة عن اجتماعات القمم، على الرغم من تأييده الضمني له؟». وأضاف: «هل يجوز أن يُضرب مبدأ (تحييد لبنان عن صراعات المحاور) من بيت أبيه؟ وإن صَمَتَ رئيس الحكومة اللبنانية المؤتمن على الجمهورية في غياب رئيسها، مَن تُراه يتكلم؟».
ورأى خير الله أن التذرع برفض «حزب الله» غير مقنع، لأن أمينه العام حسن نصر الله «فَصَل نفسه عن الموضوع وأكد غير مرة عدم اكتراثه لما يُكتب على الورق، بعد أن اعترف أن قتال حزبه خارج الحدود اللبنانية يعود لأسباب استراتيجية أبعد من لبنان». واعتبر خير الله أن تبني «لبنان الرسمي» لـ«إعلان بعبدا» سيكون المقدمة الأفضل ثم الحل لعودة العلاقات إلى سابق عهدها مع الأشقاء العرب والمجتمع الدولي، وحماية اللبنانيين العاملين في دول الخليج، بدليل أن الهبة الاستثنائية التي قدمتها المملكة للجيش اللبناني في أواخر عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، وكذلك مقررات المجموعة الدولية لدعم لبنان (اي اس جي) أتت كنتيجة واضحة وتأسيسية على سياسة لبنان الخارجية التي نص عليها «إعلان بعبدا»، قبل أن تنتهي ولاية الرئيس سليمان ويرحل الملك عبد الله ويُشطب «إعلان بعبدا» من مقررات الجامعة العربية العام الماضي عن سابق تصور وتصميم، في حين بقي معتمدًا كوثيقة رسمية في الجامعة العربية والمحافل الدولية.
في غضون ذلك، استرعى حراك النائب وليد جنبلاط الأخير، والجولات السياسية التي قام بها موفدون من قبله على زعامات وقيادات سياسية شملت قيادات من 14 و8 آذار، اهتماما بالغًا في الأوساط السياسية، كونها تتزامن مع تنامي التواصل على خط العلاقة بين النائب جنبلاط ورئيس الحكومة السابق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
وتقول أوساط مقرّبة من جنبلاط إن الهدف الأساس من هذه الحركة «يتمحور حول سياسة الانفتاح والحوار عبر موقع رئيس اللقاء الديمقراطي الوسطي بمعزل عن الخلافات والتباينات مع هذا الفريق وذاك أو هذه الجهة السياسية وتلك»، لافتًا إلى أن «الغاية تصب في إطار السعي مع كل الأفرقاء لترسيخ الاستقرار السياسي والأمني وإن احتاج الأمر تنظيم الخلاف في بعض المفاصل السياسية المعينة نظرًا لما يحيط بالساحة الداخلية من أجواء استثنائية بفعل الحروب المحيطة به، ولا سيما ما يجري في سوريا ما يستدعي التشاور والتواصل مع الجميع».
وأشار المصدر لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «خلال هذه الجولات جرى عرض ونقاش بصدد الاستحقاق الرئاسي والأزمات المستفحلة في البلد من موضوع النفايات إلى غيرها من العناوين السياسية والاقتصادية.
وقال عضو اللقاء الديمقراطي النائب فؤاد السعد لـ«الشرق الأوسط» إن ما يقوم به النائب وليد جنبلاط وفي هذا التوقيت بالذات «ينبع من روحية وطنية ومن خلال قراءته لمسار التطورات الإقليمية والدولية وأيضًا استشرافه لآفاق المرحلة وما يحيط بلبنان من مخاطر جمّة نتيجة النيران المشتعلة في سوريا والعراق إلى اليمن، ما يدفعه إلى التحرك باتجاه كلّ ما يؤدي إلى الاستقرار والتهدئة». ولفت السعد إلى أن «المرحلة الراهنة استثنائية وجدّ خطيرة، على المستوى الداخلي والإقليمي وفي ظلّ الدور التعطيلي الذي يلعبه حزب الله للاستحقاق الرئاسي ويملي أيضًا بتعليماته لحليفه العماد ميشال عون، ناهيك بما يقوم به حزب الله في سوريا من تنفيذٍ للأجندة الإيرانية مما يربك الساحة اللبنانية بفعل هذا الدور والذي لا يقتصر على سوريا، بل يمتد إلى العراق واليمن والبحرين، وبالأمس سمعنا عن مآثرهم في البوسنة ولاحقًا لا ندري إلى أين يأخذنا حزب الله ويأخذ معه البلد من خلال عدّة التعطيل الدستورية والسياسية والاقتصادية، ثم إساءته لعلاقة لبنان التاريخية بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».