بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* قصر النظر يهدد نصف سكان العالم
* من الأخطاء الشائعة أن غالبية الناس أصبحوا يقضون أكبر قدر من أوقاتهم داخل الحجرات سواء في منازلهم أو أماكن عملهم، مما جعل مجال الرؤية ضيقا وقصيرا، ومن النادر أن يخرجوا وأبناؤهم إلى مناطق العراء ذات المساحات الواسعة الشاسعة كالصحراء أو شواطئ البحار، التي تمنحهم فرصة النظر إلى أجسام بعيدة تريح عضلات العين وتقويها وتحميها من مشكلات انكسارات الرؤية.
ولقد لاحظ باحثون أستراليون تسجيل زيادة كبيرة في عدد الأشخاص قصيري النظر، وبدأوا يحذرون من احتمال تفاقم هذه الظاهرة على مدى العقود المقبلة، في حال الاستمرار في الأنماط المعيشية الخاطئة التي ينتهجها الناس حاليا. وتشير تقديراتهم إلى أن نحو خمسة مليارات شخص (ما يقرب من نصف سكان العالم) سوف يعانون من حالة قصر النظر myopic or short - sighted، بحلول عام 2050. ولإثبات ذلك قاموا بإجراء دراسة نشرت نتائجها في مجلة «طب العيون Ophthalmology».
وجنبا إلى جنب مع زملاء آخرين من معهد بحوث العيون في سنغافورة، أجرى الباحثون من جامعة نيو ساوث ويلز (سيدني) مراجعة منهجية وتحليلا تَلَويًا meta - analysis لـ145 دراسة سابقة من التي نشرت في عام 1995. وشملت هذه الدراسات نحو 2.1 مليون شخص. وباستخدام المؤشرات الصحية ابتداء من عام 2000، استطاع الباحثون تقدير مدى انتشار حالات قصر النظر وحالات قصر النظر العالية جدا، التي ستحدث في عام 2050.
واستطاعوا باستخدام معادلات خاصة الوصول إلى تقديرات تشير إلى أن عدد الذين سوف يصابون بقصر النظر أو يتأثرون به، سيصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2050. وأظهرت النتائج أيضا أن واحدا على عشرة (العشر) أو مليارا من مجموع سكان العالم سيتأثرون من قصر النظر العالي جدا، الذي سيجعلهم في خطر كبير لاحتمالات الإصابة بالعمى. وعليه، فمن المتوقع أن يزيد عدد الناس الذين فقدوا وسيفقدون حاسة البصر بسبب قصر النظر العالي، بمقدار سبعة أضعاف بين عامي 2000 و2050. وبالتالي يمكن القول إن قصر النظر العالي هو سبب رئيسي لفقدان البصر.
وتعزى الزيادة في عدد حالات قصر النظر سنة بعد سنة إلى عدد من العوامل البيئية ونمط الحياة، إضافة إلى مسببات أخرى مثل التركيز على الأعمال القريبة من العينين، وعدم قضاء وقت كاف في الهواء الطلق حيث يمكن النظر إلى البعد واللانهاية.
وللوقاية وتقليل فرص الإصابة بقصر النظر، يحث الأطباء أن يتلقى الأطفال مستقبلا فحوصات دورية للعينين لاكتشاف العيوب الانكسارية مبكرا، وتطبيق أفضل خيارات العلاج لإبطاء تقدم وتطور حالة قصر النظر.
* الإفراط في استهلاك الأسماك
* من المعروف أن الأسماك تعد مصدرا مهما لأحماض «أوميغا3» الدهنية التي تدعم المناعة وتقاوم الأكسدة، إلا أن تناول الأسماك أكثر من اللازم أثناء الحمل قد يضر بالجنين أكثر مما ينفعه.
فلقد أثبت باحثون من اليونان وجود علاقة بين تناول الأسماك أكثر من 3 مرات في الأسبوع، والنمو السريع في مرحلة الطفولة التي تبدأ بعد الولادة مباشرة، فضلا عن الميل للسمنة الطفولية. ونشرت نتائج دراستهم في العدد الأخير من مجلة «طب الأطفال JAMA Pediatrics».
قامت الباحثة ليدا شاتزي Leda Chatzi وفريقها من جامعة كريت بتحليل بيانات أوروبية وأميركية لعدد من النساء الحوامل وأطفالهن بلغ عددهم 26184 امرأة وطفلا. وفحص الباحثون تلك البيانات لإيجاد العلاقة بين كمية الأسماك المستهلكة خلال فترة الحمل ومعدل نمو ووزن الأطفال منذ الولادة وحتى سن السادسة.
وجد الباحثون أن هناك عددا من الأطفال تقدر نسبتهم بـ31 في المائة تعرضوا للنمو السريع حتى عمر السنتين، و19.4 في المائة كانت لديهم زيادة في الوزن عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 4 و6 سنوات، وكان 15.2 في المائة منهم يعانون من السمنة المفرطة. يختلف معدل تناول الأسماك كثيرا أثناء الحمل من بلد إلى آخر، فالنساء الحوامل في بلجيكا مثلا يأكلن الأسماك 0.5 مرة في الأسبوع، بينما تأكل النساء الحوامل في إسبانيا الأسماك بمعدل 4.45 مرة في الأسبوع. وعد الباحثون أن تناول الأسماك بمعدل يزيد على ثلاث مرات في الأسبوع يصنف على أنه إفراط وكمية عالية، وتناوله مرة واحدة في الأسبوع يصنف بكمية منخفضة، أما الكمية المعتدلة، فهي التي تقدر بـ2:59 مرة في الأسبوع.
وبالمقارنة مع المجموعتين الأخريين، كان لدى أطفال النساء اللائي تناولن خلال الحمل كميات كبيرة من الأسماك، زيادة احتمال وجود مؤشر كتلة الجسم «BMI» أعلى من أقرانهم في سن عامين و4 و6 أعوام. وعلاوة على ذلك، كان النمو سريعا من لحظة الولادة وحتى سن الثانية، وكان أيضا مرتبطا بزيادة مخاطر زيادة الوزن والسمنة في سن 4 و6 أعوام. وكانت هذه العلاقة أكثر وضوحا عند مجموعة الأطفال الإناث عن الذكور.
وبحث فريق الدراسة عن تفسير علمي مقنع لتلك الظاهرة، وتوصل إلى أن تلوث الأسماك بالملوثات البيئية يمكن أن يفسر تلك العلاقة إلى حد ما. وفي الوقت نفسه أكد الباحثون أن هذا التفسير سيظل فرضية تحتاج إلى دراسات أخرى لإثباتها، حيث إن البيانات المتوفرة لديهم لم تكن كافية من حيث أنواع الأسماك المستهلكة، ومصادر المياه التي تعيش فيها الأسماك.

استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».