إثر اغتيال النائب البرلماني التونسي محمد البراهمي في 25 يوليو (تموز) 2013 وإعلان حظر تنظيم «أنصار الشريعة»، الذي يتزعمه التونسي سيف الله بن حسين المعروف باسم «أبو عياض»، وفراره إلى ليبيا، ظهرت معالم وجهة المتشددين التونسيين الذين لم يجدوا في تونس المكان الآمن، فكانت ليبيا المفر حيث يمكنهم تلقي التدريبات على استعمال مختلف أنواع الأسلحة وطرق تفجير الألغام وكيفية صناعة المتفجرات.
ومثلت ليبيا الممر الأمثل لتدفق الآلاف من الشباب التونسي على بؤر التوتر، فقد استعملها الآلاف منهم محطة أولى قبل التوجه إلى تركيا ومن ثم إلى سوريا بعد تشديد المراقبة على المطارات الجوية. وليبيا كذلك مثل طريق العودة لـ«التائبين» منهم أو الفارين من جحيم المواجهات المسلحة بعد دخول الطرف الروسي على الخط. ولم يكن «أبو عياض» هو الوحيد الذي توجه إلى ليبيا بعد اتهامه بالوقوف وراء الاغتيالات السياسية والهجمات الإرهابية على قوات الأمن والجيش في تونس، بل شمل الأمر كذلك أبو بكر الحكيم وأحمد الرويسي ونور الدين شوشان وكلهم من زعماء التيار المتشدد الذي بايع تنظيم داعش الإرهابي.
ونتيجة لتدفق القيادات الإرهابية التونسية على ليبيا، فإن عددا كبيرا من مؤيديهم قد التحقوا بهم هناك وواصلوا تدريباتهم في انتظار ساعة الصفر والعودة إلى تونس لتنفيذ الأجندات الإرهابية. وحسب المراقبين، فإن معظم الأعمال الإرهابية التي عرفتها تونس خلال السنوات الأخيرة قد نفذها تونسيون عائدون من الساحة الليبية، وقد اعترف من ألقي عليهم أجهزة الأمن في التحقيقات الأمنية بالذهب إلى ليبيا والرجوع منها بعضهم بطرق شرعية وآخرون بطريقة غير شرعية.
فسيف الدين الرزقي منفذ الهجوم الإرهابي على المنتجع السياحي في مدينة سوسة يوم 26 يونيو (حزيران) من السنة الماضية تلقى تدريبات في ليبيا فاقت الثلاثة أشهر قبل العودة والتسبب في قتل 40 شخصا، وجابر الخشناوي منفذ الهجوم الإرهابي يوم 18 مارس (آذار) على متحف باردو (العاصمة التونسية) تلقى تدريبات في ليبيا كذلك وهو يأتمر بأوامر قيادات إرهابية تونسية مستقرة في ليبيا المجاورة وقد تسبب في مقتل 23 شخصا والتونسي حسام العبدلي منفذ الهجوم الإرهابي على حافلة الأمن الرئاسي يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تلقى تدريبات في ليبيا المجاورة».
وكما يؤكد خبراء في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب: «إذا علمنا أن آلافا من المتشددين التونسيين قد توجهوا على دفعات إلى ليبيا، فإننا ندرك بالفعل أن الكابوس الحقيقي للإرهاب في تونس لا يستقر فعليا في تونس فحسب، بل في ليبيا المجاورة وهم تونسيون وقد طبق على تونس المثل القائل (بضاعتكم ردت إليكم) فالمئات منهم افتعلوا وفق تقارير أمنية ليبية وتونسية جوازات سفر ليبية ودخلوا إلى تونس بطرف قانونية وربما عبر البوابات والمعابر الرسمية».
ولذلك رفعت تونس شعار الرفض البات للتدخل الأجنبي في ليبيا، لأن التنظيمات الإرهابية لن تجد لها ملجأ إلا في تونس وقد يفيض عليها الآلاف من أبنائها المدربين جيدا على أنواع متطورة من الأسلحة وهم جاهزون لتنفيذ أعمال إرهابية ولعلهم فكروا في إقامة موطئ قدم لهم في مدينة بن قردان من خلال الهجوم الإرهابي بأعداد كبيرة على المدينة قبل يومين.
ويقول غازي معلي، الخبير التونسي في الشأن الليبي، إن معاناة التونسيين من ليبيا لا تقتصر على العناصر الإرهابية، بل إن نحو مائة ألف تونسي يعملون هناك، ومعظمهم يشتغلون في التجارة وشركات المقاولات وقطاعي الصحة والإعلام، ومنذ سنوات تمثل السوق الليبية الحل الأمثل للباحثين عن العمل في تونس، وفي حال مغادرتهم لمواطن عملهم وطردهم من قبل الليبيين الذين نسبوا لكل التونسيين تهمة الإرهاب، فإن عملية استقطابهم بالمال ومختلف الإغراءات من التنظيمات الإرهابية يصبح أمرا يسيرا على حد قوله.
ويقدر معلى عدد المقاتلين التونسيين في صفوف تنظيم داعش في ليبيا بما بين ألفين وثلاثة آلاف تونسي وتوقع وجود نحو 300 عنصر تونسي من إجمالي 450 في مدينة سرت الليبية لوحدها وتتراوح أعمارهم بين 17 و22 سنة فقط.
ليبيا.. بوابة العبور لمنفذي العمليات الإرهابية في تونس
الممر الأمثل لتدفق آلاف المتطرفين قبل التوجه إلى تركيا ومن ثم إلى سوريا والعراق
ليبيا.. بوابة العبور لمنفذي العمليات الإرهابية في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة