الجزائر: أويحيى يتهم المعارضة بالتآمر مع الخارج لضرب استقرار البلاد

الحكومة ترى في تجارب التغيير بدول الجوار نموذجًا للفوضى والخراب

أحمد أويحيى
أحمد أويحيى
TT

الجزائر: أويحيى يتهم المعارضة بالتآمر مع الخارج لضرب استقرار البلاد

أحمد أويحيى
أحمد أويحيى

هاجم أحمد أويحيى، وزير الدولة الجزائري، المعارضة داخل البلاد وخارجها بشدة، واتهمها بـ«التآمر مع الخارج لضرب استقرار البلاد»، في إشارة، ضمنًا إلى التكتل الحزبي الكبير (تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي)، الذي يسعى إلى عقد مؤتمر كبير في نهاية الشهر الحالي.
وقال أويحيى أمس بالعاصمة، في خطاب لأطر الحزب الذي يرأسه «التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يعد القوة السياسية الثانية في البلاد، إن «بعض الجزائريين يبتهجون بالأزمة الاقتصادية (التي تضرب البلاد منذ عام ونصف)، آملين أن يكون بإمكانهم اقتطاف السلطة في ظل الفوضى، في حين بدأت امتداداتهم في الخارج تتحرك بقصد الترويج، وهمًا، لجزائر أصبحت تشكل خطرًا على محيطها». ولم يذكر أويحيى بالضبط من يقصد، لكن يفهم من كلامه أن المستهدف هي أحزاب المعارضة الكبيرة، مثل «حركة مجتمع السلم» (إسلامي)، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، اللذين حذرا من تفاقم الأزمة المالية، المترتبة عن انخفاض أسعار النفط، واتهما الحكومة بالعجز عن إيجاد حلول لها.
ويتفق المراقبون على أن السلطة تشعر بالضعف في المرحلة الحالية، بسبب الأزمة المالية من جهة، وانسحاب الرئيس بوتفليقة من المشهد منذ 2013 بسبب المرض، من جهة ثانية.
وذكر أويحيى، الذي يعد من أشد رجال الدولة ولاء للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أن «أولئك من داخل البلاد، الذين غرقوا في حماقاتهم الهدامة، تناسوا أنّ شعبهم الذي لا يزال يضمد جراحه، يتابع كل يوم الحصيلة الدموية لما يسمى بالربيع العربي، ويسجل كذلك الدمار، الذي ترتّب عن الأنانيات السياسية في البلدان المعنية، وكذا حصيلة الخراب الناتجة عن الاستعمار في ثوبه الجديد». ويعكس كلام أويحيى نظرة السلطات لتجارب تغيير الأنظمة التي جرت في الدول المجاورة، خاصة تونس وليبيا، حيث تعتقد أنها جلبت الفوضى، وقضت على الاستقرار، وتتهم المعارضة في الداخل بالسعي لتطبيق مثل هذه التجارب بالبلاد.
وأضاف أويحيى، موضحا: «أما أولئك الذين في الخارج، والذين يترصدون آثار الأزمة على الجزائر، فإنهم مخطئون عندما تناسوا الدرس العظيم الذي لقّنه إياهم شعبنا الأبي بمحاربته للإرهاب الهمجي بمفرده، وتغلبه عليه لوحده، هذا الإرهاب الذي كانت له قواعد خلفية عندهم، يكتشفون اليوم الرعب الذي يسببه لهم. غير أنه أمام هذه التهديدات، تبقى الاستنتاجات غير كافية، بل هي تستدعي منا التعبئة والتجنيد والعزيمة والعمل». ويقصد أويحيى بذلك مجموعة من الأشخاص يعارضون نظام الحكم من الخارج.
وتابع أويحيى، متحدثًا بنبرة تهديد: «إنّ التجنيد هو واجب من أجل حفظ أمن الجزائر، التي تحيط بها سلسلة من النزاعات والتوترات. فإذا كان من المؤكد أنّ جيشنا الوطني الشعبي، الذي نتوجه له بتحية إكبار وإجلال، يسهر على حماية حدودنا، فإنه عندما يتعلق الأمر بمخاطر التسلّلات الإرهابية، فإنه يتحتّم على شعبنا بأكمله التحلي باليقظة الدائمة».
ويوحي الانتشار المكثف للجيش بالحدود مع ليبيا، بأن السلطات تتخوف من تسلل عناصر التنظيم المتطرف «داعش» إلى البلاد. فيما تظل الحرب الأهلية التي عاشتها البلاد في تسعينات القرن الماضي، هاجسا يؤرق الجزائريين عمومًا، ولهذا فإن المطالبة بالتغيير يعني بالنسبة إليهم قفزا نحو المجهول. وقد بنى الرئيس بوتفليقة حملة انتخابات 2014 على التخويف من «النموذج الليبي» في التغيير.
كما أشاد أويحيى بـ«الإنجازات التي تحققت في عهد فخامة الرئيس بوتفليقة، وما كانت لتتحقق لولا استرجاع الجزائر للسلم والاستقرار». وأطلق بوتفليقة مشروعين للتهدئة، أحدهما في 1999 سماه «الوئام المدني»، والثاني في 2005 سماه «المصالحة الوطنية». فيما تقول السلطات إن آلاف المتطرفين تخلوا عن الإرهاب بفضل هذين المشروعين. أما الإسلاميون فيشتكون من «مضايقات السلطة» منذ اعتماد المشروعين، بحجة أن السلطة «استغلت فترة الإرهاب لقهرنا». وحملت سياسة «المصالحة» إسلاميي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، المنحلة، مسؤولية الدماء التي سالت في فترة الصراع الأهلي، وحرمت عليهم الاشتغال بالسياسة من جديد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.