يثير انسحاب القوات الأفغانية من مناطق مضطربة في جنوب البلاد دون قتال مخاوف من تمدد الحركات المتطرفة في البلاد.
وانسحاب القوات الافغانية من المناطق التي تسيطر عليها بهذا الشكل يتيح المجال لمسلحي طالبان بالسيطرة عليها في إطار عملية "تراجع استراتيجي" غير مسبوقة تثير مخاوف من تراجع سيطرة الحكومة على البلاد.
وبسبب ارتفاع عدد قتلاه إلى مستوى قياسي وفرار العديد من جنوده، تخلى الجيش الأفغاني مؤخراً عن العديد من المواقع في بعض مناطق ولاية اوروزغان وسط البلاد في عملية انسحاب بدأت الشهر الماضي. كما انسحبت تلك القوات من مناطق موسى قلعة ونوزاد في ولاية هلمند المجاورة، التي تعد معاقل قاتلت فيها القوات الأجنبية لسنوات طويلة دفاعاً عنها.
وتسببت في عملية الانسحاب شائعات تسري حول ابرام الحكومة اتفاقات مع حركة طالبان، مع تنامي الجهود الدولية لاقناع الحركة المسلحة بالمشاركة في مفاوضات السلام.
وقال محمد اسماعيل الزعيم القبلي في موسى قلعة، الذي فر من المنطقة بعد انسحاب القوات الحكومية "عندما نبدأ سحب القوات وتسليم الأراضي التي سيطرنا عليها بصعوبة وجهد كبيرين، فإننا ببساطة نقر بأن طالبان قد انتصرت". وأضاف أن "هذه خيانة لجميع الذين ضحوا بأرواحهم للدفاع عن هذه المناطق خلال السنوات الـ 15 الأخيرة".
عمليات الانسحاب التي تأتي فيما تناضل القوات الافغانية لمواجهة التمرد الدامي المتصاعد الذي تشنه طالبان، أثارت مخاوف بأن الحكومة تخسر بسرعة مناطق في ولاية هلمند المضطربة.
وتسيطر حركة طالبان فعلياً أو أنها تقاتل للسيطرة على 10 إلى 14 منطقة على الأقل في أكبر مراكز زراعة الخشخاش الذي يستخرج منه الأفيون في أفغانستان، ويعد مصدراً مربحاً لتمويل الحركة المتمردة، وهو ما يجعل هذه المنطقة مركزاً للتنازع عليها، إلا أن القادة الأفغان ينفون المزاعم بإبرام اتفاقات مع طالبان ووصفوا الانسحابات الأخيرة بأنها مناورة "تكتيكية" تهدف إلى تعزيز وجود القوات في مناطق منعزلة يصعب الدفاع عنها.
وصرح دولت وزيري المتحدث باسم وزارة الدفاع "أن من ينتقدون الخطة لا يعرفون فن الحرب، نحن لا ننسحب من هلمند، بل تتم إعادة نشر القوات الأفغانية لشن هجمات أكثر فعالية ضد الأعداء".
وقال مسؤولون، إنه تجري حاليا اعادة نشر مئات الجنود لتعزيز الحزام الأمني حول عسكر قاه، كبرى مدن ولاية هلمند التي كادت أن تسقط مؤخراً في أيدي طالبان، غير أن العديد من الخبراء يطعنون في مزاعم الحكومة بأن الانسحاب هو "تكتيكي".
وقال مايكل كوغلمان الخبير الأفغاني في مركز وودرو ويلسون انترناشونال للأبحاث "هذه الاستراتيجية الجديدة هي استسلام فعلي لطالبان، لأنه لا يوجد سبب يدفع للاعتقاد بأن هذه المنطقة ستتم استعادتها في وقت قريب". وأضاف أن "أي انسحاب استراتيجي يعني أن القوات الأفغانية ستعود في مرحلة ما لاحقا لقتال طالبان واستعادة المنطقة"، مشيراً إلى أن القوات الأفغانية تعاني من ضغوط ونقص الموارد، وقال: "لا أتوقع أن تكون في وضع يؤهلها لاستعادة هذه المناطق".
وتعكس هذه الخطة المطلب الذي يدعو إلى تحقيقه حلف شمال الأطلسي منذ فترة بعيدة وينصح القوات الأفغانية التي تنتشر على عدة جبهات في أفغانستان إلى التخفيف من حجم انتشارها في البلاد.
وكان الجنرال ويلسون شوفنر المتحدث باسم الجيش الأميركي صرح للصحافيين في يناير (كانون الثاني)، أن "القوات الأفغانية تقيم العديد من الحواجز والكثير من جنودها منتشرون على الحواجز". وأضاف: "هناك مقولة عسكرية قديمة تقول أنك إذا دافعت عن كل مكان فإنك لا تدافع عن أي مكان".
وقال شوفنر، إن الجيش الأفغاني يواجه نقصا كبيرا في العدد والعتاد، حيث يحتاج إلى 25 الف جندي اضافي ما يجعل من الضروري أن يخفض انتشاره على بعض الحواجز، ومن المتوقع أن تتخلى القوات الحكومية التي تقاتل دون الدعم الكامل لحلف شمال الأطلسي منذ انتهاء مهمته القتالية في ديسمبر (كانون الأول)، عن مزيد من الحواجز مع تصاعد المعارك وسط تعثر جهود السلام.
وسجل العام الماضي أكبر عدد من الاصابات بين المدنيين طبقا للأمم المتحدة، بلغ 11 الف مدني في 2015 بينهم 3545 قتيلا؛ وهو أعلى عدد منذ بدأت الوكالة جمع الاحصاءات في 2009.
ورفضت حركة طالبان السبت اجراء محادثات مباشرة مع الحكومة الأفغانية، ما يوجه ضربة للجهود الدولية لانعاش المفاوضات التي تهدف إلى انهاء 14 عاماً من التمرد، إلا أن الاستراتيجية الجديدة لا تأخذ في الاعتبار عنصراً مهما وهو محنة السكان المحليين.
وقال عبد الاحد أحد الوجهاء المحليين في منطقة خارخورد بولاية اوروزغان التي انسحب منها عشرات الجنود مؤخرا "طالبان تطارد وتترصد السكان الذين يعملون مع الحكومة، لقد تركنا الجنود هنا لكي نموت"، على حد قوله.
ازدياد المخاوف بعد انسحاب القوات الأفغانية من أماكن استراتيجية في هلمند
ازدياد المخاوف بعد انسحاب القوات الأفغانية من أماكن استراتيجية في هلمند
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة