العراق يقترب من الإفلاس.. أضف ذلك إلى قائمة المخاوف الطويلة

مخاوف من اندلاع احتجاجات شعبية بعد تخفيض المرتبات بنسبة 3 %

الحكومة العراقية تواجه نقصا حادا في السيولة بسبب انخفاض أسعار البترول (واشنطن بوست)
الحكومة العراقية تواجه نقصا حادا في السيولة بسبب انخفاض أسعار البترول (واشنطن بوست)
TT

العراق يقترب من الإفلاس.. أضف ذلك إلى قائمة المخاوف الطويلة

الحكومة العراقية تواجه نقصا حادا في السيولة بسبب انخفاض أسعار البترول (واشنطن بوست)
الحكومة العراقية تواجه نقصا حادا في السيولة بسبب انخفاض أسعار البترول (واشنطن بوست)

يصفها بعض المسؤولين العراقيين بـ«الهوة»، خاصة بعد أن تحولت إلى مصدر قلق ملح، تماما كالحرب على تنظيم داعش، ذلك أن الحكومة العراقية تسدد شهريا ما يقرب من 4 مليارات دولار، في صورة رواتب ومعاشات للجيش، وقطاع منتفخ من العاملين بالحكومة. غير أنه بالنظر إلى أن النفط، الذي يعد مصدر أكثر من 90 في المائة من العائدات الحكومية، فقد هوت هذه العائدات إلى النصف تقريبا بسبب تراجع أسعار خام النفط.
لذلك تعمل الولايات المتحدة على محاولة ضمان قدرة البلاد على مواصلة الإنفاق العسكري، بينما تسعى الحكومة العراقية للحصول على قروض دولية، وتشرع في تطبيق خطة تقشف. إلا أن بعض المسؤولين والمحللين العراقيين يقولون إن الحكومة ربما تعاني في وقت لاحق هذا العام في سبيل توفير أجور العاملين بالقطاع الحكومي، الذين يصل عددهم إلى 7 ملايين موظف، وهو ما قد يتسبب في إشعال احتجاجات شعبية.
ومع انخفاض أسعار النفط إلى ما يقرب من 30 دولارا للبرميل، تجد المنطقة بالكامل نفسها مدفوعة دفعا إلى خفض الأجور، وتقليل الدعم الحكومي وإجراءات أخرى مؤلمة. لكن بالنسبة إلى العراق، فإن هذا الخفض في الإنفاق يأتي في خضم حرب مزعزعة للاستقرار بالفعل، حيث يتعين على البلد سداد فواتير تتعلق بإعادة إعمار المدن التي دمرتها الحرب، وتقديم مساعدات لـ3.3 مليون من العراقيين، الذين نزحوا داخليا على مدار العامين الماضيين، والبقية تأتي.
وبينما يخيم شبح الإفلاس على البلاد، يحاول رئيس الوزراء حيدر العبادي التصدي للفساد، وزيادة الدخل الحكومي من خلال إجراءات لا تحظى بشعبية في بعض الأحيان. وفي هذا السياق قال مظهر صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء: «علينا أن نردم الهوة. فالمسألة أصبحت خطيرة فعلا الآن.. والتدفق النقدي محدود جدا، وبقرة النقد القديمة لا تدر أي لبن».
وفي الأسابيع الأخيرة حشد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر عشرات الآلاف في احتجاجات تطالب بالإصلاح، وهو ما وضع ضغوطا على العبادي. وتشبه هذه الاحتجاجات المظاهرات التي اندلعت خلال الصيف، عندما نزل آلاف العراقيين إلى الشوارع احتجاجا على فساد الحكومة، ونقص الكهرباء وغيرها من الخدمات. لكنهم سيكونون مطالبين هذا العام بدفع المزيد من الأموال نظير هذه الخدمات، في حين جرى تخفيض المرتبات الحكومية بواقع 3 في المائة.
وقال الصدر للمتظاهرين «الآن تطالب الحكومة الفاسدة الشعب بالتقشف، وبسبب هذه الحكومة ليس معروفا مصير المليارات»، مضيفا أن المظاهرات هي «محاولة لإنقاذ العراق من اللصوص». ويواجه العراقيون مزيدا من التكاليف الاسمية يوميا. وقد أدخلت المستشفيات التي كانت على مدار وقت طويل تعالج العراقيين بالمجان، رسوما اسمية، حتى على أولئك الذين يزورون أقاربهم المرضى. وهنالك خطط لزيادة رسوم الكهرباء. كما تظاهر التجار في مدينة البصرة الجنوبية، احتجاجا على زيادة الرسوم الجمركية.
لكن العبادي يقول إن على الحكومة أن توفر الأموال أينما وجدت إلى ذلك سبيلا، خاصة بعد أن توقع العراق عجزا في الموازنة بنحو 25 مليون دولار هذا العام، لكن هذا كان مستندا إلى وصول أسعار النفط إلى 45 دولارا للبرميل. ولذلك يقول صالح إن العجز قد يكون ضعف هذا الرقم.
وللتعامل مع هذا العجز على المدى القصير، يستعين العراق باحتياطياته من النقد الأجنبي، قائلا إنه يتوقع أن ينخفض الاحتياطي إلى نحو 43 مليار دولار هذا العام، مقارنة بـ59 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول).
وبينما أبدى العبادي ثقته بقدرة الحكومة على تجاوز الأزمة، فإن البعض يعبرون عن نظرة أكثر تشاؤما. فيما قال مسؤول غربي طلب عدم ذكر اسمه إن العراقيين «يستنزفون احتياطياتهم بأسرع من المتوقع الآن، وهو ما قد يؤدي إلى مرحلة يكون من الصعوبة بمكان عندها مواصلة الاستيراد، وإدارة اقتصاد حديث».
ويسعى العراق للحصول على المزيد من الأموال من صندوق النقد الدولي، بعدما تلقى قرضا عاجلا بقيمة 1.24 مليار دولار العام الماضي، فيما تعرض الولايات المتحدة تقديم قرض بقيمة 2.7 مليار دولار للإنفاق العسكري، في حين أقرضت ألمانيا العراق ما يزيد قليلا على 500 ألف دولار لإعادة الإعمار.كما تسعى الحكومة العراقية إلى إصدار سندات وأذون خزانة. لكن عملية لإصدار السندات العام الماضي توقفت بسبب العائد المرتفع الذي طلبه المستثمرون. وهذا في الوقت الذي يشكو فيه العراقيون من أن قادتهم يسرقون من البلاد من دون أي مساءلة.
* خدمة: «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».