«حزب الله» يبحث عن «الحوار والتفاهم» بعد تصنيفه إرهابيًا

فريق «14 آذار» يعده محاولة للتخفيف من عزلته ويذكّر بانقلابه على الاتفاقات

«حزب الله» يبحث عن «الحوار والتفاهم» بعد تصنيفه إرهابيًا
TT

«حزب الله» يبحث عن «الحوار والتفاهم» بعد تصنيفه إرهابيًا

«حزب الله» يبحث عن «الحوار والتفاهم» بعد تصنيفه إرهابيًا

بالتزامن مع استمرار هجومه على الدول العربية وخصوصًا المملكة العربية السعودية، بدا «حزب الله» محاصرًا أكثر من أي وقت مضى، خصوصًا بعد قرار مجلس التعاون الخليجي الذي صنّفه «منظمة إرهابية»، وهو ما جعله يبحث عن حوار وتفاهم لبناني يخفف من عزلته في الداخل وأزمته في الخارج. وهذا ما عبّر عنه رئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك، الذي أعلن رفضه لـ«الاجتهادات التي تفرق المسلمين».
يزبك قال: «لبنان اليوم بحاجة إلى حوار وإلى تفاهم وتعاون وإلى ثقافة واضحة نحملها لنعيش معا جنبا إلى جنب»، مضيفًا: «نقول للبنانيين جميعا لا يمكن لأحد أن يحل مشكلاتنا إلا نحن، من خلال التفاهم والثقة، لا من خلال التعطيل وإلقاء التهم من هنا وهناك». غير أن هذا «الانفتاح» الجزئي لم يقنع قوى «14 آذار» بجدية «حزب الله» في أي حوار داخلي، ما دامت أقواله لا تقترن بالأفعال. إذ أكد النائب خالد ضاهر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن حزب الله لم يلتزم يومًا بمقرّرات أي حوار داخلي، وخير دليل على ذلك وثيقة «إعلان بعبدا» التي أقرّتها طاولة الحوار الوطني ووقّع عليها هذا الحزب، وبعد أسبوع أو أسبوعين انقلب عليه، وقال للبنانيين: «بلّوها واشربوا ماءها» ثم أعلن أن هذه الوثيقة «لا تساوي الحبر الذي كتبت به».
بدوره تمنى عضو كتلة «الكتائب» النائب إيلي ماروني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تعي كل الأطراف أهمية الحوار، وخصوصًا «حزب الله»، وشدد ماروني، وهو وزير سابق، على أن «أي حوار يجب أن يقود أولاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية»، معتبرًا أن «هذا الحزب هو المسؤول عن الفراغ الرئاسي وهو من يرهن الاستحقاق الرئاسي بانفراج ينتظره في الداخل والخارج».
وأكد ماروني أن «حزب الله مأزوم ولبنان مأزوم أيضًا بفعل سياسته، وبالتالي أي حوار جدي وفاعل ومنتج قد يؤدي إلى إراحة لبنان سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا واجتماعيًا». ودعا إلى «الدفع باتجاه الحوار وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وأن يقرن (حزب الله) أقواله بالأفعال إذا كان جديًا».
كذلك عبّر عضو كتلة «الكتائب» عن خشيته من «استمرار سياسة (حزب الله) التي تقود إلى تدهور في علاقات لبنان مع دول الخليج، لما لذلك من انعكاسات خطيرة جدًا لا أحد يعرف إلى أين تقود البلاد». وإذ حذّر ماروني من الارتدادات الخطيرة على الوضع الاقتصادي، تمنّى على الدول العربية أن «تتفّهم الواقع اللبناني، لأن أي قرار يتخذ في الخارج ينعكس بلا شكّ على الوضع في الداخل»، مبديًا في الوقت نفسه تفهمه لموقف وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اعترض على تسمية «حزب الله» منظمة إرهابية، لأن في ذلك «محاولة لحماية الساحة اللبنانية من الارتدادات»، حسب تعبيره.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».