رحيل الترابي.. صاحب المؤلفات والاجتهادات المثيرة للجدل

يعد المؤسس الفعلي للحركة الإسلامية في السودان

رحيل الترابي.. صاحب المؤلفات والاجتهادات المثيرة للجدل
TT

رحيل الترابي.. صاحب المؤلفات والاجتهادات المثيرة للجدل

رحيل الترابي.. صاحب المؤلفات والاجتهادات المثيرة للجدل

عرف الدكتور حسن عبد الله الترابي، المولود في مدينة كسلا بشرق السودان، عام 1932 بأنه مفكر ديني معاصر وزعيم سياسي سوداني، عاصر أغلب المراحل السياسية في السودان، وأثارت أفكاره التجديدية، جدلا واسعا في العالم العربي والإسلامي حيث يعتبر المؤسس الفعلي للحركة الإسلامية بالسودان، ومؤسس حزب المؤتمر الشعبي المعارض.
واشتهر الترابي بأفكاره وآرائه الدينية الجريئة، وله اجتهادات وأعمال في مجال تفسير آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وخلقت تفسيراته، جدلاً واسعا من بينها إجازته إمامة المرأة للرجال في الصلاة وإمكانية زواج المسلمة من كتابي، ونفيه عذاب القبر ورأيه بأن شهادة المرأة تعادل الرجل، وأن الحور العين هن نساء الدنيا، وغيرها من الاجتهادات.
درس الترابي كلية الحقوق في جامعة الخرطوم عام 1951 حتى 1955، وحصل على الماجستير من جامعة أكسفورد البريطانية عام 1957. ومن ثم نال دكتوراه الدولة من جامعة سوربون، في باريس عام 1964. حيث كان أستاذا ثم عميدا لكلية القانون بجامعة الخرطوم في منتصف ستينات القرن الماضي، كما أنه يتقن أربع لغات بفصاحة وهي العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية.
أصبح الترابي، بعد عودته من الخارج، أحد أعضاء جبهة الميثاق الإسلامية وهي تمثل أول حزب أسسته الحركة الإسلامية السودانية، وبعد خمسة أعوام أصبح لجبهة الميثاق الإسلامية دور سياسي أكثر أهمية، فتقلد الترابي الأمانة العامة بها عام 1964.
عمل الترابي في ظرف سياسي، كان اللاعب الأساسي فيه طائفتي الأنصار والختمية ذاتي الخلفية الصوفية واللتين تدعمان حزبي الأمة والاتحادي، وبقيت جبهة الميثاق الإسلامية حتى عام 1969 حينما قام جعفر نميري بانقلاب، واعتقل أعضاء جبهة الميثاق الإسلامية، وأمضى الترابي سبعة أعوام في السجن، إلى أن أطلق سراحه، بعد مصالحة الحركة الإسلامية السودانية مع النميري عام 1977.
وخلال مسيرته العملية والسياسية والدينية تقلد الترابي، الكثير من المناصب الدستورية ونشط في كل المراحل السياسية منذ عهد الحكومة الديمقراطية الأولى وتعرض للسجن في عهد الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري لمدة سبعة أعوام، حيث أسند إلى نفسه، بأنه أتى بالإنقاذ لسدة الحكم في السودان في عام 1989.
عين الترابي وزيرا للعدل في السودان، وفي عام 1988 عين وزيرًا للخارجية السودانية. وكان وراء قيام نظام الإنقاذ الوطني في 30 يونيو (حزيران) 1989 بقيادة الرئيس عمر البشير. واختير في العام 1996 رئيسًا للبرلمان، ثم أمينًا عاما لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان 1998، وفي العام 1999 نشب خلاف حاد عرف وقتها بـ(المفاصلة بين الإسلاميين)، ونتج عنه إقالة الترابي من مناصبه الرسمية والحزبية كافة.
وبعدها كون الترابي في 2001 حزبه (المؤتمر الشعبي) لكن علاقته مع حكومة الرئيس البشير عادت إلى التحسن إثر دعوة الرئيس البشير إلى الحوار الوطني.
وتثير أقوال الترابي وفتاواه وتنظيراته السياسية والدينية الكثير من الجدل، إذ يرى فيه تلاميذه وحوارييه رجل دين ودولة من طراز فريد.
من مؤلفات الترابي: «قضايا الوحدة والحرية» عام 1980 و«تجديد أصول الفقه» عام 1981 و«تجديد الفكر الإسلامي» في عام 1982 و«الأشكال الناظمة لدولة إسلامية معاصرة» في عام 1982، و«تجديد الدين» عام 1984، و«منهجية التشريع»، عام 1987 و«المصطلحات السياسية في الإسلام» عام 2000. و«الدين والفن»، و«المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع»، و«السياسة والحكم»، و«التفسير التوحيدي»، و«عبرة المسير لاثني عشر السنين»، و«الصلاة عماد الدين»، و«الإيمان وأثره في الحياة»، و«الحركة الإسلامية... التطور والنهج والكسب»، و«التفسير التوحيدي».
توفي الدكتور حسن الترابي أمس السبت في العاصمة السودانية الخرطوم عن عمر يناهز الـ84 عاما، إثر وعكة لم تمهله طويلا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».