سوريا: لأول مرة حكومة النظام تقر بحصول عطل.. ولا تتهم «الإرهابيين» بالاعتداء والتخريب

في ظل الهدنة.. انقطاع الكهرباء والإنترنت عن عموم المحافظات وعودتها تدريجيًا

سوريا: لأول مرة حكومة النظام تقر بحصول عطل.. ولا تتهم «الإرهابيين» بالاعتداء والتخريب
TT

سوريا: لأول مرة حكومة النظام تقر بحصول عطل.. ولا تتهم «الإرهابيين» بالاعتداء والتخريب

سوريا: لأول مرة حكومة النظام تقر بحصول عطل.. ولا تتهم «الإرهابيين» بالاعتداء والتخريب

لأول مرة منذ خمس سنوات تنقطع الكهرباء عن جميع المحافظات السورية في وقت واحد، يوم أول من أمس، ولا تبرر حكومة النظام الانقطاع المفاجئ بـ«اعتداء إرهابي» مكتفية بالإعلان بوسائل الإعلام الرسمية أن سبب الانقطاع المفاجئ «حالة فنية عابرة» ترافق مع توقف شبكة الإنترنت.
ونقلت وكالة «سانا» الرسمية عن مصدر في وزارة الكهرباء، لم تسمِّه، قوله يوم أول من أمس (الخميس)، أن «ورشات الصيانة أصلحت العطل المفاجئ الذي طرأ اليوم على الشبكة الكهربائية بعد أن حددت سببه». وأرجع المصدر سبب الانقطاع العام إلى «حالة فتية عابرة» تعرضت لها صمامات الغاز، وهذه الحالة لم تحدث منذ عام 1991، مؤكدا أن التيار سيعود لكل المحافظات منتصف الليلة.
في المقابل، قال ناشطون في دمشق: «لأول مرة الحكومة السورية لا تتهم الإرهابيين بالتسبب بقطع التيار الكهربائي، كما جرت عادتها منذ خمس سنوات»، وردوا سبب ذلك إلى الهدنة التي بدأ تنفيذها منذ أسبوع. وقال أحمد الدمشقي: «وقف إطلاق النار حرم حكومة النظام من الشماعة التي كانت تعلق عليها عجزها، وكشف أنها كانت ولا تزال تكذب حول أسباب تردي أدائها»، لافتا إلى ما سماه «مسرحية هزلية» جرت في مجلس الشعب السوري الأسبوع الماضي حول استجواب وزير الكهرباء عماد خميس ومحاولة تحميله المسؤولية عن شح التيار الكهربائي. وقال: «إن البنية التحتية للطاقة الكهربائية متهالكة منذ أكثر من عقدين بسبب فساد النظام وحكوماته واستغل النظام المواجهات المسلحة مع المعارضة ليبرر فيها عجزه عن إعادة تأهيل البنية التحتية، فيتهم الثوار بالتخريب، فيستر على فساده وعجزه من جانب ويجيش مشاعر الغالبية من السوريين العاديين ضد الثورة».
وتابع أحمد الدمشقي القول إن «حكومة النظام حين يتراجع استهلاك الكهرباء تخفض ساعات التقنين، وتزيدها عندما يزيد الاستهلاك، أي في فصل الشتاء عندما يشتد البرد وفي الصيف عندما تتجاوز الحرارة معدلاتها الاعتيادية»، معتبرا هذا دليلا على أن لا علاقة للثوار بتخريب شبكات الكهرباء بل «تهالك الشبكات بسبب تهالك النظام ذاته».
هذا، وبدأ التيار الكهربائي يعود تدريجيًا إلى بعض المناطق دمشق وريفها ليل الخميس - الجمعة، في أوقات متفاوتة، مع عودة ضعيفة لشبكة الإنترنت للعمل. وشهدت فترات التقنين تراجعًا ملحوظًا واستقرارًا في معظم مناطق دمشق وريفها، خلال الفترة القليلة الماضية، مقارنة بالسابق، إذ انخفضت ساعات التقنين في بعض المناطق بدمشق من 16 ساعة من 24 ساعة إلى عشر ساعات وما دون 24 ساعة.
وتعد المرة الأولى التي ينقطع فيها التيار الكهربائي عن كل المحافظات السورية في وقت واحد، في حين شهدت دمشق والمنطقة الجنوبية حوادث مشابهة العام الماضي، نتيجة أعطال واعتداءات على محطات التوليد المغذية لها، وفقًا لوزارة الكهرباء.
وتزامن ذلك مع انقطاع خدمة الإنترنت «بشكل جزئي» نتيجة حدوث «عطل طارئ» على أحد محاور الشبكة، بحسب مصدر في الشركة السورية للاتصالات، الذي قال إن «ورشات الصيانة توجهت إلى مكان العطل لإصلاحه». وأعلنت وزارة الكهرباء بدمشق، عبر صفحتها في «فيسبوك» عن «بدء عودة التيار تدريجيًا، حيث ستنتهي عملية إعادة إقلاع عنفات التوليد المفصولة لإعادة التيار الكهربائي إلى وضعه السابق قبل الفصل».
وشهدت محافظة اللاذقية عودة التيار الكهربائي قبل محافظات السويداء وحمص ودمشق وريفها، الذي تأخرت فيه عودة التيار إلى فجر يوم أمس (الجمعة).



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.