الصدر يطالب السفارات الأجنبية بالخروج من المنطقة الخضراء

مظاهرة الصدريين تحرج الحكومة العراقية.. وتضع التحالف الوطني على المحك

مؤيدون للزعيم الشيعي مقتدى الصدر أثناء تظاهرهم أمام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)
مؤيدون للزعيم الشيعي مقتدى الصدر أثناء تظاهرهم أمام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

الصدر يطالب السفارات الأجنبية بالخروج من المنطقة الخضراء

مؤيدون للزعيم الشيعي مقتدى الصدر أثناء تظاهرهم أمام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)
مؤيدون للزعيم الشيعي مقتدى الصدر أثناء تظاهرهم أمام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)

طالب الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، أمس، في خطاب متلفز متزامن مع خروج آلاف من اتباع التيار الصدري في مظاهرات حاشدة أمام أسوار المنطقة الخضراء «السفارات الأجنبية بالخروج من المنطقة الخضراء»، فيما أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي جاهزية القوات الأمنية للتصدي للمظاهر المسلحة خارج أطار الدولة، وذلك عبر انتشار فصائل الصدر المسلحة «سرايا السلام» عند تخوم المنطقة الخضراء، بحجة حماية المظاهرات التي انطلقت أمس الجمعة في بغداد بالقرب من المنطقة الخضراء للضغط على العبادي، في سياق دعوته إلى الإصلاح.
وقال الصدر: «على الجميع أن يذعن لصوت الشعب العراقي، وخاصة سياسيي المنطقة الخضراء، ونطالب السفارات الأجنبية بالخروج من المنطقة الخضراء». وأضاف: «إن هذه المظاهرات ليست للتعدي على أحد ولا لإزاحة حزب أو شخص، ونحن لسنا طلاب سلطة، بل من أجل تخليص العراق من الزمر التي تتلاعب بقوة الشعب». وقال: «على المتظاهرين الموجودين الآن على أبواب المنطقة الخضراء أن يتحلوا بأخلاق الشعب وليس بأخلاق السياسيين السراق، وإن وقفتكم الاحتجاجية لا مثيل لها».
من جهته، قال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي في بيان له إن «القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وجه الأجهزة الأمنية بحماية المظاهرات السلمية وحرية التعبير». وأكد العبادي «جاهزية القوات الأمنية للتصدي لكل المظاهر المسلحة خارج إطار الدولة لمنع الخروقات التي يستغلها الإرهاب»، مبينا أن «القوات الأمنية تتصدى بحزم لحماية أمن المواطنين».
ووقف آلاف من اتباع الصدر بناء على دعوته على أحد أكبر أبواب المنطقة الخضراء المطلة على حي كرادة مريم المؤدية إلى فندق الرشيد ومبنى وزارة الخارجية في مظاهرات غير مسبوقة، وهم يحملون إعلام العراق ويهتفون بشعارات «نعم نعم للإصلاح.. كلا كلا للفساد»، في ظل إجراءات أمنية مشددة وانتشار كبير جدا لقوات الجيش والشرطة وأجهزة الأمن والاستخبارات والمخابرات العراقية وإحاطة المتظاهرين بأسلاك شائكة. وتأتي هذه المظاهرة قرب المنطقة الخضراء بعد أسبوع من المظاهرة التي أقيمت قبل أسبوعين في ساحة التحرير والتي ألقى فيها الصدر خطبة حماسية أمهل فيها العبادي للقيام بالإصلاحات المطلوبة 45 يوما، بينما أعلن العبادي رفضه لما عده لغة تهديد غير مناسبة. وفيما وضعت مظاهرة المنطقة الخضراء رئيس الوزراء حيدر العبادي في موقف حرج بسبب استمرار الخلافات السياسية حول مفهوم الإصلاح وحكومة التكنوقراط فإنها وضعت التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر داخل البرلمان) على المحك. وبينما دعا الصدر المتظاهرين إلى الالتزام بالأوامر الصادرة عن الأجهزة الأمنية والتزام الهدوء وعدم دخول المنطقة الخضراء فقد أكد المتظاهرون أنهم مستعدون لاقتحامها في حال أمرهم الصدر.
وفي هذا السياق أكد الناطق باسم التيار الصدري جواد الجبوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المظاهرة تأتي في إطار استمرار الضغط على الحكومة وعلى شخص رئيس الوزراء حيدر العبادي باتجاه العمل على إحداث التغيير المطلوب الذي طالبت به الجماهير وتطالب به المرجعية الدينية، وهو ما يعني عدم وجود تراجع عن هذا الأمر». وأكد الجبوري أن «هذه المظاهرات إيجابية وسلمية، ويجب أن تفهم في سياقها الصحيح، وهو أن الناس تريد الإصلاح، وكل هذه الضغوط مهمة على صعيد إجبار الكتل السياسية على التقدم خطوات كبيرة باتجاه الإصلاح».
ودعا الجبوري رئيس الوزراء حيدر العبادي وباقي أفراد الطبقة السياسية إلى «استثمار هذه الفرصة باتجاه عبور المحاصصة الطائفية والعرقية وتشكيل حكومة تكنوقراط من أجل إنقاذ الوضع المتردي».
وبينما لم يتمكن التحالف الوطني الشيعي من الاتفاق على صيغة واضحة حول الإصلاحات بسبب عمق الخلافات بين أركانه فإن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم اتفقا على الضغط على العبادي لتحقيق الإصلاحات رغم الاختلاف في وجهات النظر بشأن الطريقة التي يمارسان بها هذه الضغوط.
وفي هذا السياق أكد سامي الجيزاني القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المجلس الأعلى الإسلامي مع الإصلاحات، وقد دعونا إليها منذ البداية لكننا ضد القفز على الاستحقاقات والتوافقات، لا سيما أن النظام السياسي المعمول به في العراق هو نظام برلماني، وبالتالي فإن تشكيل الحكومة يأتي من خلال البرلمان». وأضاف أن «المجلس الأعلى مع تغيير الكابينة الحكومية، لكنه يرى أن من الضروري هو تغييرها كلها، بمن فيها رئيس الوزراء نفسه، ومن ثم يعاد التكليف ثانية سواء للعبادي نفسه أو لشخص آخر، وذلك بناء على لجنة حيادية تتولى عملية التقييم بشكل سليم، وهو ما نتفق به مع التيار الصدري».
وردا على سؤال حول موقف المجلس الأعلى من مظاهرات التيار الصدري قال الجيزاني إن «المظاهرات نتيجة لما حصل من ترد في كل شيء، ولكن ما نخشاه في الواقع هو أن الجانب الأمني غير مستقر وهناك من يحاول استغلال مثل هذه الممارسات من أجل القيام بأعمال إرهابية قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه».
من جهته أعلن محافظ بغداد علي التميمي وهو قيادي في التيار الصدري أن المتظاهرين لن يدخلوا المنطقة الخضراء. وقال التميمي إن «هناك تنسيقًا كبيرًا بين القوات الأمنية والمنظمين من التيار الصدري، لإتمام هذه المظاهرة السلمية، التي دعا إليها القائد مقتدى الصدر»، مبينًا أنه «أوعز بوضع حواجز أمنية بين القوات الأمنية المسؤولة عن حماية المنطقة الخضراء، وبين المتظاهرين». وحذر التميمي، من «وجود مندسين بين المتظاهرين، قد يحاولون الإساءة للقيادات الأمنية أو للمتظاهرين»، مشيرًا إلى «تكليف لجان مشتركة من القوات الأمنية والمنظمين في التيار الصدري، لإبعاد هؤلاء المشبوهين»، مؤكدًا «تأييده للإصلاحات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.