«ربكة» تضرب الحكومة بسبب برنامجها أمام البرلمان المصري

خبراء: تأجيل البيان لتعديل وزاري مُرتقب.. والخوف من آثاره عقب عرضه

«ربكة» تضرب الحكومة بسبب برنامجها أمام البرلمان المصري
TT

«ربكة» تضرب الحكومة بسبب برنامجها أمام البرلمان المصري

«ربكة» تضرب الحكومة بسبب برنامجها أمام البرلمان المصري

تشهد أروقة الحكومة المصرية حالة من «الربكة» الشديدة بعد أن تضاربت تصريحات المسؤولين حول موعد عرض الحكومة لبرنامجها على مجلس النواب للحصول على ثقته، لأكثر من مرة، وهو ما يثير حالة من الجدل داخل الأوساط المصرية. حيث كان مقررا أن تعرض الحكومة برنامجها على المجلس نهاية فبراير (شباط) الماضي، لتجديد الثقة أو تشكيل حكومة جديدة. وقال خبراء في الشأن السياسي المصري لـ«الشرق الأوسط» إن «سبب عدم عرض الحكومة لبيانها أمام البرلمان حتى الآن هو الرغبة في قيامها بتعديل وزاري محدود، فضلا عن الخوف من الآثار المترتبة بعد عرض البيان، لأنه سيكون كاشفا لكل خطط وبرامج الحكومة».
وأثارت تصريحات المستشار مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، حالة من الغموض عقب إعلانه أمس أن حكومة شريف إسماعيل ستلقي خطابها أمام البرلمان في 19 مارس (آذار) الحالي، إلا أن كلامه لم يمر عليه ساعات، ليخرج العجاتي مرة ثانية ويعلن تأجيل الخطاب دون تحديد موعد، ثم يعود بعدها بدقائق ليؤكد لثالث مرة أن الموعد تحدد له 27 مارس، وسط تكهنات بتأجيل البيان لموعد جديد غير مُحدد، وعدم التزام الحكومة، بحسب مراقبين.
مصدر مصري أكد أن «الحكومة انتهت من إعداد برنامجها بالفعل لعرضه على البرلمان»، فيما يرى مراقبون أن «هناك اتجاها داخل البرلمان لطرح الثقة في الحكومة بشرط إجراء تعديل وزاري»، وقال المراقبون إن «التعديل الوزاري قد يأخذ فترة أطول، نظرا لعدم الاستقرار على الأسماء المرشحة لتولي الحقائب الوزارية.. وأن الحكومة عليها أن تتحرك بسرعة للانتهاء من عرض برنامجها قبل نهاية مارس».
وأكد الدكتور ياسر كاسب، رئيس المركز الإقليمي للدراسات البرلمانية، أن «الحكومة سوف تجري تعديلات في بعض الوزارات قبل عرض برنامجها على مجلس النواب»، لافتا إلى أن أسباب تأجيل الحكومة لبيانها غير مُبرر بالمرة، لأنها ليست حكومة جديدة ومن المفترض أن يكون لديها خطة عمل تعمل عليها.
وقال كاسب، وهو خبير شؤون برلمانية، إن «ما ستقوم به الحكومة هو عرض خطة عملها على البرلمان، والتي لا بد أن تكون مقبولة من نوابه، حتى يستطيع البرلمان أن يُحاسب الحكومة»، لافتا إلى أن الحكومة سوف تُقدم رؤية عمل وهو برنامج يعده البرلمان موافقة على الحكومة بتشكيلها الحالي والتي وافق على تشكيلها الرئيس عبد الفتاح السيسي.. والدستور المصري وضع أكثر من سيناريو لتسمية الحكومة منها أن الحكومة الحالية سوف تستمر في حال عرض برنامجها على المجلس ونيل الموافقة.
وأضاف كاسب لـ«الشرق الأوسط» أن تصور البعض بأن البرلمان الآن مشغول باللائحة الداخلية وأن وقت نوابه منصب عليها ما دعا الحكومة لتأجيل تقديم برنامجها، غير مقبول، لأن انشغال البرلمان باللائحة لا يعوق الحكومة في أن تُقدم برنامجها، لافتا إلى أنه من المفروض على الحكومة أن لا تضع شيئا يخضع للتكهنات، وعليها أن تخرج بشفافية لتتحدث للرأي العام عن هذا المشهد الغامض.
وبعد نحو شهرين من انعقاده، يواجه البرلمان المصري حالة من الاضطراب بسبب خلافات بين نوابه وصلت لدرجة رفع الأحذية، وعدم إقراره للائحته الداخلية، فضلا عن رفع الحصانة عن النائب توفيق عكاشة في أعقاب لقائه السفير الإسرائيلي بالقاهرة حاييم كورين قبل نحو أسبوع في قريته شمال دلتا مصر.
وحول وجود تخوف من الحكومة أن برنامجها لن يحظى بقبول نواب البرلمان، قال كاسب، حتى لو كان هذا التصور موجودا بالفعل.. فإلى متى سوف تهرب الحكومة من مواجهته؟، مضيفا: هناك علامات استفهام كبيرة حول أداء بعض الوزارات، ولو كان هذا الهاجس (أي عدم موافقة النواب على برنامجها) موجودا لدى لحكومة فهي ليست ممتدة إلى ما لا نهاية، لافتا إلى أنه قد يكون التخوف بعد عرض برنامجها، حيث قد تتعالى أصوات ضدها في داخل البرلمان وخارجه، لأن هناك خططا ستكون غير واضحة وبرامج من دون آليات عمل.. فالبيان سيكون كاشفا وسوف يُسلط الضوء على الحكومة وسيكون له آثار عقب عرضه.
ويرى مراقبون أن «هناك اتجاها لدى بعض النواب خاصة في محافظات مصر بتأييد الحكومة الحالية حتى لو أن أداءها متواضع ومتوسط كمحاولة لتحسين الأداء».
من جانبه، قال أحمد سامي، أمين الإعلام بـ«مستقبل وطن» حزب الأكثرية في ائتلاف «دعم مصر» داخل البرلمان، إن «أداء الحكومة غير مرض على الإطلاق، والحزب يسعى أن تكون الحكومة حكومة سياسيين، حتى تكون قادرة على اتخاذ قرارات سريعة»، مطالبا الحكومة بسرعة الانتهاء من برنامجها وعرضه على النواب، لافتا إلى أن هناك بعض الأزمات والمشكلات في بعض الوزارات تحتاج مُعالجات فورية، لأن الشعب المصري لم يلمس منهم أي أداء.
ويُعد ائتلاف «دعم مصر» من أبرز الائتلافات التي أعلن عنها في البرلمان، ويضم 370 عضوا من عدد الأعضاء البالغ 596 ويتكون «دعم مصر» بشكل رئيسي من الأعضاء المستقلين الذين يمثلون 75 في المائة من عدد أعضاء المجلس، فضلا عن عدد من الأحزاب في مقدمتها «مستقبل وطن».
وأضاف سامي لـ«الشرق الأوسط» أن «حزبه في البرلمان لن يقبل أي بيان من الحكومة غير مُحدد بفترة زمنية لتحقيقه»، لافتا إلى أن محاولات الحكومة عمل تعديل وزاري غير مقبول الآن، متسائلا: بناء على ماذا تستند الحكومة في هذه الخطوة؟
وأكد سامي، وهو عضو الهيئة العليا لحزب «مستقبل وطن» لا نطالب الحكومة بترميم وزارتها، بل بحلول جذرية وقرارات واضحة.. فلدينا كثير من المشكلات، والحكومة لم ترتق بعد للأداء الناجح للرئيس السيسي، وعلى جميع الوزارات أن يكون لها دور في مساعدة الرئيس.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.