الإدمان معركة حياة أو موت، وليس هناك أفضل من جسد هذه المعركة بإقناع، مثل النجم البريطاني كلايف أوين في المسلسل التلفزيوني «ذي نيك»، The Knick، الذي تقمص فيه شخصثية الدكتور جون ثاكراي. في الجزء الأول من المسلسل، ظهر الممثل كمدمن على المخدرات حتى يستطيع التعاطي مع الضغوطات التي كان يرزح تحتها كجراح عبقري وناجح. في الجزء الثاني تم التركيز على محاولاته العلاج لإنقاذ حياته الشخصية والعملية على حد سواء.
غني عن القول إن السلسلة التي جرت أحداثها في القرن التاسع عشر، شدت المشاهدين وحققت نسبة مشاهدة عالية أكدت عبقرية كلايف أوين في تقمص الأدوار الصعبة، حتى وإن كانت تلفزيونية.
لا ينكر النجم البريطاني أنه أحب شخصية الدكتور ثاكراي وتفاعل معها، ولا يمانع أن يكون للسلسلة جزء ثالث، مشيرا إلى أن «ما يقنع الممثل ويشجعه على قبول أي دور، ليس أن يكون العمل سينمائيا أو تلفزيونيا؛ بل هو السيناريو ومدى قوته.. ما إن قرأت السيناريو حتى اقتنعت بقوته».
وحتى يُطمئن عشاق المسلسل تابع: «هناك دائما فرصة لتجديد العقد وأخذ العمل إلى مرحلة جديدة».
اللقاء مع الممثل البريطاني لم يكن عن مسيرته الفنية ولا للحديث عن فيلم جديد سيصدر له قريبا، بل عن علاقته بدار «جيجير لوكولتر» التي تحتفل بـ85 عاما على ولادة ساعتها الأيقونية «ريفيرسو»، فهو سفير للدار منذ خمس سنوات تقريبا. بساطته وتلقائيته تلفتان انتباهك، عندما يدخل الغرفة ويمد يده مصافحا ثم منتظرا إلى أن يجلس الجميع قبل أن يأخذ مكانه. ورغم أناقته الكلاسيكية التي يبدو واضحا أنه انتبه إلى كل تفاصيلها، فإنه يريد أن يعطي الانطباع بأن الأمر ليس مهما بالنسبة له. كان يرتدي بدلة مفصلة تحدد جسمه من «جيورجيور أرماني» كذلك القميص، وطبعا ساعة «ريفيرسو» لـ«جيجير لوكولتر». كانت بارزة حتى عندما لا يحرك يده ليشير إلى علبتها الكلاسيكية أو يُظهر إعجابه بظهرها. كان هناك نوع من الخجل وهو يتكلم عن الأناقة والموضة، ربما هو ذلك التواضع الذي يطبع سكان مدينته، كوفنتري، ويجعلهم لا يميلون لاستعراض الجاه أو أي شيء يمت إليه بصلة. عند سؤاله عن مصممه المفضل، رد دون تردد بأنه «جيورجيو أرماني» وبالسرعة نفسها أضاف: «أنا محظوظ جدا لأن علاقتي بكل من (أرماني) و(لوكولتر) جيدة، فهما يجسدان الحرفية والكلاسيكية التي لا تعترف بزمان أو مكان، وهو ما يروق لي كثيرا». بيد أنه على الرغم من تواضعه وكلاسيكية مظهره، فإنك تشعر بأنه يمكن أن يكون قدوة للشباب، ليس لأسلوبه الكلاسيكي فحسب، بل أيضا لأسلوبه في التعامل مع النجاح والعمل.. فالترف الحقيقي بالنسبة له هو الوقت الذي يقضيه مع زوجته وأولاده في الإجازات عندما لا تكون له ارتباطات عمل.
يقول إن علاقته بـ«جيجير لوكولتر» تعود إلى خمس سنوات تقريبا، إلا أنها المرة الثانية التي يحضر فيها صالون جنيف للساعات الفاخرة، «فمرور 85 عاما على ولادة ساعة (ريفيرسو) الأيقونية، يستحق احتفالا يليق بها» وطبعا حضوره شخصيا.
طوال الحديث معه، تتأكد بأن «جيجير لوكولتر» كانت محقة في اختياره سفيرا لها، وموفقة أيضا، لأنه لم يتوقف عن المديح في الدار وفي ساعته «المفضلة» وقصة البداية وتطورها. كل هذا بسيناريو يشد الأنفاس يقول فيه إن البداية كانت عضوية ولدت بشكل طبيعي، حيث التقى مع مسؤولين في الشركة في عدة مناسبات، سينمائية واجتماعية، و«شعرنا بارتياح بعضنا لبعض، فقد كانت هناك عدة قواسم مشتركة بيننا، وبالتالي كان من السهل علي أن أقبل العرض. ما زاد من تحمسي أني كنت بالأساس معجبا بساعاتها الرياضية، لهذا لا أعد العملية عملا إضافيا بقدر ما هي متعة بالنسبة لي، تعززت بعد أن زرت (شواغلها) السويسرية وتعرفت على ثقافة العمل فيها وكيف ينفذ الحرفيون كل ساعة بدقة متناهية وحب وصبر». يعترف بأنه هاو لاقتناء الساعات، وبأنه يمتلك عددا منها، وكلما كانت بأسلوب رياضي أو بوظائف مناسبة للأنشطة الرياضية وبعلبة كلاسيكية، يجد صعوبة في مقاومة إغراءاتها. ويعلق كأنه يبرر لنفسه: «الرجل سيلبس ساعة يد ميكانيكية وكلاسيكية، مهما تطورت التكنولوجيا وتغيرت الموضة، ومن الصعب أن يتخلى عنها، فهي مثل ربطة العنق التي تدخل ضمن أساسيات أي بدلة أنيقة».
ورغم أنه يقوم بدوره سفيرا لـ«جيجير لوكولتر» على أحسن وجه، بدليل أنه لم يتوقف عن التغني بثقافتها ودقة ساعاتها وتقنياتها وجمالياتها، فإن قسمات وجهه كانت تنشرح أكثر ولغة جسمه ترتاح عندما يتحول الحديث إلى أعماله ومشاريعه الفنية المتنوعة، من «برودواي»، إلى السينما، ومؤخرا التلفزيون. وهناك آمال كبيرة بأن يعود إلى الشاشة الصغيرة من خلال جزء ثالث لـ«ذي نيك»، خصوصا أن نجاحه فتح شهيته على المزيد بعد 15 عاما ركز فيها على السينما والمسرح.. «الحقيقة أني لم أشعر بأن (ذي نيك) عمل تلفزيوني، لأنه صور كفيلم سينمائي، ثم أن المهم بالنسبة لي هو أن أطور نفسي وأن أمنح نفسي فرصا لتقمص شخصيات مختلفة، علما بأن كتّاب الأعمال التلفزيونية برهنوا في الآونة الأخيرة على أنهم على قدر عال من الحرفية والإبداع». وأضاف: «القصة والسيناريو هما اللذان يحفزانني، ويذكرانني لماذا احترفت التمثيل أساسا. فعندما لعبت شخصية (همنغواي) في فيلم (هيمنغواي وغيلهورن) Hemingway & Gellhorn مع نيكول كيدمان، كان للكل فكرة أو تصور عن الشخصية بحكم أنهم يعرفونها جيدا، بينما شخصية ثاكراي في مسلسل (ذي نيك) كانت العكس، من حيث إنها منحتني حرية تشكيلها بأسلوبي، لأنها كانت صفحة بيضاء».
ظهر الممثل في عدة أعمال مع بطلات من عيار أنجلينا جولي، وجوليا روبرتس، ونيكول كيدمان، وكيت بلانشيك، وجوليان مور، وناتالي بورتمان.. وغيرهن، إلا أن أبطاله في الحياة، ليسوا نجوم هوليوود، بل هم رياضيون، خصوصا أنه يعشق كرة التنس وكرة القدم؛ الأولى يمارسها ويتابعها، والثانية يتابعها بشغف.. فهو يعد لاعب التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش أحسن لاعب، كذلك البريطاني ستيفن جيرار في مجال الكرة. يحكي عن لقاء جرى بينه وبين جيرار في إحدى المرات، بحماسة طفل وكأنها سبق أو إنجاز: «إنه محترف، لا يتكلم كثيرا، بل يقول كل ما يريده في الميدان.. إنه لا ينفش ريشه في الخارج، فهو متواضع، لهذا أحترمه كثيرا».
ينتهي اللقاء على هذه الكلمات لتخرج من القاعة الضيقة إلى فضاء «صالون جنيف» للساعات الفاخرة، وأنت تشعر بأن كل كلمة وصف بها بطله ستيفن جيرار يمكن أن تنطبق عليه بسهولة.
«ريفيرسو».. 85 عامًا من المفاجآت
> الساعة التي تكلم عنها النجم كلايف أوين بحماس ولا تفارق معصمه في كل المناسبات، هي «ريفيرسو». كما يدل اسمها تتميز بوجهين، وجه أمامي لقراءة الوقت، وآخر خلفي يتيح نقش اسم صاحب السعة أو تاريخ أي مناسبة مهمة عليه.
ظهرت أول مرة في عام 1931، ولا تزال حتى الآن تثير نفس مشاعر الإعجاب بخطوطها المستمدة من الفن الزخرفي، أرت ديكو وأرقامها العربية، وتطور تقنياتها. بمناسبة عيد ميلادها الخامس والثمانين، حافظت «جيجير لوكولتر» على أناقتها الكلاسيكية وروحها المعاصرة، سواء في «ريفيرسو كلاسيك»، و«ريفيرسو تريبيوت» أو «ريفيرسو وان»، ومن خلال ثلاثة أحجام، مع إدخال الحركة الأوتوماتيكية في عددٍ من موديلات «ريفيرسو كلاسيك». ما يميز هذا الموديل تحديدا أنه للجنسين نظرا لشكله الكلاسيكي.