يقضي طارق محرم ورفاقه من المقاتلين المعارضين في مدينة حلب وقتهم في اللهو بـ«البلاي ستايشن» أو احتساء الشاي، فيما يضعون أسلحتهم إلى جانبهم مستفيدين من هدوء الجبهات في اليوم الخامس على سريان وقف إطلاق النار في سوريا.
ومنذ دخول الهدنة حيز التنفيذ ليل الجمعة السبت، حاولت عناصر الفصائل المقاتلة المعارضة للنظام في حلب (شمال) استعادة شيء من حياتهم الطبيعية، فمنهم من عاد إلى منزله وزوجته وبينهم من استغل الفرصة لتلقي العلاج، بينما آخرون يلهون في مقراتهم.
ويقود طارق (35 عامًا) كتيبة «فجر الشهباء» التي وافقت على اتفاق وقف الأعمال العدائية بموجب قرار روسي أميركي يستثني تنظيم داعش، وجبهة النصرة.
ويقول إن «الأمور تحسنت منذ أربعة أيام، فالقصف الجوي توقف على مدينة حلب». لكنه لم يخلع لباسه العسكري. ويروي بينما يلعب بـ«البلاي ستايشن» مع رفاقه في أحد مقراتهم العسكرية، أنه يقضي وقته حاليًا «في متابعة وتفقد النقاط الواقعة ضمن إطار مسؤوليته، وتأمين ما يلزم للمقاتلين من طعام وشراب». وينعم سكان ومقاتلو مدينة حلب منذ السبت بهدوء استثنائي لم تعرفه المدينة التي شهدت منذ صيف 2012 معارك شبه يومية بين الفصائل المقاتلة التي تسيطر على أحيائها الشرقية وقوات النظام في أحيائها الغربية.
ووقف أسامة (25 عامًا)، المقاتل في كتيبة «مجاهدي السنّة»، في سوق الخضار في حي الفردوس يشتري بعض المستلزمات التي طلبتها زوجته لتحضير الغداء. وتزوج أسامة منذ نحو شهرين، إلا أنه لم يتمكن من تمضية الوقت الكافي مع زوجته، خصوصا أن المعارك اشتدت كثيرًا خلال الأسابيع التي سبقت وقف إطلاق النار وتحديدًا في ريف حلب الشمالي إثر هجوم لقوات النظام السوري فقدت خلاله الفصائل المقاتلة مناطق استراتيجية عدة. وباتت الأحياء الشرقية لمدينة حلب مطوقة تقريبًا من جميع الجهات باستثناء طريق واحد من الجهة الشمالية الغربية كان يشهد اشتباكات. ويقول أسامة: «أقضي معظم وقتي في المنزل، وبت أشعر بأن الحياة طبيعية في غياب أصوات الطائرات الحربية والقصف المدفعي». وأكثر ما يخشاه أسامة هو «العاصفة ما بعد هذا الهدوء».
وفي حي سيف الدولة في وسط حلب، يتبادل أبو فجر (32 عامًا) الذي ينتمي إلى «الجبهة الشامية» أطراف الحديث مع مقاتلين آخرين عند أحد خطوط التماس مع الجيش السوري.
ويتذكر أبو فجر مآثره خلال المعارك ويصف نفسه بـ«المقاتل المتمرس»، وهو الذي تعرض لإصابات عدة اضطرته في إحدى المرات إلى البقاء لمدة شهر في المنزل. ويشارك أبو فجر مخاوف أسامة، ويخشى من أن «ينتهك النظام الهدنة فور تعزيز قواته ويشن هجومًا واسعًا».
وزيّن أبو نورا (38 عامًا)، أحد قادة «الجبهة الشامية»، المركز الذي يرابط فيه في حي صلاح الدين ببعض الأثاث المنزلي والزهور.
ويمسك بهاتفه الجوال يتصفح حسابه على موقع «فيسبوك»، ويقول: «تغير الوضع قليلاً هنا على الجبهة، فقبل الهدنة كانت الاشتباكات وتبادل القذائف المدفعية بشكل شبه يومي».
ويتهم أبو نورا قوات النظام بعدم احترام الهدنة منذ اليوم الأول، مشيرًا إلى إصابة أحد عناصر كتيبته بجروح بعد الهدنة مباشرة. إلا أنه يستغل الهدوء بشكل عام لاحتساء الشاي مع رفاقه في المركز أو في المنزل برفقة أطفاله الأربعة.
ورغم الهدوء، لا يبدي أحمد جلال (21 عامًا) تفاؤلاً باتفاق الهدنة. وأمام مقر فصيل «قوات النصر»، يجلس مع رفاقه يستريحون من مباراة كرة قدم خاضوها معًا، ويبدي تخوفه من «ضربة كبيرة» لقوات النظام. لذلك فإنه «يقضي فترة مناوبته في الجبهة في التدشيم (وضع أكياس الرمل كسواتر للحماية)»، على حد قوله. ويعتقد أحمد أن «الحرب ما زالت طويلة»، إلا أنه يأمل أن «تنتهي قريبًا كي يعود لعمله في الطباعة ويتزوج».
جلسات شاي وألعاب فيديو لمقاتلي المعارضة في حلب مع هدوء الجبهات
المقاتلون يبدون تخوفًا من «ضربة كبيرة» لقوات النظام بعد الهدنة
جلسات شاي وألعاب فيديو لمقاتلي المعارضة في حلب مع هدوء الجبهات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة