قلب الاتحاد الأوروبي يضخ الدماء خارج الجسد

الصين أهم مُصدر لألمانيا.. والولايات المتحدة أهم مستورد

مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)
مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)
TT

قلب الاتحاد الأوروبي يضخ الدماء خارج الجسد

مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)
مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)

أصبحت الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لألمانيا متفوقة على فرنسا في العام الماضي لأول مرة منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، بحسب ما أظهرت بيانات رسمية ألمانية أمس الأربعاء.
وقال مكتب الإحصاءات الفيدرالي الألماني في بيان بأن «البيانات الأولية أظهرت أن إجمالي قيمة السلع التي تم تبادلها بين الولايات المتحدة وألمانيا بلغ 173.2 مليار يورو (188 مليار دولار)».
وأضاف البيان أن «ذلك يعني أن الولايات المتحدة كانت أهم شريك تجاري لألمانيا في 2015 تليها فرنسا بسلع قيمتها 170.1 مليار يورو، وبعدها هولندا بـ167.6 مليار يورو».
ومن حيث الصادرات كانت الولايات المتحدة أكبر مشتر خارجي للسلع الألمانية في 2015، حيث بلغت قيمة الصادرات 113.9 مليار يورو العام الماضي.
أما الصادرات إلى فرنسا فبلغت قيمتها 103 مليارات يورو، بعد أن كانت فرنسا هي أكبر مستورد للسلع الألمانية كل عام منذ 1961، أي لأكثر من نصف قرن.
وجاءت الإمارات في المرتبة الثالثة في قائمة أكبر الدول المستوردة للسلع الألمانية حيث بلغت قيمة وارداتها 89.3 مليار يورو.
وكانت فرنسا تعتبر الشريك التجاري الرئيسي لألمانيا في الماضي في تأكيد على الروابط السياسية والاقتصادية الوثيقة بين البلدين، إلا أن ضعف عملة اليورو مقابل الدولار وانتعاش الاقتصاد الأميركي عزز التجارة بين طرفي الأطلسي.
ومن ناحية الواردات فقد استوردت ألمانيا معظم سلعها من الصين العام الماضي بقيمة إجمالية 91.5 مليار يورو.
وجاءت هولندا وفرنسا في المرتبة الثانية والثالثة بواردات 88.1 مليار يورو و67 مليار يورو، على التوالي، ما يطرح تساؤلات حول كيفية إدارة مستقبل منطقة اليورو.
ويعتبر انخفاض حصة دول الجوار في تجارة الدول الأوروبية أمرا متوقعا منذ فترة، نتيجة بروز قوى أخرى حول العالم، واعتماد النمو العالمي على الدول الناشئة بالأساس، ولكن ما لم يكن متفقا عليه هو سرعة حدوث هذا التغيير، خاصة مع ألمانيا، قلب الاتحاد الأوروبي، الذي تدعم قوته دول الجوار، وفي بعض الأحيان يتدخل فيها، بضخ دماء جديدة «استثمارات أو قروض»، أو استعادة هذه الدماء وفرض التقشف.
ففي مطلع عام 2014 ناقش الباحثان جيم أونيل واليسيو ترسي في ورقة العمل التي أعدوها وأصدرها مركز دراسات (بروجل) المتخصص في الدراسات الاقتصادية، التغير الحادث في هيكل التجارة والاقتصاد العالميين، مع عرض توقعات حديثة لحركة التجارة والاقتصاد حتى عام 2020. مع شرح الآثار المتوقعة لتغير شكل الاقتصاد والتجارة.
وأشارت الورقة الصادرة بعنوان «تغير أنماط التجارة في العالم مع إدارة أوروبية وعالمية غير متغيرة»، إلى أن فاعلية الكثير من المنظمات الدولية، بشكلها وإدارتها الحاليين، ستتهدد مع تغير حركة التجارة العالمية.
وضربوا مثلا للمنظمات الدولية بالاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي ومجموعة الـ7 الكبار، والـ20 الكبار، وذكروا أنه على هذه المنظمات أن تتكيف مع التطورات العالمية «إذا أرادوا البقاء كممثلين شرعيين للنظام الاقتصادي العالمي».
«التغير في هيكل الاقتصاد العالمي في العشر سنوات الماضية لم يشهده العالم منذ عرف البيانات الاقتصادية نفسها» قالها جيم أونيل، مشيرا إلى النمو الكبير الذي شهدته حصة اقتصاديات الدول الناشئة من الاقتصاد العالمي.
وجيم أونيل هو من أول من أطلق لفظ «بريكس» على مجموعة الاقتصاديات الناشئة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين، والتي من المتوقع أن تشهد نموا كبيرا في القرن الحادي والعشرين، كما أنه طالب في وقت مبكر بضم اليوان الصيني إلى سلة عملات صندوق النقد الدولي، وهو ما تم إقراره بالفعل مؤخرا.
يذكر أونيل ومساعده ترسي أنه في بداية الستينات كانت الولايات المتحدة وأوروبا تشكلان ما يقرب من 67 في المائة من الناتج الاقتصادي للعالم بالإضافة إلى 10 في المائة، حصة اليابان، وحتى التسعينات من القرن الماضي ظل الثلاثة الكبار يسيطرون على اقتصاد العالم، ففي عام 1994 كانت الصين تتحكم في أقل من 3 في المائة من ناتج العالم.
أما في القرن الجديد، فكان التغير أكثر درامية، حيث خسر الغرب متمثلا في الولايات المتحدة وأوروبا أكثر من 10 في المائة من حصته في الاقتصاد العالم، وهي أكبر من خسارة الغرب في الـ40 عاما السابقة، وتراجعت حصة اليابان بسرعة أكبر من سرعتها في تنمية حصتها، بينما ارتفعت حصة الصين بأكثر من 5 في المائة وهي سرعة لا مثيل لها في تاريخ البيانات الاقتصادية.
الوضع مشابه في حركة التجارة، حيث لم تكن دول البريكس تسيطر إلا على أقل من 6 في المائة من تجارة العالم في أوائل التسعينات، بينما كانت الولايات المتحدة وأوروبا يسيطران على ما يقرب من 60 في المائة من حركة تجارة العالم، ولم يختلف الوضع كثيرا حتى عام 2000، ولكن في عام 2011. تضاعفت حصة دول البريكس من التجارة 3 أضعاف، هذا في الوقت الذي انخفضت فيه حصة الاتحاد الأوروبي بأكثر من 10 في المائة.
وبالطبع كانت الصين قائدة النمو في حصة دول بريكس، الدولة التي تجاوزت حصتها حصص دول عريقة في التصدير والتجارة مثل اليابان وألمانيا وإنجلترا، فما بين 2002 و2011، ارتفعت حصة الصين من التجارة العالمية بـ5.4 في المائة بينما انخفضت حصة الدول المتقدمة، دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بجوالي 12 في المائة.
ويرى الباحثان أن تغير نمط وهيكل التجارة والإنتاج حول العالم سيؤثر على طريقة إدارة الاقتصاد العالمي، ودور العملات المختلفة، ووظائف الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي.
وتوقع الباحثان أنه بحلول عام 2020 ستصل حصة دول بريكس من تجارة العالم إلى 23 في المائة، منها 16 في المائة للصين وحدها، بينما ستنخفض حصة أوروبا، أكبر تكتل تجاري في العالم، من ثُلث تجارة العالم حاليا إلى أكثر من الربع بقليل، 27 في المائة، وستنخفض حصة الولايات المتحدة الأميركية إلى 9 في المائة، ما يقرب من نصف حصة الصين.
كما توقعوا أن يكون الشركاء التجاريون الرئيسيون لدول الاتحاد الأوروبي الرئيسية من خارج الاتحاد الأوروبي، ما يعني انخفاض المنفعة من الوحدة النقدية والاقتصادية الأوروبية.
وكان أهم أربعة شركاء تجاريين لألمانيا في 2012 هم على الترتيب فرنسا، والمملكة المتحدة، وهولندا، والولايات المتحدة، وبحلول عام 2020 فإن الأمور سوف تبدو مختلفة تماما، حيث ستصير الصين أكبر سوق للصادرات الألمانية، تليها فرنسا ثم هولندا ثم بولندا.
لقد تغير هيكل تجارة ألمانيا بالفعل الآن ولكن ليس بنفس الشكل الذي توقعه الباحثان، فالولايات المتحدة والإمارات هما من تنافسان فرنسا على الواردات الألمانية، ولكن مع استمرار معدلات النمو الحالية في الناتج والتجارة الصينية ربما تتحقق توقعاتهما في الأجل القصير، ولكن يبقى التأثير على الاتحاد الأوروبي واحدا، فالمنافسان الجدد، الولايات المتحدة والإمارات، من خارج الاتحاد الأوروبي.
وتوقع الباحثان أن تتضاعف حصة واردات الصين من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا وإسبانيا، وبشكل أقل من إيطاليا وبلجيكا، بينما من المتوقع أن تظل الدول الأوروبية الصغيرة تحت سيطرة شقيقاتها الكبار.
ويعتبر تزايد حصة الدول غير الأوروبية من تجارة الدول الأوروبية تهديدا على فاعلية الاتحاد الاقتصادي والنقدي في أوروبا، فمن حيث المبدأ، فإن أحد أهم المبررات لتوحيد العملة بين دول أوروبا، هي أن معظم تجارة الدول الأوروبية تتم مع دول أوروبية أخرى، خاصة مع الروابط التجارية القوية بين الدول الكبار، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ولو تغير هذا الوضع لصالح «زيادة حصة تجارة الدول الأوروبية مع دول من خارج أوروبا»، فهذا يعني أن فوائد الاتحاد الاقتصادي والنقدي ستتناقص مع الوقت، ولن يبقى الغرض من إنشاء الاتحاد واضح كما هو الآن.
الأكثر من هذا أن القواعد العلمية المُثلى لتحديد المساحة التي يتعامل فيها البشر بعُملة واحدة، تشير إلى أن منطقة تضُم شركاء تجاريين غير متجانسين، ويعتمد ناتجهم الإجمالي على صادراتهم بشكل متزايد، هي منطقة يزيد احتمال تعرضها لصدمة على مستوى الاقتصاد الكلي تضرب منطقة اليورو بأكملها، هذا في وقت تعاني فيه المنطقة في الأساس من حالة ركود.
ووفقا لهذا السيناريو فإن الدول الأوروبية ستختلف وجهة نظرها حول السياسة النقدية المُثلى وفقا لحالة كل دولة نتيجة وجود كل دولة في منطقة مختلفة من دورة الاقتصاد والأعمال، بين حالات الركود والنمو، وقتها ستكون المنفعة من تبادل نفس العملة مع باقي الدول الأوروبية، قد انخفضت.
وقدم الباحثان بعض النصائح لصانعي القرار في أوروبا، لتقوية هذا الاتحاد، حيث يربط الباحثان بين ضرورة زيادة مرونة الاتحاد الأوروبي في مواجهة التحديات المستمرة، بما في ذلك انخفاض حصة التجارة البينية داخل أوروبا من إجمالي تجارة دول أوروبا، مقارنة بالوضع وقت إنشاء الاتحاد الاقتصادي والنقدي.
أحد أهم النصائح التي قدمتها ورقة العمل هو أن يتم تمثيل الاتحاد الأوروبي ككتلة واحدة في المؤسسات والمحافل الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، ومجموعة الـ7 الكبار «المُنقحة»، على أن يتم السماح للدول الأوروبية الكُبرى بتمثيل نفسها بشكل فردي داخل مجموعة الـ20 الكبار، وفوائد هذا الاقتراح هو توحيد صوت الاتحاد وتوجهه، بالإضافة لإتاحة مساحة أكبر للصين وغيرها من الدول التي تتزايد حصتها وتأثيرها في الاقتصاد العالمي.
إلا أن ورقة العمل تُشكك في إمكانية أن تستمر دول الاتحاد في موقفها الداعم للاتحاد، حيث تشير التوقعات إلى أن تجارة الأوروبيين ستتجه بشكل أكبر إلى خارج الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أن الدول الأوروبية ستكون أميل لتمثيل أنفسها بشكل فردي في المؤسسات الدولية بدلا من وجودهم ككتلة واحدة، هذا في الوقت الذي ستكون فيه الدول غير الأوروبية أقل حاجة للتعاون والتنسيق مع دول كان يمكن تمثيلها بمقعد واحد، حيث كان يمكن التنسيق والتعاون معه ممثلا لكل الدول التابعة له، لذا فمن الأفضل أن تشارك دول الاتحاد الأوروبي بممثل واحد وهذا يزيد من قوة دول منطقة اليورو.
وضرب الباحثان مثل بإيطاليا، الدولة الأوروبية التي تدير اقتصاد بحجم أقل من رُبع حجم اقتصاد الصين، ويقل عن حجم اقتصاد دول من مجموعة الاقتصادات الناشئة، البريكس، مثل الهند والبرازيل، وبحلول عام 2020 سيكون حجم الاقتصاد الصيني 6 أو 7 أضعاف حجم الاقتصاد الإيطالي ومع ذلك فإيطاليا تحتل موقعا متميزا في صندوق النقد الدولي، وهي عضو في مجموعة الـ7 الكبار، الأغرب أن إيطاليا ليست أصغر اقتصاد في مجموعة الـ7 الكبار، بل هي أكبر من كندا: «واستمرارهما داخل مجموعة الـ7 الكبار أمر لا يمكن تبرريه»، وفقا للباحثين، خاصة إذا كانت إيطاليا تشارك نفس السياسات المالية والنقدية مع فرنسا وألمانيا، وهم أيضا أعضاء في مجموعة الـ7 الكبار والاتحاد الأوروبي، فما هو مبرر تمثيلها القوي في المحافل الدولية؟
ويشير الباحثان إلى أن استمرار دول مثل إيطاليا في مجموعة الـ7 الكبار، لن يكون في مصلحة الاقتصاد العالمي، لأنه سيقلل من دور المجموعة في إدارة الاقتصاد العالمي، وسيحولها من مجموعة من المفترض أنها تمثل أكبر الاقتصاديات، إلى نادٍ للديمقراطيات الغربية: «هذا إن بقت المجموعة خلال السنوات القادمة على قيد الحياة».
لذا يقترح «أونيل» أن يتم خلق مجموعة «الـ7 الكبار الجديدة»، وهي تضم ممثلا واحدا عن الاتحاد الأوروبي، وهذا من شأنه توفير مقعدين أحدهما للصين، القوة الصاعدة الواضحة، والآخر لقوة صاعدة أخرى، وبعد هذا الإجراء سيكون واضحا لإنجلترا وكندا، الدولتان صاحبتا الاقتصاديات الأصغر في المنظمة أنهما لا يملكان الأسباب الكافية للاستمرار في مجموعة «الـ7 الكبار الجديدة»، على أن تتم إتاحة فرصة للاقتصاديات الخارجة من مجموعة الـ7 الكبار، لتمثيل أنفسها في مجموعة الـ20 كبار.



بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ليل الجمعة - السبت، إطلاق عملته المشفرة التي تحمل اسمه، ما أثار موجة شراء زادت قيمتها الإجمالية إلى عدة مليارات من الدولارات في غضون ساعات.

وقدّم ترمب، في رسالة نُشرت على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» وعلى منصة «إكس»، هذه العملة الرقمية الجديدة بوصفها «عملة ميم»، وهي عملة مشفرة ترتكز على الحماس الشعبي حول شخصية، أو على حركة أو ظاهرة تلقى رواجاً على الإنترنت.

وليس لـ«عملة ميم» فائدة اقتصادية أو معاملاتية، وغالباً ما يتم تحديدها على أنها أصل مضاربي بحت، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوضح الموقع الرسمي للمشروع أن هذه العملة «تحتفي بزعيم لا يتراجع أبداً، مهما كانت الظروف، في إشارة إلى محاولة اغتيال ترمب خلال حملة الانتخابات الأميركية في يوليو (تموز) التي أفضت إلى انتخابه رئيساً».

وسرعان ما ارتفعت قيمة هذه العملة الرقمية، ليبلغ إجمالي القيمة الرأسمالية للوحدات المتداولة نحو 6 مليارات دولار.

ويشير الموقع الرسمي للمشروع إلى أنه تم طرح 200 مليون رمز (وحدة) من هذه العملة في السوق، في حين تخطط شركة «فايت فايت فايت» لإضافة 800 مليون غيرها في غضون 3 سنوات.

ويسيطر منشئو هذا الأصل الرقمي الجديد، وبينهم دونالد ترمب، على كل الوحدات التي لم يتم تسويقها بعد، وتبلغ قيمتها نظرياً نحو 24 مليار دولار، بحسب السعر الحالي.