المتحدث باسم «صيانة الدستور»: المخابرات والحرس الثوري وراء إقصاء المرشحين

قال إنه استقال احتجاجًا.. وأجبر على البقاء * مصادر مطلعة: أصحاب القرار ضغطوا على روحاني من أجل تغيير نتائج طهران

مجلس الشورى الإيراني يواصل جلساته بعد يومين من إعلان نتائج الانتخابات أمس (أ.ف.ب)
مجلس الشورى الإيراني يواصل جلساته بعد يومين من إعلان نتائج الانتخابات أمس (أ.ف.ب)
TT

المتحدث باسم «صيانة الدستور»: المخابرات والحرس الثوري وراء إقصاء المرشحين

مجلس الشورى الإيراني يواصل جلساته بعد يومين من إعلان نتائج الانتخابات أمس (أ.ف.ب)
مجلس الشورى الإيراني يواصل جلساته بعد يومين من إعلان نتائج الانتخابات أمس (أ.ف.ب)

لم يمض يومان على إعلان النتائج النهائية في الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس خبراء القيادة في طهران حتى وجه المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، نجاة الله إبراهيميان انتقادات حادة على مسار العملية الانتخابية في إيران ورفض أهلية المرشحين.
وكشف إبراهيميان في حوار نشرته صحيفة «اعتماد» الإيرانية أمس، تفاصيل جديدة عن ملابسات حذف عدد كبير من المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور، واعترف بالدور الذي لعبته كل من مخابرات الحرس الثوري ووزارة المخابرات في إقصاء عدد كبير من المرشحين. واعتبر إبراهيميان ما جرى تداوله عن «قائمة بريطانية» واتهام المرشحين بتلقي دعم من بريطانيا في الانتخابات من القضايا «غير الأخلاقية» في إيران. كما أعرب إبراهيميان عن بالغ أسفه من رفض أهلية حفيد الخميني، حسن الخميني وإقصائه من الانتخابات. يشار إلى أن المرشد الأعلى علي خامنئي كان من أول من هاجم بريطانيا واتهمها في التدخل بالانتخابات الإيرانية لصالح تيار خاص في إشارة إلى ائتلاف الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
وكان مجلس صيانة الدستور نفى إبراهيميان استقالته من منصبه بعد إعلان نتائج البت بأهلية المرشحين فيما أكد إبراهيميان صحة تلك الاستقالة، مشددا على أن قانون الانتخابات الإيرانية «يعاني من خلل كبير». وأضاف بأنه قدم استقالته لأنه «غير راض من أدائه في إقصاء المرشحين» وفي إشارة إلى خشية النظام في إيران من الاستحقاقات الانتخابية بعد أحداث شهدتها إيران في 2009 عقب ما تردد عن التلاعب بالنتائج لصالح الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، اعترف إبراهيميان أن الانتخابات «تثير حساسيات كبيرة» داخل المجتمع الإيراني. وشدد إبراهيميان على ضرورة توصل الإيرانيين إلى آلية انتخابية جديدة تجنب البلاد من المخاطر وتحافظ على «مصداقية» الانتخابات. وأشار إبراهيميان إلى خلافات عميقة بين الفريق القانوني الذي يشكل نصف أعضاء مجلس صيانة الدستور مع رئيس المجلس آية الله أحمد جنتي حول مسار العملية الانتخابية. يذكر أن الفريق القانوني يختاره رئيس السلطة القضائية بمشورة من المرشد الأعلى.
وفي تصريحاته التي وصفتها وسائل إعلام إيرانية بـ«غير المسبوقة» في تاريخ الانتخابات الإيرانية، كشف إبراهيميان مسار عملية البت بأهلية المرشحين بتدخل مباشر من «المخابرات» التي عد معاييرها متغيرة من انتخابات إلى أخرى وفق تأثرها «بأهواء» الجهاز الحكومي الذي يحكم البلاد.
على صعيد متصل، رد هاشمي رفسنجاني على تصريحات رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني وقال إن «الحقودين في الداخل يدفعهم البؤس في التشبث إلى البريطانيين و(داعش).. من أجل التلاعب بإحساس الناس وكان لاريجاني قد اتهم البريطانيين وأميركا و(داعش) بدعم حملة من أجل إقصاء المقربين من خامنئي في الانتخابات».
بدوره ذكر موقع «نغام» الإخباري المعارض نقل عن مصادر «موثوقة» في مجلس صيانة الدستور أن دوائر صنع القرار مارست ضغوطا على الحكومة ووزارة الداخلية قبل إعلان نتائج الانتخابات في طهران، وأضاف الموقع أن أجهزة «فاسدة» حاولت تكرار سيناريو انتخابات الرئاسة في 2009 من أجل تغيير نتائج الانتخابات وفق «أهواء» أصحاب القرار.
وبحسب المصادر، فإن الداخلية والحكومة تلقت تهديدات بأبطال الانتخابات في دوائر انتخابية في طهران بهدف إضافة مرشحين مهزومين على رأسهم مستشار خامنئي في الشؤون الثقافية وقائد القائمة «الأصولية» غلام علي حداد عادل.
وبینما تشیر المعطیات الأولى من نتائج الانتخابات في إيران إلى توازن سياسي محتمل في البرلمان بين المعسكرين الأساسيين في النظام السياسي الإيراني ترجح أوساط إيرانية صعود أشكال جديدة من الكتل السياسية واختفاء التقسيمات التقليدية في البلاد التي اشتهرت بالأصولي والإصلاحي.
وكانت القائمة المدعومة من الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني فازت بغالبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية ومجلس خبراء القيادة في إيران خصوصا الأصوات التي أحرزها رفسنجاني على الرغم من خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي والعاصفة التي تبعته من مواقف للمسؤولين الإيرانيين والحملات الدعائية من وسائل الإعلام المقربة من الحرس الثوري حول «القائمة البريطانية».
ويرجح المراقبون أن تكون رغبة سكان العاصمة في الثأر من تدخل خامنئي في نتائج انتخابات 2009 ودعمه لأحمدي نجاد السبب الرئيسي في تكرار نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بموجبها حسن روحاني في 2013 وكان توجه الإيرانيين هذه المرة بالتصويت ضد المرشحين المقربين منه سببا في صعود ائتلاف روحاني ورفسنجاني. وفي سياق ذلك، كانت عملية البت بأهلية المرشحين وإبعاد المرشحين البارزين من النخب وأساتذة جامعات عاملا كبيرا في إصرار أهل العاصمة على التصویت السلبي ضد مرشحي المرشد من خلال التصويت لمنافسيهم وهو ما يعني أن الاختيار لم يكن إلا رغبة من الإيرانيين بتغيير تشكيلة البرلمان وهو ما أدى في تعزيز سلة قائمة «الأمل» الانتخابية التي جمعت مرشحين من أطياف مختلفة وإلى جانب عدد كبير من المستقلين من المحافظات الأخرى لم تعد التسميات «الإصلاحية والأصولية».
تزامنًا مع ذلك، أظهر تقرير وكالة «مهر» أمس تراجع أسهم الرئيس الإيراني في انتخابات مجلس خبراء القيادة مقارنة بأصوات الانتخابات الرئاسية في 2013 التي حصدها في طهران. وحصد روحاني في انتخابات الجمعة الماضية مليونين و238 ألفا و116 مقابل مليونين و358 ألف صوت حصده في الانتخابات الرئاسية. وبحسب الوكالة فإن رئيس البرلمان الحالي علي لاريجاني خسر كثيرًا من أصواته في قم مما يظهر تراجع شعبية أهم مسؤولين في النظام الإيراني.
هذا وعلى الرغم من الانتقادات الكبيرة التي توجهت إلى مسار العملية الانتخابية في إيران، فإن ذلك لم يمنع الوزارة «الداخلية» من فرض سيطرتها على صناديق الاقتراع لمنع تكرار ما حدث في انتخابات 2009 من تزوير لنتائج الانتخابات، وفي حين يتردد في طهران بأن قائمة «أمل» المحسوبة على الإصلاحيين الذين يقاطع غالبيتهم الاستحقاقات الانتخابية منذ 2009 لا تحمل ضمن أسمائها الشخصيات ذات الثقل العلمي والخبرة السياسية في البرلمان إلا أن «القائمة» تعرضت لهجمات دعائية قبل دخولها البرلمان الذي من المستبعد أن يرى تغييرا جذريا في مساره التشريعي وفق الخبراء الإيرانيين.
وفي سياق آخر، استمر الجدل في وسائل الإعلام المحسوبة على المعسكر المقرب من خامنئي وهاجم موقع «رجا نيوز» المقرب من أحمدي نجاد سكان العاصمة طهران وعد سبب تصويتهم لقائمة روحاني هو «نمط» حياتهم الغربية. وبحسب تحليل الموقع المقرب من تيار الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، لم تكن الدوافع السياسية أو الشعارات الانتخابية العامل الأساسي في هزيمة «الأصوليين» وإنما «غلبة الثقافة ونمط الحياة الغربية شبه الحداثية» واعتبر الموقع أن «حقيقة» طهران والمسار «العلمانية» فيها، وأضاف الموقع أنه من الطبيعي أن تدلي المدينة الأولى في الطلاق والإدمان والجرائم بأصواتها لقائمة «أمل». وشبه الموقع هزيمة غالبية المرشحين الحاليين في البرلمان والتصويت لقائمة ائتلاف «أمل» بهزيمة أحمدي نجاد مقابل مير حسين موسوي في العاصمة طهران. على ضوء ذلك، رفض موقع «رجا نيوز» المثير للجدل أن تكون هزيمة المعسكر المقرب من خامنئي في العاصمة وهزيمة سياسية بل عدها هزيمة اجتماعية وثقافية بحتة.
هذا وهاجمت مواقع إيرانية مقربة من الحرس الثوري توجه سكان العاصمة في التصويت ووصفوا ذلك بـ«خيانة أهل الكوفة للأمام علي بن أبي طالب» ولكن على الرغم من التباين حول توجه الإيرانيين إلى صناديق الرأي يبقى خامنئي الأمر والناهي وفقا لمبدأ ولاية الفقيه المطلقة في إيران.
على صعيد منفصل، أصدر ستة من نواب البرلمان تحذيرا إلى روحاني وطالبوا فيه بمتابعة تصريحات مساعدته في شؤون المرأة والأسرة، شهيندخت مولاوردي حول قرية في بلوشستان فقدت كل رجالها بالإعدامات. وطالب البرلماني نادر قاضي زادة من وزير الداخلية، رحمان فضلي التصدي لنشر الأخبار «الكاذبة» حول القوميات على لسان المسؤولين وتداولها في شبكة «تليغرام».
وكانت تصريحات مساعدة الرئيس الإيراني حول أسر المعدومين في إيران، وخصوصا المتهمين بحمل المخدرات والكشف عن قرية في بلوشستان يعاني أطفالها والأسر من فقدان معيليها في الإعدامات أثار جدلا واسعا في الصحف العالمية، وكانت من بين الأنباء الأكثر تداولا على شبكات التواصل الاجتماعي حول إيران.



تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش»، وفق ما أفاد صحافيون في «وكالة الصحافة الفرنسية».

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة بينما يحضر الناس جنازة خليل الرحمن حقاني بمقاطعة غردا راوا في أفغانستان 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وقتل حقاني، الأربعاء، في مقر وزارته، حين فجّر انتحاري نفسه في أول عملية من نوعها تستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى السلطة عام 2021.

وشارك آلاف الرجال، يحمل عدد منهم أسلحة، في تشييعه بقرية شرنة، مسقط رأسه في منطقة جبلية بولاية باكتيا إلى جنوب العاصمة الأفغانية.

وجرى نشر قوات أمنية كثيرة في المنطقة، في ظل مشاركة عدد من مسؤولي «طالبان» في التشييع، وبينهم رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، فصيح الدين فطرت، والمساعد السياسي في مكتب رئيس الوزراء، مولوي عبد الكبير، وفق فريق من صحافيي «وكالة الصحافة الفرنسية» في الموقع.

وقال هدية الله (22 عاماً) أحد سكان ولاية باكتيا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم كشف اسمه كاملاً: «إنها خسارة كبيرة لنا، للنظام وللأمة».

من جانبه ندّد بستان (53 عاماً) بقوله: «هجوم جبان».

أشخاص يحضرون جنازة خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين والعودة في نظام «طالبان» غير المعترف به دولياً العضو البارز في شبكة «حقاني» (إ.ب.أ)

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم، إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان، إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان»، وكذلك أقلية الهزارة الشيعية.

وخليل الرحمن حقاني، الذي كان خاضعاً لعقوبات أميركية وأممية، هو عمّ وزير الداخلية، واسع النفوذ سراج الدين حقاني. وهو شقيق جلال الدين حقاني، المؤسس الراحل لشبكة «حقاني»، التي تنسب إليها أعنف هجمات شهدتها أفغانستان خلال الفترة الممتدة ما بين سقوط حكم «طالبان»، إبان الغزو الأميركي عام 2001، وعودة الحركة إلى الحكم في 2021.