انطلاق عملية عسكرية لاستعادة محافظة صلاح الدين

تنظيم «داعش» يكثف نشاطه في العراق ويهاجم مناطق متفرقة

انطلاق عملية عسكرية لاستعادة محافظة صلاح الدين
TT

انطلاق عملية عسكرية لاستعادة محافظة صلاح الدين

انطلاق عملية عسكرية لاستعادة محافظة صلاح الدين

بدأت القوات العراقية هجوما واسع النطاق خلال عمليّة عسكرية لاستعادة السيطرة على مناطق تابعة لمحافظة صلاح الدين،، لا تزال في قبضة تنظيم داعش. وقال مصدر أمني في محافظة صلاح الدين في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية العراقية المشتركة انطلقت منذ فجر أمس في عمليات كبرى لتطهير جزيرة سامراء». وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن «قوات من الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية وقوات العشائر، وبتعداد أكثر من سبعة آلاف عسكري من مختلف الصنوف، ستشارك في العملية التي انطلقت من مدينة سامراء وحتى مناطق شمال غربي بيجي (مائتا كيلومتر شمال العاصمة بغداد) لتحرير المناطق التي يسيطر عليها (داعش) في غرب محافظة صلاح الدين».
وفي المقابل، كثف تنظيم داعش نشاطه في العراق عبر سلسلة من الهجمات الانتحارية في مناطق متفرقة، حيث قتل ضابط كبير في الجيش العراقي وخمسة عسكريين آخرين أمس في هجومٍ نفّذه أربعة انتحاريين من التنظيم الإرهابي يرتدون أحزمة ناسفة، استهدف مقرًا للجيش في مدينة حديثة.
وقال قائد «عمليات الجزيرة والبادية» اللواء الركن علي إبراهيم دبعون لـ«الشرق الأوسط» إن «عددا من الانتحاريين التابعين لتنظيم داعش الإرهابي تمكنوا من التسلل في ساعة متأخرة من ليلة الاثنين إلى أحد مقرات القوات المسؤولة عن حماية (سد حديثة)، وهو أحد أهم وأكبر سدود المياه في العراق، وقام ثلاثة من الانتحاريين بتفجير أنفسهم وسط قوات الجيش المكلفة حماية السد، فيما تمكن الانتحاري الرابع من تفجير نفسه داخل غرفة العميد الركن علي عبود رئيس أركان (عمليات الجزيرة والبادية)، مما أسفر عن مقتله في الحال، إضافة إلى ضابط آخر برتبة مقدم». وأضاف أن «دماء الشهداء التي سفكت على يد الإرهاب والتطرف، لن تكون إلا مشاعل نور تقطع الظلمة التي جاءت بها عصابات (داعش)، التي ستذوق وبال فعلها، من سواعد المحررين الذي باتوا سمًّا زعافًا في كل شبر وطئه الإرهاب».
وتابع دبعون أن «الانتحاريين تمكنوا من التسلل ليلاً بعد أن قاموا بارتداء ملابس مشابهة لملابس الجنود، الأمر الذي سهل من عملية وصولهم إلى المقر».
وشهدت مدينة المقدادية التابعة لمحافظة ديالى هجوما انتحاريا وقع في مجلس عزاء أحد أقارب قيادي في المقدادية، التي تبعد 80 كيلومترا شمال شرقي العاصمة بغداد.
وقالت مصادر طبية وأخرى أمنية في محافظة ديالى لـ«الشرق الأوسط» إن «أكثر من 40 شخصا لقوا مصرعهم إثر تفجير انتحاري نفسه كان يرتدي حزاما ناسفا، بينما أصيب 58 آخرون على الأقل، ومن بين القتلى 6 من المسؤولين الأمنيين في ديالى، وآخرون من القادة المحليين في (الحشد الشعبي)»، وأضافت المصادر نفسها أن «الأجهزة الأمنية فرضت حظر تجول في قضاء المقدادية بعد وقوع الهجوم».
وأعلن مجلس قضاء المقدادية الحداد العام لمدة ثلاثة أيام على ضحايا التفجير الانتحاري، داعيا مكونات القضاء للتكاتف للخروج من الأزمة، كما شهدت مدينة الصدر وسط العاصمة بغداد تفجيرين انتحاريين مزدوجين في إحدى الأسواق الشعبية أسفرا عن مقتل نحو 70 شخصا.
ميدانيًا، واصل مسلحو تنظيم داعش المتطرف شن الهجمات على المقار والمواقع التي تتمركز بها القوات الأمنية العراقية في محيط مدينة الفلوجة، بينما يحاول مسلحو التنظيم شن هجمات أخرى تستهدف دخولهم إلى مدينة الرمادي مجددًا، وكشف قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي عن إحباط تسلل لمسلحي تنظيم داعش شرقي مدينة الرمادي.
وقال المحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية التابعة للفرقة الثامنة تمكنت من إحباط عملية تسلل نفذتها عصابات (داعش) الإرهابية على منطقة الحامضية شرق مدينة الرمادي». وأضاف المحلاوي أن «القوات الأمنية دمرت عجلتين تابعتين للتنظيم الإرهابي في منطقة البو عبيد، بالتعاون مع طيران التحالف الدولي، فيما فكك (الجهد الهندسي 103) عبوة ناسفة في السجارية ومناطق شرق الرمادي».
وتمكنت القوات الأمنية من تطهير مناطق الحامضية والسجارية والبو ذياب وتكبيد التنظيم المتطرف خسائر بشرية ومادية كبيرة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».