قضت محكمة مصرية أمس، بأحقية وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد في البلاد، في ضم والإشراف على جميع المساجد الأهلية الصغيرة، لإبعادها عن السياسة ونشر الفكر المُتشدد، والتصدي لشتى البدع والخرافات التي تمس كيان الوطن واستقراره، في حين قال مصدر مُطلع بالأوقاف لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكم سوف يساعد على حماية الشباب من الفكر المتشدد والجماعات المتطرفة»، مضيفا: أنه «لا يوجد حصر رسمي لهذه الزوايا والمساجد الصغيرة لأنه كل يوم يتم إقامة مسجد أو زاوية، لكن هناك إحصائيات غير رسمية تُقدرها الوزارة بنحو 120 ألف مسجد وزاوية، تخضع أغلبها لإشراف الأهالي أو جماعات الإسلام السياسي».
ويرى مراقبون أن «السلطات المصرية تحاول إحكام قبضتها فعليا على الزوايا والمساجد الأهلية، التي كانت ولا تزال في القاهرة وبعض المحافظات مركزا للدعاة المتشددين والتطرف، رغم تأكيدات قيادات الأوقاف بأنها سيطرت على جميع المساجد الكبرى».
وتنتشر في ربوع البلاد زوايا ومساجد صغيرة تابعة للمصريين أسفل العقارات وفي الشوارع الضيقة، وهي غير مرخصة، ويتم إقامتها بطرق عشوائية، ومعظم من يخطبون فيها ليس لديهم الخبرة الكافية وغير أزهريين.. وهذا الزوايا يعدها المراقبون «مفارخ الإرهاب وفتاوى التكفير».
ويقول المصدر المُطلع في الأوقاف: «عادة ما تتبع كل زاوية جماعة دينية محددة تتولى الإنفاق على كل شيء، بدءا من النظافة، انتهاء براتب الخطيب الذي يُشبع عقول الناس بفكر تلك الجماعة.. وغالبية الزوايا في مصر تتبع إما جماعة الإخوان الإرهابية أو الدعوة السلفية أو الجماعة الإسلامية».
وسبق أن قرر وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، حظر إقامة صلاة الجمعة في الزوايا والمساجد الصغيرة التي تقل مساحتها عن 80 مترا وقصرها فقط على المساجد الكبرى، بل قرر غلق الزوايا نهائيا، لكن المصدر المطلع قال إن «ذلك لم ينفذ على أرض الواقع لصعوبة حصر هذه الزوايا والمساجد الصغيرة»، لافتا إلى أن «كثيرا منها ما زال يقيم صلاة الجمعة ولم يتم غلقها».
في حين قال المراقبون إن تطبيق قرار غلق الزوايا والمساجد الأهلية بالغ الصعوبة على أرض الواقع، لسيطرة التيار السلفي والجماعة الإسلامية والجمعية الشرعية على كل الزوايا، فضلا عن أنصار الإرهابية.. وقرار وزير الأوقاف من صدوره عام 2014 حبر على ورق، لأن الوزارة لا تمتلك الإمكانيات الكافية لغلق هذه الزوايا. ويُقدر عدد مساجد الجمعية الشرعية (التي تضم مشايخ من الدعوة السلفية) نحو 6 آلاف مسجد وزاوية في مختلف قرى ونجوع مصر.
وأكدت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية في حكمها الصادر أمس، أن المُشرع عهد إلى وزارة الأوقاف مهمة إدارة المساجد والزوايا والإشراف عليها بعد تسليمها وضمها إليها، وذلك ضمانا لقيام هذه المساجد برسالتها في نشر الدعوة الإسلامية على خير وجه، وهو ما يعد احتراما لقدسية المنبر، وتطهيرا لأفكار الدعاة، وصونا لجوهر الدعوة.
وأضافت المحكمة: أن الدولة إدراكا منها لرسالتها في دعم التوجيه الديني في البلاد على وجه محكم، وتأكيدا لمسؤولياتها في التعليم والإرشاد وما يتطلبه ذلك من وضع مبادئ عامة لجميع المساجد والزوايا في المدن والقرى تستهدف نقاء المادة العلمية وسلامة الوجهة التي يعمل بها الخطباء والمدرسون، بما يحفظ للتوجيه الديني أثره، ويبقى للمساجد الثقة في رسالتها.
وقالت المحكمة في حكمها، لوحظ أن عددا كبيرا من المساجد لا يخضع لإشراف وزارة الأوقاف، وهذه المساجد كان يسيطر عليها الارتجال ويترك شأنها للظروف، ولا يوجد بها من يحمل مسؤولية التعليم والإرشاد من المتخصصين في علوم الدين، ولما كان بقاء هذه الحال قد ينقص من قيمة التوجيه الديني ويضعف الثقة برسالة المساجد، ويفسح الطريق لشتى البدع والخرافات التي تمس كيان الوطن واستقراره، خصوصا وأن ما يقال فوق منابر المساجد إنما يقال باسم الله.. لذلك فإن الأمر يقتضي وضع نظام للإشراف على هذه المساجد بحيث يكفل تحقيق الأغراض العليا من التعليم الديني العام وتوجيه النشء وحماية الشباب من التطرف الديني.
مضيفة: أنه على وزارة الأوقاف القيام في أي وقت بتسلم أي عدد من المساجد والزوايا سواء ما كان منها قائما بالفعل، أو ما يقام منها بعد ذلك، طبقا لما يتوافر لديها من اعتمادات مالية لإدارتها.
وسبق أن وضعت الدولة المصرية، إجراءات استثنائية على المساجد منذ سقوط حكم جماعة الإخوان، وقصرت الخطب والدروس على الأزهريين، ووحدت موضوع خطبة الجمعة، ومنعت أي جهة غير الأوقاف من جمع أموال التبرعات أو وضع صناديق داخل المساجد أو في محيطها، وتعاقدت مع شركات حراسة لتأمين وحماية المساجد، بهدف التصدي لدعاة التشدد والتطرف، لكن المراقبين أكدوا «وجود دعاة متشددين ما زالوا يعتلون منابر المساجد، للتحريض على أعمال العنف والقتل، وإشاعة الفتن في البلاد».
وأشارت المحكمة المصرية في حكمها أمس، إلى أنه على ضوء التجارب المريرة التي عاشها الوطن، من جراء استخدام الزوايا في استغلال الشباب والبسطاء والفقر والجهل لجذب المؤيدين بين التيارات الدينية المختلفة، مما نجم عنه بث روح الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد التي أدت إلى التنابز اللفظي والعنف المادي، وأظهر التطرف الديني الذي تسبب في ضياع كثير من أرواح المواطنين وتخريب الممتلكات نتيجة لتطرف الفكر المتشدد، وأنه لا يجوز مطلقا استخدام منابر الزوايا لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو نقابية، ولا يصح أن تكون بيوت الله محلا للزج بها في الخلافات التي تنشب بين التيارات الدينية المتصارعة على أمور لا ترقى إلى رسالة المساجد.
محكمة مصرية تقضي بضم جميع الزوايا والمساجد الأهلية لـ«قبضة» الأوقاف
قالت لإبعادها عن السياسة ونشر الفكر المُتشدد.. ومصدر بالوزارة: «حصر عددهما صعب»
محكمة مصرية تقضي بضم جميع الزوايا والمساجد الأهلية لـ«قبضة» الأوقاف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة