حفيدة آخر بايات تونس: محمد الأمين باي كان سيعلن النظام الجمهوري قبل بورقيبة بثلاثة أشهر

قالت في حوار مع {الشرق الأوسط} إن عائلتها لا تريد العودة إلى السلطة

سلوى باي مع حفيدها
سلوى باي مع حفيدها
TT

حفيدة آخر بايات تونس: محمد الأمين باي كان سيعلن النظام الجمهوري قبل بورقيبة بثلاثة أشهر

سلوى باي مع حفيدها
سلوى باي مع حفيدها

في عام 1705، بدأ حكم العائلة الحسينية في تونس بقيادة الحسين بن علي، واستمر حكمها حتى عام 1957 حين أعلن الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي الأسبق النظام الجمهوري، وأزاح تلك العائلة القادمة من مدينة إسطنبول التركية في نطاق الخلافة، وأبعدها نهائيا عن حكم تونس. بعد مرور أكثر من 57 سنة على استقلال تونس، التقت «الشرق الأوسط» في العاصمة التونسية، سلوى باي حفيدة محمد الأمين باي آخر البايات الذين حكموا تونس، واسترجعت معها مجموعة من الذكريات، وتحدثت عن موقف عائلتها المبعدة عن الحكم، من الحبيب بورقيبة ومن النظام السابق، وأيضا من الحكومات التي تلت ثورة 2011.
وقالت سلوى باي إن جدها محمد الأمين باي كان سيعلن النظام الجمهوري في تونس قبل إعلان بورقيبة القرار نفسه بثلاثة أشهر، ولكن هذا الأخير هدده بالقتل، مشيرة إلى أن عائلتها تبحث اليوم عن رد الاعتبار كما حصل لعائلة الملك إدريس السنوسي في ليبيا، وأنها لا تطلب العودة إلى الحكم. وفيما يلي نص الحوار.
* ما الذي تذكرينه عن فترة إزاحة جدك الأمين باي عن الحكم، وكيف وصل لكم خبر إزاحته، وماذا كان رد فعل أفراد العائلة؟
- كان عمري آنذاك 16 سنة حين أمر الحبيب بورقيبة بإخراج العائلة من القصر. ففي 25 يوليو (تموز) 1957، قدم إلينا وزير ومعتمد (سلطة محلية) لم أعد أذكر اسميهما، وطلبا منا مغادرة القصر بأمر مباشر من بورقيبة. وأذكر أنني كنت أنتعل حذاء جديدا حين خرجت من القصر، فما كان من الوزير إلا أن طلب مني خلع الحذاء لأنه من الأملاك المصادرة، فامتثلت للأمر وخرجت حافية القدمين. بيد أن عسكريا رق لحالي وجلب لي حذاء بلاستيكيا. وفي نفس ساعة خروجنا من القصر، رأيت بأم عيني وسيلة بورقيبة زوجة الرئيس الأسبق ومعها شقيقتها نائلة بن عمار وامرأة ثالثة لا أعرفها، وقد هجمن على مجوهرات وحلي العائلة واستولين عليه.
* أين ذهبت العائلة بعد إخراجها من القصر؟
- لم يسمح لنا بحمل أي شيء، والأكثر حظا منا كان من خرج ومعه بعض الأغراض البسيطة. وتوجهنا إلى حي بوشوشة القريب من منطقة باردو. وأحجم التونسيون عن تأجير بيوت لنا، إلا أن مواطنا مالطيا اسمه «كاملاري» مكننا من مسكن متواضع كان عبارة عن «سقف وقاعة» كما نقول في تونس أي غير مؤثت، ولقضاء تلك الليلة اضطر أحد أفراد العائلة للتوجه إلى أحد المتاجر لجلب الورق المقوى للنوم عليه.
* وماذا صار بعد الليلة الأولى؟
- بعد أيام قلائل، تبرع لنا بعض السكان بأثاث وطاولة وكرسي وجهاز طبخ بسيط، وبدأنا إعادة ترتيب حياتنا من جديد.
* وماذا كان مصير محمد الأمين باي (جدك) وبقية العائلة خاصة من الرجال؟
- سجنه بورقيبة في سجن النساء بمنوبة، وتركه مرتديا جبة ومن دون ملابس من يوليو إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وكان الباي ينفق على نفسه من مبلغ قدره 500 دينار كان قد احتفظ به لنفسه. فلما انتهى المبلغ بقي ثلاثة أيام من دون طعام. وبعد مرور فترة قليلة، توفي عن عمر يناهز 82 سنة وكان ذلك عام 1962.
كما سجن بورقيبة والدي صلاح الدين باي من 1957الى 1959 وتركه في سجن انفرادي بالعاصمة التونسية. وأذكر أنه لما سجنه بورقيبة كان بيده ساعة غالية السعر وخاتم زواج، لكن إدارة السجن لم ترجعهما له بعد الإفراج عنه.
* هل كان بورقيبة يخاف تعاطف التونسيين مع محمد الأمين باي؟
- لا أعتقد ذلك. لكن بورقيبة كان لا يحب غير نفسه ولا ينظر لغير نفسه ويرى بقية التونسيين مثل الغبار الذي لا قيمة له.
* هل تقولين هذا الكلام لأن بورقيبة أزاح عائلتك من الحكم؟
- هذا غير صحيح، فبورقيبة كان يعيش بيننا في القصر الملكي. وكنت أناديه عمي. وكان يداعب الأمين باي ويقول له في لهجة أخوية: «يا وجه النور لولاك لما نلنا الاستقلال». كما أن رموز الاستقلال في تونس كانوا كلهم يترددون على القصر، وهذا الأمر يشمل الزعيم النقابي فرحات حشاد والمنجي سليم. وأذكر أنهم كانوا يأتون متنكرين حتى لا ينكشف أمرهم وأمر الباي أمام السلطات الفرنسية.
* إذا كان الباي على هذه الدرجة من الوطنية، وكانت له علاقة جيدة مع بورقيبة، فلماذا إذن انقلب عليه وأعلن الجمهورية؟
- سأفاجئك بأمر قد لا يخطر على بال، وهذا لم أقله في السابق. محمد الأمين باي كان سيعلن النظام الجمهوري قبل ثلاثة أشهر من تاريخ 25يوليو 1957. وقرر في حينها أن يستدعي كل وسائل الإعلام الدولية ويعلن نظاما جمهوريا وينصب بورقيبة أول رئيس لتلك الجمهورية، ويبقي على العائلة المالكة في نظام شبيه بالنظام الملكي البريطاني. ولكن هناك من أوصل الأمر إلى الحبيب بورقيبة، فما كان منه إلا أن هدد جدي وكافة أفراد عائلته بالقتل إن تجرأ على إعلان النظام الجمهوري.
* لكن، لم تكن هناك من دلائل تاريخية على هذا التوجه الجمهوري في نظام البايات؟
- هذا الأمر فيه الكثير من التجني على عائلة محمد الأمين باي، ففي الثامن من يوليو 1956 عقد المجلس التأسيسي (البرلمان) أول جلسة له تحت حكم الباي، وكانت هناك لجنة مكونة من 40 شخصية سياسية ونقابية تدير شؤون البلاد، وتبدي آراءها في كل الملفات ومن بينهم الحبيب بورقيبة نفسه.
* هل تكره عائلة الباي الآن كل ما يمت بصلة إلى الحبيب بورقيبة؟
- لدينا إحساس بالظلم والقهر مما حصل لنا. فعائلة الأمين باي المكونة من ثلاث بنات وثلاثة رجال لا تستحق ذاك المصير.
* ألا تعتقدين أن طيبة محمد الأمين باي هي التي أدت إلى إزاحته عن الحكم؟
- هذا كلام فيه جانب كبير من الصحة؛ فمحمد الأمين باي الذي كان عمره 75 سنة، وكان قريبا من التونسيين، ودفع نحو حصول البلاد على الاستقلال، لم يكن يدري أن بورقيبة سيحكم عليه ذاك الحكم القاسي. وأعتقد جازمة أن بورقيبة خلال تلك الفترة كان لا يحب غير نفسه، وكان متعطشا للحكم، ولم يكن يرى شيئا يمكن أن يقف في طريقه، وحادثة اغتيال صالح بن يوسف رفيقه في الحركة الوطنية يؤكد ما أقول.
*وكيف أمكن للعائلة إعادة بناء نفسها والانخراط من جديد في الحياة العامة والقبول بالواقع الجديد؟
- تسلحنا بالعلم والعمل وحصل أغلبنا على شهادات علمية مميزة في الهندسة وغيرها من الاختصاصات، وبنينا حياتنا من جديد من دون ضجيج.
* وكيف تعامل معكم نظام زين العابدين بن علي؟
- لا شيء يذكر خلال فترة حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي. ولم نتمكن سوى من الإدلاء بالقليل من الكلام حول بعض الحقائق التاريخية. وقد راسلت الرئيس بن علي شخصيا عام 2006، وطلبت منه إنصافنا، بيد أن شيئا من ذلك لم يحصل.
* وبعد ثورة 2011، هل حدث تغيير في نظرة السلطة إلى عائلتك؟
- بعد الثورة، كنا نتوقع الكثير من رد الاعتبار لعائلة وطنية خدمت تونس طوال أكثر من قرنين ونصف القرن. ولكن النتائج حتى حد الآن ضئيلة، ونحن لا نريد تمكيننا من ثروة وأموال، فالبايات كانوا مثل بقية التونسيين يحتكمون على القليل من المال، ولكننا نطلب أن يشمل قانون العدالة الانتقالية عائلة محمد الأمين باي.
إذ لدينا ما يثبت أن جدي اشترى من ماله الخاص مبنى «بيت الحكمة» الحالي في منطقة قرطاج، وهو مبنى اشتراه من أحد اليهود التونسيين اسمه «بسيس». أما بالنسبة للوثائق التي تثبت حقوق العائلة، فهي تمتد على طول 53 كيلومترا في الأرشيف التونسي، وكل المشتريات التي عقدها الباي موثقة حتى أقلام الرصاص.
* وهل تطالبون الدولة التونسية بإرجاع ممتلكات عائلتكم؟
- لا بد من الإشارة إلى أن عائلتنا لم تكن غنية كما ادعى بورقيبة في خطبه الرامية إلى تشويه تاريخ العائلة. ولكن لدينا حقوق ثابتة سنواصل المطالبة بها مثل كل التونسيين، وقد توجهنا إلى إدارة الملكية العقارية للحصول على المؤيدات القانونية.
* وهل العودة إلى حكم تونس من بين تلك الحقوق الثابتة؟
- بالتأكيد لا، فعائلتي لا تريد استرجاع الحكم، ولو أعطونا السلطة اليوم فلن نقبل. نحن نريد رد الاعتبار لعائلتنا كما فعلت جارتنا ليبيا مع عائلة الملك إدريس السنوسي، وهذا ليس مستحيلا. كما نطلب إنصافنا في البرامج التربوية، والنأي عن تشويه تاريخ العائلة الحسينية. وفي النهاية، أقول إن عائلتي بإمكانها أن تقر عينا بعد ما شاهدته من نهب وظلم واستيلاء على الثروات في عهد بن علي.



قادة الحوثيين إلى الكهوف... وحي الجراف يستنسخ ضاحية بيروت

مسيرة للمجندين الحوثيين في شوارع صنعاء (إعلام حوثي)
مسيرة للمجندين الحوثيين في شوارع صنعاء (إعلام حوثي)
TT

قادة الحوثيين إلى الكهوف... وحي الجراف يستنسخ ضاحية بيروت

مسيرة للمجندين الحوثيين في شوارع صنعاء (إعلام حوثي)
مسيرة للمجندين الحوثيين في شوارع صنعاء (إعلام حوثي)

مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية ضد الحوثيين في اليمن، وإعلان الجماعة المدعومة من إيران حالة الطوارئ القتالية والطبية، بات السكان في صنعاء والحديدة يخشون مصيراً مماثلاً لما حدث في لبنان، خصوصاً أن قادة الجماعة فروا وتحصنوا في كهوف صعدة، في حين تحول حي الجراف شمال العاصمة المختطَفة إلى نسخة من الضاحية الجنوبية في بيروت.

وبينما كرَّر المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم بتوجيه ضربات مماثلة لتلك التي استهدفت «حزب الله»، وحددوا أهدافهم في مدينتي صنعاء والحديدة، أبدى سكان في المدينتين مخاوفهم من مصير مجهول، إذا مضت تل أبيب في تنفيذ تهديدها.

واتهم السكان الحوثيين بتركيز اهتمامهم على تأمين قادتهم ومخازن أسلحتهم وترك المدنيين يواجهون مصيراً مجهولاً في ظل انعدام الأمن الغذائي؛ حيث يحتاج 80 في المائة من السكان إلى المساعدات الغذائية.

وتقول إسرائيل إن الحوثيين أطلقوا، منذ أكتوبر (تشرين الأول)، عام 2023، المئات من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة والصواريخ على أراضيها، مستهدفين مدناً ومدارس ورياض أطفال، كما شنوا اعتداءات على نحو 100 سفينة كانت تبحر في مضيق باب المندب.

وبحسب وزير الخارجية الإسرائيلي، غدعون ساعر، فإن الحوثيين يشكلون تهديداً؛ ليس فقط على إسرائيل بل على المنطقة والعالم برمته، وأن تهديدهم المباشر لحرية الملاحة في أحد مسارات الإبحار الأكثر اكتظاظاً يُعد تحدياً للمجتمع الدولي والنظام العالمي، وأن أول ما يجب عمله هو الإعلان عن هذه الحركة منظمة إرهابية، وفق تعبيره.

وترى تل أبيب أن الحوثيين يشكلون ذراعاً لإيران التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة؛ حيث تقوم طهران بتمويل وتزويد هذا النظام بالأسلحة وتساعده من الناحية العملياتية.

اختباء القادة

على غرار الضاحية الجنوبية في بيروت، يذكر سكان ومصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين حوَّلوا حي الجراف القريب من مطار المدينة إلى منطقة مغلقة على قادتهم وأنصارهم، مستنسخين تجربة «حزب الله» اللبناني في الضاحية الجنوبية لبيروت. وبينت المصادر أنه وإلى ما قبل اجتياح صنعاء كانت عائلات تنتمي لسلالة الحوثي قد حولت الحي إلى مكان شبه مغلَق عليها حيث كانت تمتلك مساحات من الأرض هناك منذ عهد حكم أسلافهم قبل 1962. وبعد ذلك عمدت هذه الأسر إلى شراء مساحات إضافية حتى أصبحت تهيمن على الحي.

خلال سنوات التمرد الحوثية اكتشف الجيش اليمني شبكة أنفاق في محافظة صعدة (إعلام محلي)

ووفق هذه المصادر، فإن الحوثيين، وعند اجتياحهم صنعاء، كانوا ينظمون مظاهراتهم في شارع المطار المقابل لذلك الحي الذي يتمركز فيه قياداتهم وأنصارهم، لتوافر ما يعدونها الحاضنة الشعبية، خلافاً لبقية أحياء المدينة. ومع الأيام، أصبح مقرهم المركزي في هذا الحي الذي يسكنه أيضاً أبرز قادتهم السياسيين؛ حيث فرضت الجماعة قبضة أمنية مشددة عليه ترصد تحركات سكانه والداخلين إليه.

من جهتها، رجحت مصادر أمنية يمنية، بينها مسؤولون أمنيون سابقون في محافظة صعدة، حيث المعقل الرئيسي للجماعة الحوثية (شمال) وجود عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة ومكتبه في الكهوف الجبلية في منطقة مطرة التابعة لمديرية مجز في صعدة.

وبينت المصادر أن الجماعة عملت طوال سنوات التمرد على الحكومة المركزية، منذ عام 2004، وبمساعدة من خبراء إيرانيين وآخرين من «حزب الله»، على بناء مراكز للقيادة والسيطرة في الكهوف الجبلية الحصينة في تلك المنطقة.

وبحسب هذه المصادر، فإنه، وعقب مقتل حسين الحوثي مؤسس الجماعة، قرَّر والده، بدر الدين الحوثي، الانتقال، برفقة نجله عبد الملك، الذي عيَّنه خلفاً لأخيه في قيادة الجماعة إلى منطقة مطرة الجبلية، والإقامة فيها مستفيداً من تضاريسها الحصينة.

وخلال إقامة الجماعة هناك، تحصَّنوا في كهوفها من ضربات القوات الحكومية، قبل أن يستعينوا بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني وآخرين من «حزب الله» لتوسعة هذه الكهوف وتهيئتها لتكون ملائمة للإقامة والعمل؛ حيث لم تتمكن القوات الحكومية خلال 5 سنوات من المواجهات من اقتحام المنطقة.

مخابرات الحوثيين واصلت تحذير السكان من الحديث عن المواقع المستهدفة بالضربات (إعلام حوثي)

المصادر ذكرت أن عبد الملك الحوثي حافظ على بقائه في تلك المنطقة، وأنه كان ينتقل في بعض الأوقات إلى صنعاء، لكنه مستمرّ في مقابلة زائريه بمنطقة ضحيان التي تبعد نحو 20 كيلومتراً عن مدينة صعدة، وهذه المنطقة تتبع أيضاً مديرية مجز.

أما بخصوص القادة العسكريين للجماعة الانقلابية، فتذكر المصادر أن هؤلاء اعتادوا على استخدام الفنادق أو المباني الجامعية أو مرافق ملحقة بالمستشفيات كمقار للاختباء وقيادة العمليات العسكرية. وكانت القوات الحكومية تتجنَّب ضرب هذه المواقع خشية وقوع ضحايا في أوساط المدنيين.

مخاوف السكان

أبدى سكان في مناطق سيطرة الحوثيين خشيتهم من أن يكونوا ضحايا لأي عملية عسكرية إسرائيلية جديدة. ويقول عبد الله يحيى، وهو أحد سكان صنعاء، إنهم «سلموا أمرهم لله؛ فلم يعد لديهم إمكانية لشراء المواد الغذائية لمواجهة أي طارئ»، كما أنه وأسرته المكونة من 8 أفراد لا يستطيعون مغادرة المدينة إلى مكان آخر، لأنهم لا يمتلكون تكاليف السفر ولا أقرباء يهربون إليهم.

المخاوف ذاتها تحدث عنها عبد الله طاهر، أحد سكان الحديدة، متمنياً احتواء الموقف وتجنيب البلاد حرباً جديدة. ويقول إن الناس لم يعد بمقدورها تحمل أي حرب، لأن غالبيتهم عاجزون عن توفير لقمة العيش.

ويتهم طاهر الحوثيين بالانشغال بتأمين قيادتهم وأتباعهم وترك ملايين السكان في مناطق سيطرتهم يواجهون قدرهم وحيدين. وقال إن الوضع سيكون أكثر مأساوية، في حال نفَّذت تل أبيب تهديدها.

استنفار صحي

وجَّهت وزارة الصحة في الحكومة الحوثية غير المعترَف بها جميع مكاتب الصحة في مناطق سيطرتها برفع حالة الاستعداد في جميع الأقسام وبنوك الدم وخدمات الإسعاف في كل المحافظات لمواجهة حالات الطوارئ، بسبب ما سمته «العدوان الإسرائيلي».

كما منحت الجماعة شركات توريد الأدوية والأدوات الجراحية تسهيلات غير مسبوقة سُمِح لهم بموجبها بإدخال شحنات الأدوات والأدوية من دون قيود.

وذكرت مصادر عاملة في قطاع الصحة لـ«الشرق الأوسط» أن وزارة صحة الحوثيين أمرت بإلغاء الإجازات للأطباء، وطلبت تقارير يومية عن أوضاع المستشفيات وبنوك الدم وجاهزية سيارات الإسعاف، بسبب ما سمتها «الظروف الاستثنائية المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي».

كما وجهت الجماعة الهيئة العليا للأدوية الخاضعة لها في صنعاء بإلغاء القيود التي كانت مفروضة على الأدوات وأدوات العمليات الجراحية، وبما يساعد على دخول أكبر كمية منها خلال هذه الفترة، تحسباً لذلك الهجوم.

الحوثيون أخرجوا العاملين في مستشفيات الحديدة للتظاهر دعماً لهم (إعلام حوثي)

ووفقاً لما ذكره اثنان من العاملين في توريد الأدوية والأدوات الطبية لـ«الشرق الأوسط»، فإنه، وبعد 4 أشهر، من رفض الهيئة العليا للأدوية في مناطق سيطرة الحوثيين دخول شحنات من هذه الأدوات والأدوية، أبلغوا أخيراً بإمكانية دخول ما بحوزتهم والسماح لهم باستيراد كميات أخرى تقديراً للظرف الاستثنائي. وأوضح المصدران أن الهيئة الحوثية كانت في السابق تتعنَّت في منحهم التراخيص المطلوبة، وتفرض اشتراطات معقدة وجبايات غير مسبوقة.

وفي حين شكا طلاب في الجامعات من الضغط الذي يُمارَس عليهم من قبل المشرفين الحوثيين لإرغامهم على الالتحاق بدورات عسكرية استعداداً للقتال، ذكرت 3 مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط» أن مشرفي الجماعة يفرضون على طالبات المدارس الخضوع لدورات تدريبية في الإسعافات الأولية ضمن الاستعدادات لضربات إسرائيلية جديدة.

ووفق هذه المصادر، فإن الحوثيين يساومون الطالبات بالحصول على 5 درجات في نهاية الاختبارات في كل مادة إذا حضرت أمهاتهن دورات تدريبية في الإسعافات الأولية بدلاً عن بناتهن.

كما ذكرت المصادر أن قادة الجماعة الحوثية فرضوا على طلاب المرحلة الثانوية حضور دورات طائفية والتدريب على استخدام الأسلحة ضمن الإجراءات لحشد المزيد من المقاتلين، استعداداً لما تزعمه الجماعة من الاستعداد للحرب مع إسرائيل.