وزارة الدفاع الروسية تؤكد تبادل الخرائط مع واشنطن

طائراتها تراقب وقف إطلاق النار على الأراضي السورية

طفل سوري يجلس أمام منزله في بلدة تشرين بعد إعلان وقف النار (إ.ب.أ)
طفل سوري يجلس أمام منزله في بلدة تشرين بعد إعلان وقف النار (إ.ب.أ)
TT

وزارة الدفاع الروسية تؤكد تبادل الخرائط مع واشنطن

طفل سوري يجلس أمام منزله في بلدة تشرين بعد إعلان وقف النار (إ.ب.أ)
طفل سوري يجلس أمام منزله في بلدة تشرين بعد إعلان وقف النار (إ.ب.أ)

أعلن الجنرال سيرغي رودسكوي، رئيس غرفة العمليات في هيئة الأركان الروسية، إن المقاتلات الروسية علقت يوم أمس السبت كل عملياتها في المنطقة التي وصفها «المنطقة الخضراء» في سوريا. وهي التي تنتشر فيها المجموعات المسلحة التي أرسلت طلبات للانضمام إلى وقف إطلاق النار، حسب قول رودسكوي الذي كشف عن تعهد الجيش السوري و17 فصيلا مسلحًا الالتزام بوقف إطلاق النار.
وأوضح رودسكوي أن هذه الأطراف تقدمت بطلبات إلى قيادة القاعدة الجوية الروسية في مطار حميميم، قرب مدينة جبلة بمحافظة اللاذقية، ووقعت على تلك الطلبات التي تتعهد بموجبها الالتزام بوقف إطلاق النار. ومن بين الفصائل التي وقعت تلك الطلبات حسب كلام الجنرال الروسي ما أطلق عليه اسم فصيل «الجيش السوري الديمقراطي» بقيادة الغانم، وفصائل «إسكندرون» و«صوريم»، ومجموعة «صقور الصحراء»، لافتًا إلى أن واحدًا من هذه الفصائل «يقاتل إلى جانب القوات الحكومية أما الفصائل الأخرى فهي مستقلة»، من دون أن يوضح ما إذا كانت موالية للنظام أم معارضة له.
وحول التنسيق مع الولايات المتحدة في تنفيذ وقف إطلاق النار أكد الجنرال رودسكوي خلال حوار معه على قناة «روسيا - 24» إن وزارة الدفاع الروسية أرسلت يوم أول من أمس اقتراحات للجانب الأميركي حول الشروط والآليات الضرورية لضمان نظام وقف العمليات القتالية، موضحًا أن تلك الاقتراحات تتضمن آليات مراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار من جانب جميع أطراف النزاع السوري. في السياق ذاته أكد الجنرال رودسكوي أن وزارة الدفاع الروسية أرسلت إلى الجانب الأميركي (العسكريين الأميركيين) خريطة الوضع في سوريا خلال مشاورات جرت في عمّان أول من أمس 26 فبراير (شباط). كذلك تسلمت وزارة الدفاع الروسية من الجانب الأميركي الخريطة حول وقف إطلاق النار، ويجري حاليا مطابقة المعطيات، أي المقارنة والمطابقة مع الخريطة الروسية، حسب قوله. هذا فضلا عن قائمة سلمتها روسيا للجانب الأميركي بأسماء مجموعات ومناطق انضمت إلى وقف إطلاق النار.
وبعد أن كشف عن تأسيس الولايات المتحدة مركزا لوقف إطلاق النار مقره العاصمة الأردنية عمّان، على غرار المركز التي أنشأته روسيا في القاعدة الجوية في مطار حميميم، أشار الجنرال الروسي إلى أنه وبغية مواصلة الاتصالات بين البلدين (يقصد روسيا والولايات المتحدة) عبر القنوات العسكرية، ومن أجل التعاون بين الوزارات، شكلت وزارة الدفاع الروسية «مجموعة عمل خاصة» في موسكو. وأضاف أن «ممثلي وزارة الدفاع الروسية يعملون أيضا ضمن الوفد الروسي في جنيف». وللتنسيق بين مراكز مراقبة وقف إطلاق النار في حميميم وعمّان، وبين موسكو وواشنطن، تم اعتماد «خط اتصال هاتفي ساخن» مؤكدًا أنه تم يوم 24 فبراير إرسال كل المعطيات وأرقام الهواتف والبريد الإلكتروني إلى الجانب الأميركي.
من جانبه أعلن الجنرال سيرغي كورالينكو، مدير «المركز الروسي لوقف إطلاق النار» الذي أسس في قاعدة حميميم، أن 70 طائرة من دون طيارة تراقب وقف إطلاق النار في سوريا، وأكد أن القوات الروسية تنفذ الالتزامات التي أخذتها على عاتقها في ما يخص مراقبة وقف إطلاق النار بشكل تام. وأضاف أن «هذا لا يعني أن مقاتلي (داعش) وجبهة النصرة بوسعهم أن يلتقطوا أنفاسهم (يتنفسون الصعداء)»، ذلك أن القوات الجوية الروسية تتحكم بشكل تام بالوضع على الأراضي السورية، وتستخدم لهذا العرض 70 طائرة دون طيار بشكل يومي، وغيرها من وسائل الاستطلاع»، وفق ما صرح به كورالينكو.
وفي ما يخص طلبات الانضمام إلى نظام وقف إطلاق النار أكد مدير «مركز التنسيق الروسي» في قاعدة حميميم أن الضباط العاملين هناك أجروا مفاوضات 49 مرة مع ممثلين عن المجموعات المسلحة، وأن العمل جار حاليًا على تحضير التوقيع على الوثائق المطلوبة للانضمام إلى وقف إطلاق النار مع ممثلين عن 47 منطقة سكنية في محافظات حمص وحماه ودمشق ودرعا، مؤكدًا أن المناطق التي تم التوصل فيها إلى هدنة بدأت تصلها المساعدات الإنسانية. ليصرح بعد ذلك بأنه تم خلال أول يوم من الهدنة توقيع اتفاقيات وقف إطلاق نار في ثلاث مناطق سكنية في سوريا ونقل السيطرة فيها إلى جيش النظام السوري. وقد أثار كلام كورالينكو الأخير بعض الريبة لدى مراقبين أشاروا إلى أن صيغة الاتفاق في المناطق السكنية الثلاث وفق ما رسمها الجنرال الروسي تبدو أقرب إلى ما يطلق عليه «اتفاقيات المصالحة المحلية»، بينما كان الاتفاق الأميركي - الروسي حول وقف إطلاق النار واضحًا، وينص على أن المرحلة التالية بعد الالتزام به هي استئناف العملية السياسية، ولم يتحدث الاتفاق عن تسليم السلطة لقوات النظام في المناطق التي تنضم إلى وقف إطلاق النار.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.