حملة عسكرية عراقية واسعة لتحرير الفلوجة من «داعش»

تقدم باتجاه المدينة من 3 محاور بعد فرض حظر شامل للتجوال على منطقة عامرية

حملة عسكرية عراقية واسعة لتحرير الفلوجة من «داعش»
TT

حملة عسكرية عراقية واسعة لتحرير الفلوجة من «داعش»

حملة عسكرية عراقية واسعة لتحرير الفلوجة من «داعش»

شرعت القوات الأمنية العراقية بالقيام بحملة عسكرية واسعة النطاق لتحرير مدينة الفلوجة ثانية أكبر مدن محافظة الأنبار، والمدينة الأولى التي سيطر عليها تنظيم داعش منذ دخوله العراق في مطلع سنة 2014.
وتقدمت القطعات العسكرية العراقية باتجاه المدينة من ثلاثة محاور بعد أن فرضت حظرًا شاملاً للتجوال على منطقة عامرية الفلوجة التي كانت نقطة انطلاق تحرك القوات الأمنية.
وتمكنت القوات الأمية العراقية المشتركة من تحرير قرى البو مناحي والبوهذال ومناطق أخرى عند جنوب وأطراف مدينة الفلوجة. وقال قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «قواتنا المسلحة من قطعات الجيش والشرطة، مسنودة بأفواج الطوارئ، ومقاتلي العشائر في محافظة الأنبار، تمكنت من تحقيق تقدم كبير في زمن قياسي بالمناطق الممتدة شمال وشمال غربي بلدة عامرية الفلوجة وصولاً إلى مدينة الفلوجة، حيث تم تحرير الانطلاق صوب المدينة من ثلاثة محاور، الأول للسيطرة على تلال البودعيج والبوعاصي، والثاني للسيطرة على قرية مناحي، والثالث مهمته تأمين الطريق بين عامرية الفلوجة ومركز شرطة السلام ونفذته قوة الجيش والشرطة بإسناد من طيران التحالف الدولي».
وأضاف المحلاوي «إن القوات الأمنية ومقاتلي العشائر تمكنوا من قتل 41 مسلحًا من تنظيم داعش أثناء المعارك بينهم الإرهابي المدعو مثنى حسين علاوي المسؤول العسكري لمنطقة البودعيج جنوبي الفلوجة، كما أسفرت المعارك عن تدمير أربع حاملات مدافع أحادية رشاشة ودراجات نارية مفخخة بالقرب من مقبرة البودعيج، كما ألحقت بالتنظيم الإرهابي خسائر مادية وبشرية كبيرة جدا». وفي عامرية الفلوجة أعلن رئيس مجلس ناحية الفلوجة شاكر العيساوي عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين بقصف صاروخي وقذائف هاون نفذه تنظيم داعش على الناحية. وقال العيساوي لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحي تنظيم داعش الإرهابي قاموا بشن هجوم صاروخي عنيف مساء الجمعة وحتى صباح السبت على مناطق سكنية في ناحية العامرية، 23 كم جنوب الفلوجة، بأكثر من 100 صاروخ وقذيفة سقطت على أماكن متفرقة من الناحية». وأضاف العيساوي «إن تسعة مدنيين بينهم نساء وأطفال قتلوا أثناء القصف الإجرامي بينما أصيب العشرات بجروح متفاوتة، تم نقلهم على الفور إلى مستشفى المدينة». وأشار العيساوي إلى أن «هذا القصف العشوائي على المدنيين جاء نتيجة الخسائر والهزائم الكبيرة التي يتلقاها التنظيم الإرهابي على يد قواتنا الأمنية بدافع الانتقام، بينما يقوم قادة التنظيم بسلسلة من الإعدامات لعناصره الفارة من القتال في مدن الأنبار وكان آخرها إعدام 12 من مسلحيه في مدينة الموصل بعد هروبهم من معارك الأنبار».
يأتي هذا الهجوم على الفلوجة في وقت تتكثف فيه جهود الحكومة المحلية في الأنبار ولجنة إعادة الإعمار فيها لتنظيف المناطق والأحياء السكنية في مدينة الرمادي المحررة من سيطرة التنظيم المتطرف، وإعادة أكثر من 600 ألف نازح من أهالي مدينة الرمادي إليها. وبالفعل وصلت أولى الوجبات من الأسر النازحة إذ وصلت أكثر من 630 عائلة نازحة من مدينة الرمادي إلى منطقة الصدّيقية، معلنة البدء بمرحلة عودة أهالي المدينة إلى مناطقهم بعد التحرير. وقال محافظ الأنبار صهيب الراوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مدينة الرمادي تشهد تصاعد وتيرة العمل بشكل يومي ومضاعف، وبجهود فرق المقر المسيطر والملاكات الفنية في الدوائر الخدمية في المحافظة وقيادة عمليات الأنبار والعشائر والمنظمات المجتمعية والفرق المتخصصة في قيادة شرطة الأنبار وقيادة العمليات وقوات مكافحة الإرهاب والمئات من الشباب المتطوعين، من أجل إعادة تأهيل المناطق ولتنظيم عودة آمنة وعاجلة لعموم نازحي المحافظة، وإنهاء معاناتهم التي طال عليها الأمد».
وأضاف الراوي «استقبلت منطقة الصدّيقية أولى الوجبات من العائلات النازحة من أهالي مدينة الرمادي إلى ديارهم بعد رحلة من المعاناة استمرت لأكثر من عشرة أشهر في مخيمات النزوح، حيث تمت إعادة وتأهيل وتنظيف المنطقة التي شهدت عودة 631 عائلة من أهالي مدينة الرمادي، فيما ستتواصل عمليات رفع الأنقاض والمخلفات الحربية من أجل إعادة الاستقرار لكافة مناطق الرمادي». وأشار الراوي إلى أن «عودة النازحين من أهالي مدينة الرمادي إلى ديارهم ستنطلق اعتبارًا من مطلع شهر مارس (آذار) المقبل وسوف تقوم اللجان الأمنية بتدقيق كافة أسماء المواطنين العائدين إلى مناطقهم بغية عدم تسلل الإرهابيين مع العائلات إلى داخل المدينة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».