سوريا الهدنة.. صباح هادئ في المناطق المشمولة بـ«الاتفاق» وقتيلان في نظيرتها

سوريا الهدنة.. صباح هادئ في المناطق المشمولة بـ«الاتفاق» وقتيلان في نظيرتها
TT

سوريا الهدنة.. صباح هادئ في المناطق المشمولة بـ«الاتفاق» وقتيلان في نظيرتها

سوريا الهدنة.. صباح هادئ في المناطق المشمولة بـ«الاتفاق» وقتيلان في نظيرتها

دخل اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا حيز التنفيذ، منتصف ليل الجمعة - السبت بالتوقيت المحلي، بعد وقت قصير من دعوة الأمم المتحدة إلى جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والمعارضة في جنيف في السابع من مارس (آذار).
سكان المناطق السورية المشمولة باتفاق وقف إطلاق النار، نعموا بصباح هادئ اليوم (السبت)، بعد دخول الاتفاق الروسي الأميركي المدعوم من الأمم المتحدة حيز التنفيذ.
في حلب (شمال)، ساد الهدوء المدينة التي شهدت جبهاتها معارك شبه يومية بين الفصائل المقاتلة وقوات النظام السوري، منذ يوليو (تموز) 2012، وقال سكان أحد الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة، إنه سيصطحب أطفاله إلى الحديقة العامة إذا استمرت الهدنة «ليستعيدوا متعة» طال انتظارها.
وفي ريف حلب الشرقي والجنوبي، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مواصلة قوات النظام السوري، معاركه ضد الفصائل التي لم يشملها إطلاق النار، كما أشار رامي عبد الرحمن، مدير المرصد، إلى اشتباكات متقطعة في محافظة اللاذقية (غرب) بين قوات النظام، والفصائل المسلحة.
وشهدت محافظتا حمص وحماه (وسط) التي نفذ فيها الطيران الروسي غارات مكثفة في بالآونة الأخيرة هدوءًا ملحوظًا خلال الساعات الأولى التي تلت بدء العمل بوقف إطلاق النار، بحسب المرصد.
وصباح اليوم، وقع تفجير انتحاري بسيارة مفخخة أودى بحياة شخصين وإصابة أربعة آخرين على بعد كيلومتر واحد من مدخل مدينة السلمية الشرقي في ريف حماه، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وأوضحت الوكالة أن «مجموعات إرهابية تابعة لتنظيمي داعش وجبهة النصرة المدرجين على لائحة الإرهاب الدولية تنتشر في ريف السلمية».
وذكر المرصد من جهته أن التفجير ناجم عن تفجير تنظيم داعش المتطرف، لعربة مفخخة قرب حاجز لقوات النظام على مدخل مدينة سلمية «مما أدى لمقتل عنصرين من قوات النظام على الأقل وإصابة خمسة آخرين بجروح».
وفي دمشق، بدأ الصباح هادئًا في أرجاء المدينة والضواحي الشرقية من دون سماع أصوات القصف المعتادة أو مشاهدة أعمدة الدخان.
وبحكم استثناء تنظيم داعش وجبهة النصرة من الاتفاق، فإن المناطق المعنية بالاتفاق، بحسب مصدر سوري رسمي والمرصد السوري، تقتصر على الجزء الأكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوبًا، وريف حمص الشمالي (وسط) وريف حماه الشمالي (وسط)، ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي (شمال)، حيث توجد المعارضة والجيش الحر.
وبعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ، لم تسمع أصوات إطلاق نار في دمشق وريفها، وفي مدينة حمص وريفها الشمالي وريف حماه الشمالي، لكن المرصد أفاد في الوقت ذاته عن اشتباكات في ريف حلب الجنوبي الشرقي بين تنظيم داعش وقوات النظام التي تسعى إلى إعادة فتح طريق إمداد رئيسي إلى حلب، وفي ريف اللاذقية الشمالي حيث جبهة النصرة.
ولفت أيضًا إلى اشتباكات بين تنظيم داعش ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال محافظة الرقة التي تعتبر معقلاً للتنظيم.
وبين المناطق التي لا يشملها الاتفاق محافظتا دير الزور (شرق) والرقة (شمال) الواقعتان بشكل شبه كامل تحت سيطرة تنظيم داعش، ومحافظة إدلب (شمال غرب) التي تسيطر عليها جبهة النصرة باستثناء بلدتين.
وقال الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش إن من شأن وقف الأعمال العدائية أن يطبق في عشرة في المائة فقط من الأراضي السورية.
وقبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، استهدفت الطائرات الحربية السورية والروسية بأكثر من 180 غارة مواقع المعارضة في مناطق عدة، منها ريف دمشق وريف حلب الغربي، فيما استهدفت الغارات الروسية أيضًا مواقع لتنظيم داعش.
في نيويورك، أضفى مجلس الأمن شرعية دولية على هذه الهدنة الأولى من نوعها في سوريا منذ اندلاع النزاع قبل نحو خمسة أعوام، بتبنيه بالإجماع قرارًا «يوافق تمامًا» على الاتفاق الأميركي الروسي، مطالبًا في قراره بأن «يحترم جميع الأطراف الذين ينطبق عليهم (الاتفاق) وقف الأعمال العدائية».
وحض القرار أعضاء المجموعة الدولية لدعم سوريا على «استخدام نفوذهم لدى الأطراف المعنيين لضمان الوفاء بهذه الالتزامات» وتسهيل إرساء «وقف دائم لإطلاق النار».
وجدد المطالبة بإيصال المساعدات الإنسانية «في شكل حر وآمن وسريع» في سوريا، وخصوصًا لنحو 4.6 ملايين سوري محاصرين في مناطق يصعب الوصول إليها.
وقبيل تبني مجلس الأمن للقرار، أعلن الموفد الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أنه يعتزم الدعوة إلى جولة مفاوضات سلام جديدة حول النزاع في هذا البلد في السابع من مارس، «شرط أن يصمد وقف الأعمال العدائية في شكل شامل».
وعن الهدنة قال إنه «يوم وليلة استثنائيان للسوريين» قبل أن يتدارك أن «يوم السبت سيكون مفصليًا» لأن «هناك من دون شك جهودًا كثيرة تسعى إلى الإضرار بهذه العملية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.