لبنان: هيمنة حزب الله على الأمن والقضاء تجعل جرائم أطره فوق القانون

اغتيال الحريري والطيار حنا ومحاولة تفجير حرب نماذج صارخة عن تجاوزاته

شبان من أتباع حزب الله خلال حضورهم جنازة علي أحمد صبرا الذي قتل في معارك سوريا (أ.ف.ب)
شبان من أتباع حزب الله خلال حضورهم جنازة علي أحمد صبرا الذي قتل في معارك سوريا (أ.ف.ب)
TT

لبنان: هيمنة حزب الله على الأمن والقضاء تجعل جرائم أطره فوق القانون

شبان من أتباع حزب الله خلال حضورهم جنازة علي أحمد صبرا الذي قتل في معارك سوريا (أ.ف.ب)
شبان من أتباع حزب الله خلال حضورهم جنازة علي أحمد صبرا الذي قتل في معارك سوريا (أ.ف.ب)

لا يخفى على غالبية اللبنانيين، أن سطوة «حزب الله»، لا تقتصر على المؤسسات الدستورية والسياسية والأمنية والإدارات الرسمية، إنما باتت متوغلة في السلطة القضائية إلى أبعد الحدود، حيث بات صاحب الباع الطويل في التأثير على كلّ الملفات التي تعنيه وتعني حلفاءه، بحيث يبقى المرتكبون المحسوبون عليه فوق القانون، وتبقى يد العدالة أقصر من القدرة على الإمساك بهم أو محاكمتهم.
كثيرة هي القضايا التي توثّق الجرائم المرتكبة من قبل كوادر وعناصر من «حزب الله» الذين يستحيل مثولهم أمام المحاكم، وهي كثيرة جدًا، ولعلّ المثال الصارخ على ذلك، المتهمون الخمسة في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري و22 آخرين، وهم: مصطفى بدر الدين وسليم عياش وأسد صبرا وحسن عنيسي وحسن مرعي، أبرز قادة وكوادر أمن الحزب الذين تحاكمهم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي غيابيًا.
ولا تكاد الأمثلة على إفلات عناصر هذا الحزب من المحاسبة تحصى في الجرائم الكبيرة والنافرة جدًا، لكن يبقى من المهم تسليط الضوء على بعضها، مثل قضية إسقاط مقاتليه لطائرة هليكوبتر عائدة للجيش اللبناني خلال مهمة تدريبية في منطقة سجد، بجنوب لبنان، وقتل قائدها النقيب الطيار سامر حنا، ومحاولة قتل مساعده في صيف عام 2009. واللافت أن جريمة بهذا الحجم اقتصرت على تقديم الحزب أحد عناصره مصطفى المقدم «كبش فداء»، وإلباسه جريمة بهذه الخطورة، مع أن القرار الاتهامي نسب إلى المقدم إطلاقه النار عمدًا على الطائرة، والإمعان في قتل قائدها النقيب حنّا، ومنع وصول سيارة الإسعاف من الوصول إلى موقع الجريمة ونقله إلى مساعده إلى المستشفى.
وجاءت الصدمة بقرار المحكمة العسكرية التي أطلقت سراح المقدم بعد شهرين فقط من توقيفه، وحرف الاتهام من جريمة قتل ارتكبت عمدًا وعن سابق تصور وتصميم، إلى مجرّد حادث عرضي تسبب بوفاة الضابط الطيار. والمفارقة أن المتهم لم يمثل أمام المحكمة العسكرية منذ إطلاق سراحه، كما أن المحكمة لم تصدر حكمها في هذه القضية حتى اليوم، في حين أن هذا الامتياز لا يحظى به باقي اللبنانيين.
هذا الحال يسري أيضًا على المسؤول في جهاز أمن «حزب الله» محمود الحايك الذي حاول مع عدد من رفاقه، تفخيخ المصعد العائد لمكتب وزير الاتصالات الحالي النائب بطرس حرب في صيف العام 2012، بهدف تفجيره واغتياله فور دخول حرب إليه. العملية باءت بالفشل بعدما أحبطها حراس المكتب الذين أمسكوا بالحايك، لكن سيارات رباعية الدفع ذات زجاج حاجب للرؤية طوّقت المكان وانتحل من كانوا فيها صفة عناصر من مخابرات الجيش، وانتزعوا الحايك منهم، ولقد أمكن التعرف على الأخير من خلال بطاقة هويته الشخصية التي سقطت منه أرضًا خلال عملية التعارك مع الحراس، وقد رفض الحزب التعاون مع الأجهزة الأمنية، وقيادة الحزب رفضت التعليق على هذا الموضوع كليًا.
وإذا كانت الارتكابات الجنائية مثل القتل والخطف من اختصاص الكوادر الأمنية، فإن ثمة جرائم أخرى وصمت بعض الشخصيات السياسية في «حزب الله». ويكفي التذكير هنا بضبط الأجهزة الأمنية أكبر مصنع لإنتاج حبوب الكبتاغون المخدّرة في منطقة البقاع الذي أغرق لبنان وأسواق المنطقة بسمومه، ليتبين أن هذا المصنع يملكه شقيق نائب «حزب الله» حسين الموسوي، ومن ثم اقتصرت التوقيفات والملاحقات على ثلاثة عمّال، بينما توارى صاحب المصنع عن الأنظار، ولا يزال محميًا في المربعات الأمنية العائدة للحزب.
قد تطول اللائحة كثيرًا، إلا أنه لا بدّ من الإشارة إلى أخيرًا إلى الفضيحة التي كشفها الإعلام اللبناني في عام 2012، عن إدخال كميات كبيرة من الأدوية المزورة إلى لبنان، التي لا تتطابق مع المعايير الصحية، وإغراق الصيدليات بها. لكن التحقيق فيها كشف المستور، وأظهر أن شقيق وزير «حزب الله» محمد فنيش هو بطل هذه الفضيحة، مما اضطر الحزب مرغمًا إلى تسليمه للقضاء، فأوقف ما بين شهرين وثلاثة أشهر، وأخلي سبيله، فيما لا تزال محاكمته عالقة أمام محكمة جنايات جبل لبنان. وحسب مصادر مواكبة للقضية، فليس بمقدور المحكمة إصدار حكم بحقه، بسبب الضغوط الكبيرة التي تمارس على القضاء في هذه القضية.
قد تطول اللائحة بملفات عناصر ومنتمي «حزب الله» من حماية الحقول المزروعة بحشيشة الكيف، إلى عصابات الخطف والسطو وصولاً إلى خطوط التهريب في المطار والمعابر البرية والبحرية، لكن ثمة حقيقة يصعب محوها من عقول اللبنانيين، وهي أن هناك أناسًا تحت القانون وآخرين فوق القانون.. إنها معادلة خطيرة لا يكرّسها سوى تحلّل الدولة لحساب الدويلة ومافياتها.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.