الأنبار تستعد لانطلاق المرحلة الثانية لتحرير باقي مدنها من قبضة «داعش»

مجلس المنطقة يثمن الدعم السعودي من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة

مدرعات عسكرية تابعة للجيش تمشط من الحميدية شمال الرمادي أمس (أ.ف.ب)
مدرعات عسكرية تابعة للجيش تمشط من الحميدية شمال الرمادي أمس (أ.ف.ب)
TT

الأنبار تستعد لانطلاق المرحلة الثانية لتحرير باقي مدنها من قبضة «داعش»

مدرعات عسكرية تابعة للجيش تمشط من الحميدية شمال الرمادي أمس (أ.ف.ب)
مدرعات عسكرية تابعة للجيش تمشط من الحميدية شمال الرمادي أمس (أ.ف.ب)

تستعد محافظة الأنبار لانطلاق المرحلة الثانية من الحملة العسكرية لتحرير باقي مدنها من سيطرة تنظيم داعش بالتزامن مع الحملة الكبرى التي تشهدها مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار لتنظيفها من آثار الدمار والخراب وإعادة إعمار مناطقها وبنيتها التحتية بعد نجاح القوات العراقية من تحريرها من قبضة «داعش» بعد سيطرته لأكثر من سبعة أشهر.
وشنت القوات العراقية المسنودة بمقاتلي عشائر الأنبار هجومًا واسع النطاق لتحرير مدينة الفلوجة، ووصلت القوات العسكرية العراقية إلى منطقة الجسر الجديد، إحدى البوابات الرئيسية الثلاث لدخول المدينة، بينما أعلن مجلس محافظة الأنبار عن مبادرات لتقديم يد العون والمساعدة من قبل دول ومنظمات أممية ومنظمات إنسانية تأتي في مقدمتها السعودية عبر مركز الملك سلمان التي أعلنت تقديم مساعدات فورية وعاجلة للمتضررين في محافظة الأنبار.
وأكد المجلس قيام الجانب الأميركي بتعزيز ودعم القوات العراقية ومقاتلي عشائر الأنبار بإنشاء مركزين جديدين للقوات الأميركية في محافظة الأنبار من أجل تقديم المساعدة في تحرير مدينة الفلوجة وهيت وباقي المدن الواقعة في غرب الأنبار، ثم الانطلاق بنهضة اقتصادية شاملة بعد الخلاص من داعش بشكل نهائي.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار حكمت عيادة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأنبار تترقب انطلاق المرحلة الثانية من مراحل الحملة العسكرية لتحرير باقي مدن المحافظة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي»، مشيرا إلى أنه بعد النجاح الكبير الذي حققته القوات الأمنية ومقاتلي عشائر الأنبار في تحرير مدينة الرمادي ومناطق واسعة ممتدة بين مدينتي الرمادي والفلوجة، خصوصا أنه تتطلع حكومة الأنبار المحلية ومعها آمال وطموحات أكثر من مليون نازح من أهالي مدن الأنبار في تكملة مسيرة التحرير وعودة النازحين إلى مدنهم وديارهم».
وأضاف عيادة أن «مجلس محافظة الأنبار والحكومة المحلية تلقت كثيرا من الدعوات من قبل الدول والمنظمات من أجل المساهمة والمساعدة في إعمار مدن الأنبار، كان آخرها الالتفاتة الكريمة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بتقديم مساعدات عاجلة للمتضررين في محافظة الأنبار»، وقال: «نثمن المواقف الأخوية التي تقدمها الجارة الشقيقة السعودية باعتبارها من الدول المساندة للعراق في كل الصعد والمجالات، وقد أكد لنا السفير السعودي لدى العراق ثامر السبهان وقوف السعودية في محنتها والمساهمة الفاعلة في إعادة إعمار المدن المحررة من قبضة التنظيم الإرهابي».
وأشار عيادة إلى افتتاح مركزين جديدين للقوات الأميركية في محافظة الأنبار، بالإضافة إلى وجودهما في قاعدتي الحبانية شرق مدينة الرمادي وقاعدة عين الأسد إلى الغرب منها، وأن هذين المركزين العسكريين تم إنشاؤهما من أجل تقديم المساعدات على الأرض وعن قرب من أجل تحرير مدينتي الفلوجة شرقًا ومدينة هيت وباقي المدن الواقعة غرب الرمادي مركز محافظة الأنبار.
وأضاف أنه تم إنشاء هذين المركزين في منطقتي الحميرة القريبة من مدينة الفلوجة، ومنطقة عكاز بالقرب من حقل غاز عكاز غرب الأنبار، وهذان المركزان سيساهمان في عمليات التحرير، إذ سيكون المركزان بمثابة مخازن لتقديم السلاح والعتاد والمشورة من قبل الجانب الأميركي للقوات العراقية ومقاتلي العشائر الموجودين على الأرض لمحاربة تنظيم داعش وتحرير المناطق القريبة من المركزين، بينما أكد الجانب الأميركي أن الوجود العسكري للقوات العسكرية الأميركية سيكون أكثر فاعلية في مناطق محافظة الأنبار وحسب الاتفاقيات المبرمة مع الحكومة المركزية بذلك، وكذلك من أجل استتباب الأمن وحماية الشركات الأميركية والشركات العالمية التي سوف تعمل في الأنبار بعد التحرير من داعش، لتكون الأنبار نقطة انطلاق نهضة اقتصادية بعد أكثر من 13 سنة من الدمار وانعدام الأمن.
وأكد عيادة على استمرار حملات تنظيف مناطق مدينة الرمادي المحررة، وإزالة الألغام والعبوات الناسفة من الأحياء السكنية من أجل الإسراع بعودة النازحين من أهالي المدينة إليها، خصوصا أنه شهدت مناطق الصوفية والمناطق المجاورة لها في شرق الرمادي عودة البعض من العائلات كون المناطق الشرقية لم يتسنَّ للتنظيم الإرهابي زراعتها بالعبوات الناسفة والمتفجرة، إذ كانت تلك المناطق آخر ما خرج منها مسلحو التنظيم الإرهابي، بينما شهدت مناطق الخمسة كيلو وحي التاميم غرب الرمادي عودة عدد من العائلات بعد تنظيفها من العبوات الناسفة والألغام وإزالة الأنقاض من قبل فرق الجهد الهندسي والدوائر الخدمية في المحافظة وجموع المتطوعين، ونأمل في الأيام القليلة المقبلة عودة الأهالي جميعهم إلى مدينة الرمادي».
ميدانيًا، أعلنت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار عن شن القوات الأمنية العراقية ومقاتلي العشائر هجوم لتحرير مناطق في داخل مدينة الفلوجة أحد أهم معاقل تنظيم داعش في محافظة الأنبار وأكبرها، وتمكنت القطعات العسكرية من الوصول إلى منطقة جسر الفلوجة الجديد، بينما أكدت تحرير الطريق الرابط بين مركز السلام وناحية العامرية جنوب المدينة.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار وعضو اللجنة الأمنية راجع بركات في تصريحات صحافية أن القوات الأمنية ومقاتلي عشائر الأنبار تمكنوا من شن هجوم واسع النطاق منطلقين من غرب ناحية العامرية باتجاه منطقة الحصوة، وتمكنوا من تحرير منطقة البو دعيج شمال غربي الناحية بالكامل، ثم توجهت إلى مدينة الفلوجة، مضيفا أن القوات المهاجمة تمكنت من تحرير بعض المناطق، وهي الآن على أعتاب دخول مدينة الفلوجة بعدما تمكنت القطعات المسلحة من الوصول إلى جسر الفلوجة الجديد، إحدى البوابات الرئيسية الثلاث لدخول المدينة.
وأضاف بركات أن «القوات الأمنية ومقاتلي العشائر استطاعوا تحرير الطريق الرابط بين ناحية العامرية ومركز شرطة السلام شمال ناحية العامرية باتجاه الفلوجة»، مشيرا إلى «تكبد تنظيم داعش خسائر مادية وبشرية كبيرة».
من جانب آخر أكد محافظ الأنبار صهيب الراوي جاهزية قوات عشائر الأنبار في تحرير مدينة الفلوجة، مؤكدًا انطلاقها نحو المناطق التي ما زالت تحت سيطرة تنظيم داعش وأن تحرير المدينة قادم لا محالة.
وقال الراوي إن تحرير الفلوجة سيكون أسرع من تحرير الرمادي، مشيرا أن مدينة الفلوجة بمثابة الحل الحقيقي لإنهاء المأساة التي تسبب بها داعش لأكثر من مليون ونصف مليون مواطن، من خلال عمليات سلسلة من الجرائم التي اقترفها التنظيم الإرهابي بحق المدنيين العزل وكذلك تشريد أكثر من مليون نازح ومنع المتبقي منهم من الخروج من المدن الواقعة بيد المسلحين واتخاذهم دروعا بشرية».
وأضاف الراوي: «إن الحكومة المحلية أتمت إنشاء مراكز استقبال مزودة بكل المساعدات الإغاثية والطبية، إضافة إلى توفير ممرات آمنة من خلال مناطق الفلاحات والخالدية، مؤكدًا أن الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها المدنيون في الفلوجة تتطلب وقفة جدية من المجتمع الدولي».
وفي مدينة هيت 60 كلم غرب مدينة الرمادي أعلن مصدر أمني في قيادة عمليات الأنبار عن وصول تعزيزات من قبل القوات الأمنية إلى مدينتي هيت وكبيسة غرب الأنبار لتحريرهما من سيطرة تنظيم داعش بالتزامن مع نشوب ثورة شعبية عارمة في هيت إثر قيام الثوار من أهالي المدينة مهاجمة مسلحي التنظيم في شوارع المدينة وإحراق مقرات تابعة لهم فيها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.