حض الاتحاد الأوروبي أمس الدول الأعضاء على تحقيق نتائج ملموسة في إدارتها لأزمة المهاجرين خلال مهلة عشرة أيام، وإلا فإن نظام الهجرة بأكمله سينهار، فيما هيمن توتر شديد بين اليونان والنمسا على لقاء وزاري في بروكسل.
وحذر المفوض الأوروبي المكلف بشؤون الهجرة، ديمتريس إفراموبولوس، في ختام اجتماع وزراء داخلية الدول الأعضاء الـ28 في بروكسل من أنه «خلال الأيام العشرة المقبلة، يجب أن نحقق نتائج واضحة وملموسة على الأرض. وإلا فهناك خطر انهيار النظام بالكامل». وفيما لم يذكر إفراموبولوس نظام «شينغن» بالاسم، إلا أن مراقبين عدوا أنه يقصد هنا نظام شينغن في حد ذاته. إلا أن المسؤول الأوروبي عاد وتناول ضرورة تطبيق النظام بشكل كامل، ولمح إلى ثلاثة أمور وهي نظام اللجوء، ومعاهدة شينغن، واتفاق ديبلن. كما دعا مجددا إلى تطبيق سريع للقرارات التي اتخذتها الدول الأعضاء الصيف الماضي بالنسبة لتوزيع المهاجرين على دول الاتحاد، لتخفيف العبء عن اليونان وإيطاليا، وذلك قبل حلول 7 مارس (آذار) المقبل، أي موعد القمة الأوروبية - التركية. وستخصّص القمّة المشتركة لتقييم خطة عمل جرى الاتفاق بشأنها في وقت سابق، وتنصّ على تلقّي أنقره 3 مليارات يورو، مقابل مساعدتها في وقف تدفق المهاجرين واللاجئين عبر بحر إيجة.
وعد المفوض الأوروبي أن وضع المهاجرين «دقيق جدا»، مشيرا إلى «احتمال حصول أزمة إنسانية واسعة النطاق بشكل فعلي ووشيك جدا». وقد ردت اليونان المتهمة من عدة دول أوروبية، في مقدمتها النمسا بعدم حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكل كاف، بحدة خلال اجتماع وزراء داخلية الدول الأعضاء.
من جهته، قال وزير الهجرة اليوناني، يانيس موزالاس، أمام نظرائه إن النمسا «تعاملنا كأعداء»، فيما استدعت أثينا في الوقت نفسه سفيرتها في فيينا.
وأفادت الخارجية اليونانية أن استدعاء السفيرة هدفه «حماية علاقات الصداقة بين دولتي وشعبي اليونان والنمسا»، وأن «المبادرات الأحادية لحل (أزمة) اللاجئين وانتهاكات القانون الدولي والمكتسبات الأوروبية من قبل دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي من شأنها تقويض أسس وعملية الوحدة الأوروبية». وكان موزالاس قد حذّر في وقت سابق في بروكسل من أن «اليونان لن تقبل بأن تصبح لبنان أوروبا» ضاربا المثل بالبلد المجاور لسوريا الذي أصبح يستقبل عدد لاجئين يوازي ربع عدد سكان البلاد. وكان اجتماع مصغر عقد أول من أمس في فيينا ضم اللجنة المصغرة من دول الاتحاد المكلفة بالملف ولم تدع اليونان إليه، ما أثار انتقادات شديدة.
وتشعر أثينا بشكل زائد أن الدول الأعضاء استغنوا عنها لتتحمّل أعباء تفوق طاقتها، لا سيما أن بدء تطبيق خطة توزيع طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى أراضيها ليتوجهوا إلى دول أخرى في الاتحاد، يواجه صعوبات. وقد تم توزيع أقل من 600 لاجئ وصلوا إلى اليونان وإيطاليا في الأشهر الأخيرة، من أصل 160 ألفا يفترض أن يشملهم الإجراء خلال سنتين. ومنذ مطلع يناير (كانون الثاني) وصل أكثر من 102 ألف مهاجر إلى اليونان عبر المتوسط بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
وفي هذا الإطار، يأتي قرار مقدونيا رفض السماح للأفغان بعبور حدودها مع اليونان، ومطالبة السوريين والعراقيين بوثائق تثبت هويتهم، ليزيد من صعوبة عمل اليونانيين. وبدأ مئات المهاجرين يسيرون أمس على الطرقات اليونانية في طريقهم إلى الحدود مع مقدونيا في شمال اليونان، بعدما حدت سلطات هذا البلد من عدد الحافلات المتوجهة إلى هناك بهدف عدم زيادة العبء على معبر إيدوميني بين البلدين. وقال رئيس بلدية تيسالونيكي، يانيس بوتاريس «إنهم لا يريدون انتظار الحافلات لنقلهم. ولا يمكن للجيش أو الشرطة وقفهم بسبب خطر وقوع حوادث».
بهذا الصدد، دعت المفوضية الأوروبية مرة جديدة الدول الأعضاء إلى وقف سياسة «تصاريح المرور»، لكنها شددت على أن هذا الأمر يجب أن يتم بطريقة منسقة.
واستهدفت المفوضية بشكل خاص النمسا، التي فرضت سقفا يوميا على دخول المهاجرين، حيث لم تعد سوى لنحو 3200 بالمرور عبر أراضيها للوصول إلى دول أوروبية يريدون الاستقرار فيها.
وبالتزامن مع ذلك، أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أمس، إقرار المهمة التي سيساهم فيها لمواجهة أزمة الهجرة واللاجئين. وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ إن القرار اتخذه وزراء الدفاع قبل أسبوعين بناء على مقترح من ألمانيا وتركيا واليونان. وجرى تكثيف المشاركة في الجهود الدولية لمواجهة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية في بحر إيجة. وأضاف الأمين العام أن «هذه المشكلة تؤثر علينا جميعا، وينبغي أن نجد لها حلولا».
وجاء في بيان الناتو كذلك أن القوة البحرية التابعة له، والمعروفة باسم «المجموعة 2» وصلت إلى بحر إيجة بعد 48 ساعة من قرار الوزراء، وستقوم بعمليات المراقبة والاستطلاع والرصد، كما ستوفر كل المعلومات المطلوبة لخفر السواحل والسلطات المدنية في تركيا واليونان، ومساعدتهم على القيام بواجبهم بشكل أكثر فاعلية، للتعامل مع شبكات التهريب غير الشرعية.
وأشار «الناتو» إلى بدء التنسيق مع وكالة مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي «فرونتكس»، ونشر السفن في بحر إيجة بالتنسيق مع اليونان وتركيا. ولمح ستولتنبرغ إلى أن المهمة تعني أن العمل بدأ عن كثب مع الاتحاد الأوروبي وأكثر من أي وقت مضى، في إطار التعاون المشترك، لافتا إلى أن مهمة البحث والإنقاذ هي مهمة عالمية وعامة، وتنطبق على جميع السفن التي يجب أن تقدم المساعدة لكل من يواجه محنة في البحر. وأردف: «في حال إنقاذ أشخاص جاءوا من تركيا، سيتم إعادتهم إلى تركيا وستتولى السلطات المدنية عملها بعد ذلك».
الاتحاد الأوروبي يمهل الدول الأعضاء 10 أيام للحؤول دون انهيار نظام الهجرة
وزير الهجرة اليوناني: لن نتحول إلى لبنان أوروبا
الاتحاد الأوروبي يمهل الدول الأعضاء 10 أيام للحؤول دون انهيار نظام الهجرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة