مجلس الأمن يمدد العقوبات المفروضة على الحوثي وصالح وابنه أحمد

طالبهم بوقف أعمال العنف والانسحاب من المؤسسات الحكومية في صنعاء

أعضاء مجلس الأمن الدولي خلال مداولاتهم أول من أمس بشأن «عملية بناء السلام» في مناطق النزاع (أ.ف.ب)
أعضاء مجلس الأمن الدولي خلال مداولاتهم أول من أمس بشأن «عملية بناء السلام» في مناطق النزاع (أ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن يمدد العقوبات المفروضة على الحوثي وصالح وابنه أحمد

أعضاء مجلس الأمن الدولي خلال مداولاتهم أول من أمس بشأن «عملية بناء السلام» في مناطق النزاع (أ.ف.ب)
أعضاء مجلس الأمن الدولي خلال مداولاتهم أول من أمس بشأن «عملية بناء السلام» في مناطق النزاع (أ.ف.ب)

وافقت الدول الخمس عشرة الأعضاء بمجلس الأمن الدولي بالإجماع على تمديد العقوبات الدولية المفروضة على جماعة أنصار الله الحوثيين وعلى الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح لمدة عام. وجاء التصويت صباح أمس الأربعاء على القرار رقم 2266 الذي تقدمت به بريطانيا والذي يدعو كل الأطراف إلى التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن والالتزام بعملية انتقال سياسي وتمديد العقوبات المفروضة على الرئيس السابق صالح، وابنه أحمد علي عبد الله صالح وزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بعد اتهامهم بالاستمرار في عرقلة التوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن.
وشمل القرار توصية بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة في اليمن وتقديم تقريرها في موعد أقصاه السابع والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2017.
وشدد القرار، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، على التزام مجلس الأمن بوحدة وسيادة واستقلال أراضي اليمن، مجددا تأكيد دعوته لجميع الأطراف اليمنية على حل خلافاتهم عن طريق الحوار والتشاور. وأعرب مجلس الأمن عن قلقه من استمرار التحديات السياسية والأمنية والإنسانية التي تواجه اليمن والعنف المتواصل، إضافة إلى مخاوف التأثير السلبي لتنظيم القاعدة على الاستقرار.
وكان مجلس الأمن قد فرض العقوبات في قراره رقم 2140 في مايو (أيار) 2014 بتجميد كل الأصول المالية لكل من الرئيس اليمني صالح ونجله وزعيم الحوثيين ومنعهم من السفر، كما وضع كل من عبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيى الحاكم، وهما من أبرز قادة الحوثي، على القائمة السوداء باتهامهم بتقويض السلام والأمن والاستقرار في اليمن.
وطالب مجلس الأمن الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح بوقف أعمال العنف والانسحاب من جميع المناطق التي استولوا عليها، بما في ذلك المباني والمؤسسات الحكومية في العاصمة صنعاء، وتسليم أسلحتهم التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية والإفراج عن المعتقلين السياسيين وإنهاء تجنيد الأطفال وتسريح الأطفال المجندين في صفوف القوات الحوثية، وعدم القيام بإجراءات وتصرفات من شأنها استفزاز أو تهديد الدول المجاورة.
وشدد القرار على مسؤولية الدول في اتخاذ تدابير لمنع توريد أو بيع أو نقل أسلحة انطلاقا من أراضيها أو بواسطة مواطنيها أو باستخدام طائرات أو سفن تحمل علمها إلى الأفراد والكيانات الواقعة تحت طائلة عقوبات مجلس الأمن. ويشمل الحظر كل الذخائر والمركبات والمعدات العسكرية والمساعدات المالية والتقنية وتوريد مرتزقة مسلحين، إضافة إلى مسؤولية الدول لتفتيش جميع البضائع المتجهة إلى اليمن.
وطالب قرار مجلس الأمن كل الأطراف المعنية، لا سيما الحوثيين، بالتنفيذ الكامل للقرار رقم 2201 والقرار رقم 2015 والامتناع عن اتخاذ مزيد من الإجراءات التي تعرقل التوصل إلى عملية انتقال سياسي في اليمن والالتزام بنصوص مبادرة التعاون الخليجي وآلياتها ونتائج الحوار الوطني الشامل.
وكان المجلس قد تسلم تقرير فريق الخبراء المعني باليمن المنشأ عملا بقرار مجلس الأمن 2140 والذي يشمل تحليلا لتنفيذ تدابير العقوبات المفروضة بموجب نفس القرار، بما فيها تدابير تجميد الأصول وحظر السفر وحظر توريد الأسلحة المحدد الأهداف المفروضة بموجب القرار 2216.
وجاء في التقرير أن الفريق اضطلع بزيارة 16 بلدا منذ تعيينه. واجتمع في المملكة العربية السعودية مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وبمسؤولين آخرين في الحكومة اليمنية الشرعية. وأجرى الفريق عدة محاولات للسفر إلى اليمن، ولكنّ المسؤولين في وزارة الخارجية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، الذين وافقوا في البداية على استقبال الفريق، لم يمنحوه بعد إذنا نهائيا بدخول البلد.
وقال التقرير، الذي يقع في 280 صفحة، إن الفريق لاحظ أن الحوثيين، الذين يعملون بالتحالف مع التنظيم السياسي التابع لهم، وهو تنظيم أنصار الله، ما فتئوا يستولون تدريجيا على مؤسسات الدولة فتسببوا بذلك في الأزمة الحالية. وبموجب إعلان دستوري صادر في 6 فبراير (شباط) 2016، قام تنظيم أنصار الله بإنشاء هيئات تضطلع بالمسؤوليات التي تقع حصرا ضمن صلاحيات الحكومة الشرعية في اليمن.
ويعكف الفريق حاليا على التحقيق في قضية تتعلق بنقل محتمل للقذائف الموجهة المضادة للدبابات إلى قوات الحوثيين وصالح، وذلك في أعقاب مصادرة شحنة من الأسلحة المحملة على متن مركب شراعي قبالة ساحل عمان في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وقام الفريق بعملية تفتيش شملت الصواريخ والمعدات المرتبطة بها، الموجودة حاليا تحت عهدة الولايات المتحدة الأميركية، ولاحظ أن منشأها هو إيران ولها خصائص مماثلة لتلك التي بدأت تظهر بحوزة الحوثيين عبر وسائط الإعلام لاحقا.
وحدد الفريق بعض مصادر الإيرادات التي تستخدمها قوات الحوثيين وصالح من أجل تمويل العمليات العسكرية. وبالإضافة إلى ذلك، تعقب الفريق أصولا بقيمة 48.8 مليون دولار، تعود ملكيتها لشخصين هما علي عبد الله صالح وأحمد علي عبد الله صالح، وحدد شبكتين ماليتين تستخدمان للتحايل على تدابير تجميد الأصول.
وأكد أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر على مساندتهم للجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ لعقد جولة محادثات والتوصل إلى حل توافقي بين الأطراف المتصارعة وتنفيذ الاتفاقات المبرمة والالتزام بكل القرارات التي أصدرها مجلس الأمن وتسوية الخلاف اليمني عن طريق المحادثات والتفاوض.
وشدد مجلس الأمن على ضرورة تأمين توصيل المساعدات الإنسانية إلى كل المحتاجين في اليمن دون عائق وإلزام جميع الأطراف بضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة والعاملين في منظمات الإغاثة الإنسانية والالتزام بحماية المباني الدبلوماسية والقنصليات الأجنبية من أي ضرر أو اقتحام.
وحول الحالة الأمنية، قال التقرير إنه أدت إلى نشوء عقبات كبيرة حالت دون إيصال المساعدات الإنسانية وتوزيعها، وهي عقبات تعزى إلى الانتهاكات الواسعة النطاق للقانون الدولي الإنساني والانتهاكات المنهجية والخطيرة للحقوق المدنية والسياسية. وساهم الوضع بصورة تراكمية في تردي وتناقص الحيز المتاح للعمل الإنساني.
ولاحظ الفريق أن المدنيين يعانون أكثر من غيرهم من سير أعمال القتال بسبب الاستخدام الواسع النطاق والمنهجي لتكتيكات تعتمد عمليا، وفي بعض الحالات بشكل مباشر، على استخدام التجويع المحظور كأسلوب من أساليب الحرب.
ولاحظ الفريق حدوث اندماج متزايد بين قوات الحوثيين وما تبقى من الوحدات العسكرية المتخصصة التي كانت تخضع سابقا لإمرة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأسرته.
وقد كان للحالة الإنسانية في اليمن أثر كارثي على المدنيين أدى الحصار المفروض على السلع التجارية التي تدخل البلد وعلى مدينة تعز إلى الحد ليس فقط من قدرة المستشفيات والجهات الفاعلة في المجال الإنساني على العمل والاستجابة للأوضاع السائدة، ولكن أيضًا من قدرة الأشخاص على إعالة أنفسهم.
وحول الحالة الأمنية، قال التقرير: «أدت الحالة الأمنية إلى نشوء عقبات كبيرة حالت دون إيصال المساعدات الإنسانية وتوزيعها، وهي عقبات تعزى إلى الانتهاكات الواسعة النطاق للقانون الدولي الإنساني والانتهاكات المنهجية والخطيرة للحقوق المدنية والسياسية. وساهم الوضع بصورة تراكمية في تردي وتناقص الحيز المتاح للعمل الإنساني. ولاحظ الفريق أن المدنيين يعانون أكثر من غيرهم من سير أعمال القتال بسبب الاستخدام الواسع النطاق والمنهجي لتكتيكات تعتمد عمليا، وفي بعض الحالات بشكل مباشر، على استخدام التجويع المحظور كأسلوب من أساليب الحرب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».