بحرينيون لم يقرأوا أمبيرتو إيكو!

بحرينيون لم يقرأوا  أمبيرتو إيكو!
TT

بحرينيون لم يقرأوا أمبيرتو إيكو!

بحرينيون لم يقرأوا  أمبيرتو إيكو!

لا شك أن رواية «اسم الوردة» أشهر ما كتبه الروائي الإيطالي أمبيرتو إيكو الذي رحل عن عالمنا يوم الجمعة الماضي، بل لعلها من أكثر الروايات شهرة في عالم الأدب، حيث بيع منها ما يزيد على 15 مليون نسخة وتُرجمت إلى 32 لغة، ولقيت شهرة أوسع بعد أن تولى المخرج الفرنسي جان جاك آنود تحويلها إلى فيلم عام 1986.
لكنّ الروائي الراحل قدم للقراء كتابًا مهمًا للغاية، هو كتاب «دروس في الأخلاق»، وهو يتضمن خمسة مقالات كتبها أمبيرتو إيكو، على فترات متباعدة، تتناول سلسلة من القضايا الخاصة بالوجود الإنساني، منها الأخلاق والعلمانية والتدين والثقافة والمثقف والعلاقة مع الآخر وغيرها من الموضوعات ذات الطابع القيمي العام.
أهمية هذا الكتاب الصغير (152 صفحة) أنه يطرح مناقشات مرتبطة بالواقع، من بينها دور المثقف، والصحافة، ومفهوم التسامح، والعلاقة مع الآخر، التي يرى أنها تعكس صورة الذات تمامًا، ويلّخص مترجم الكتاب سعيد بنكراد هذا المفهوم بالقول: الوحدة ليست انصهار الواحد في ذاته، بل هي طريقة في ارتباطه مع الآخر، فـ«الآخر هو من يحددنا» كما يقول إيكو، فمن دونه سنصاب بالجنون أو الهوس.
لذلك، (يضيف): «كل وحدة إنما تقوم على المتعدد في الوجود والمظاهر والاشتغال، فلا شيء مثيرًا للحزن أكثر من شعور أمة بِوَحدتها»، بتعبير ليفي شتراوس.
وبعبارة أخرى إن «وجود البعد الأخلاقي مرتبط بظهور الآخر. فالغاية من كل قانون - أخلاقي أو حقوقي - هي تنظيم العلاقات بين الأفراد، بما فيها العلاقة مع آخر هو من يفرض هذا القانون».
في البحرين، الدولة الخليجية التي منحَ البحرُ أهلَها طيبة ووفاءً، قرأت عن مبادرة تقوم بها جمعية «الهملة» الخيرية لتزويج الشباب من أبناء الطائفتين في البلاد دون تمييز. والهملة قرية على ضفاف الخليج، من قرى المحافظة الشمالية على الساحل الغربي للبحرين، تقابل مدينة الدمام، ويعمل أهلها في البحر والزراعة، ويبلغ عدد سكانها 6 آلاف نسمة. استعنتُ بمسؤول في هيئة شؤون الإعلام للوصول إلى رئيس هذه الجمعية، واسمه جعفر مبارك.
بدا مبارك متحمسًا للحديث عن جمعيته، قال إنهم سيُنَظِّمُون حفل الزفاف التاسع، والذي يضم 50 عريسًا وعروسًا نهاية هذا الأسبوع، وهذه المرة أرادوا أن يعبروا عن رغبتهم في تجسير الفجوة، وبناء جسور التواصل الوطني بين أبناء البحرين. وقال: «نريد أن تجمعنا الأفراح». مضيفًا: لا علاقة لنا بالسياسة، ويشغلنا أن نبني الثقة والتسامح بين المواطنين.
يعي مبارك أن هذا النوع من المبادرات غير شعبي، بل إن الانقسامات والاصطفافات باتت تمنع نجاحه، ولكنه يقول: علينا البدء والاستمرار فهذا الوطن بحاجة للجميع. ولذلك فهذه المبادرة تستحق الدعم والمؤازرة.
ربما لم يقرأ أصحاب جمعية الهملة كتاب أمبيرتو إيكو، الذي حذر من الانعزالية، باعتبار «أن العزلة لا تقود إلا إلى الفاشية» لكنهم يعلمون بحكم علاقتهم بالبحر أن العزلة لا تقيم سوى مستنقعاتٍ آسنة.
يورد المفكر البحريني البارز الدكتور نادر كاظم، هذا المثال في كتابه «تمثيلات الآخر»: «سُئل أحد الحاخامات: لماذا صُنّف طائر اللقلق في اللغة العبرية بأنه طائر قذر؟ أجاب: لأنه لا يمنح حبه إلا لأفراد عائلته». ويزيد عليها الدكتور نادر: «.. وجماعته وطائفته وقوميته»!.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.