حذر الأزهر الإندونيسيين باعتبارهم أكبر دولة إسلامية سنية خالصة، من خطر دعوات تشييع أهل السنة والجماعة، ودعا شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الشباب السني في إندونيسيا إلى التمسك بعقيدة جمهور أهل السنة والجماعة وعدم الانجراف إلى دعوات الفرقة والتعصب المذهبي المذموم. وقال الطيب خلال زيارته لإندونيسيا على رأس وفد رفيع المستوى من مجلس حكماء المسلمين في زيارة تاريخية تُعد الأولى له، إن الأمة ابتليت بـ«داعش» ومحاولات ربط الإسلام بالإرهاب «ظلم فادح».
وبينما قال مصدر مطلع في مشيخة الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك أكثر من 500 إندونيسيا من بينهم نساء وأطفال قد انضموا لصفوف (داعش) الإرهابي، بالإضافة إلى أكثر من 50 شخصا من ماليزيا»، يخشى مراقبون من الحضور «الداعشي» في إندونيسيا والذي يثير الكثير من المخاوف سواء بصفة مباشرة أو عبر خلايا نائمة ممن أعلن عن ولائه لهذا التنظيم، خاصة بعد إعلان إندونيسيا إحباطها هجمات إرهابية لـ«داعش» على أراضيها.. بالإضافة إلى اعتقال عدد من المتطرفين المرتبطين بـ«داعش» ومصادرة مواد متفجرة ورايات «داعشية».
وأكد المراقبون أن «الأخطر في الاستراتيجية الداعشية نزعة هذا التنظيم التوسعية التي يسعى إليها التنظيم باختلاف أساليبها سواء عبر التجنيد أو الاستقطاب، وهو ما جعلها تعلن وجودها في أكثر من دولة غربية وأوروبية».
وحذر الدكتور الطيب، وهو رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال زيارته مركز الدراسات القرآنية بجاكرتا، من انتشار التشيع في إندونيسيا، مشيرا إلى أن الوحدة بين المسلمين أمر مطلوب وكثيرا ما ندعو إليها؛ لكن بشرط ألا تستغل هذه الوحدة المنشودة من هذا الطرف أو ذاك من أجل نشر أجندات سياسية وطائفية خاصة، تؤدي في الغالب إلى الاحتراب الداخلي بين المسلمين.
وجدد الطيب رفضه لمحاولات تشييع الشباب السني في بلاد أهل السنة، منتقدا ما تقوم به بعض القوى التي تتبنى المذهب الشيعي، لافتا إلى أن الأمة العربية والإسلامية تمر بمرحلة صعبة؛ لكن الأمل معقود على سواعد أبنائها المخلصين الذين يجب أن يكثفوا جهودهم لتجاوز هذه المرحلة والوصول بها إلى بر الأمان، وذلك من خلال العمل على إعادة الأمة إلى مجدها وحضارتها التي علمت العالم أجمع الوسطية والتسامح والسلام.
في ذات السياق، عقد مجلس «حكماء المسلمين» اجتماعا لمناقشة إطلاق الجولة الثانية من الحوار بين حكماء الشرق والغرب، والتي انطلقت في يونيو (حزيران) من العام الماضي في مدينة فلورنسا التاريخية بإيطاليا، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها الأزهر بالتعاون مع مجلس «حكماء المسلمين» في تفعيل الحوار والتعايش بين الحضارات والمجتمعات المختلفة.
ويذكر أن مجلس حكماء المسلمين تأسس في يوليو (تموز) عام 2014، بهدف تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وكسر حدة الاضطراب والاحتراب التي سادت مجتمعات كثيرة من الأمَّة الإسلامية في الآونة الأخيرة، وتجنيبها عوامل الصراع والانقسام.
في غضون ذلك، وجه شيخ الأزهر كلمة للمسلمين في آسيا والعالم الإسلامي من جامعة شريف هداية الله بالعاصمة الإندونيسية جاكرتا، أكد فيها أن هناك جماعات وفي مقدمتهم «داعش» ترتكب الجرائم الوحشية الآن من قتل وإراقة للدماء باسم الدين، وتحديدا دين الإسلام وحده من بين سائر الأديان، حتى أصبح الإرهاب علما على هذا الدين ووصفا قاصرا عليه لا يوصف به دين آخر من الأديان السماوية الثلاثة، وهذا ظلم في الحكم، لافتا إلى أن الانحراف الذي حدا بقلة قليلة من المنتسبين إلى الإسلام لارتكاب هذه الفظائع التي أنكرها علماء المسلمين ومفكروهم وعقلاؤهم وعامتهم وخاصتهم أشد الإنكار، هذا الانحراف حدث مثله؛ بل أضعاف أضعافه في الأديان والملل الأخرى، وشجع عليه رجال الأديان وباركوه ووعدوا مرتكبيه بالخلود في الجنان.
وأكد شيخ الأزهر، أن المتشددين دائما ما يستشهدون بحديث «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار»، لافتا إلى أن استشهادهم بهذا الحديث يكون في مواضع خطأ؛ وإلا لما تقدمنا واعتمدنا على وسائل التقدم، فيجب فهم المصطلحات في موضعها الصحيح، مضيفا أن الإسلام لم يقتصر على تحريم القتل وتحريم إسالة الدم فحسب؛ بل حرم ترويع الناس وتخويفهم حتى لو كان الترويع والتخويف على سبيل المزاح. وتساءل الطيب: «كيف يتهم هذا الدين بالإرهاب والعنف والقتل والهمجية والإسلام دين الرحمة بمفهومها الأعم الواسع، وإن هذا الدين الحنيف ما كان ليوصم بهذا الإفك المفترى لولا ما ابتليت به هذه الأمة في الآونة الأخيرة بنابتة سوء من أبنائها وشبابها، يقترفون جرائم القتل والحرق، والتمثيل بجثث المسلمين وغير المسلمين، ويظنون أنهم بجرائمهم هذه يجاهدون في سبيل الله ويحيون دولة الإسلام، وقد كفروا من خالفهم من المسلمين ولم يعتنق أفكارهم الشاذة، ومذاهبهم المنحرفة، التي يرفضها الإسلام ويبرأ منها وينكرها أشد الإنكار».
وتابع بقوله: «إذا كانت بعض المؤسسات الدينية الغربية قد سمحت لنفسها مناشدة العالم الآن لحل ما سمته مشكلة اضطهاد المسيحيين في الشرق، وذلك رغم ما يؤكده الواقع من عيش مشترك وسلام متبادل بين المسلمين والمسيحيين الشرقيين، وإن ما يقع على بعض المسيحيين من اضطهاد وتشريد وتهجير في الآونة الأخيرة؛ يقع أضعاف أضعافه على مئات الآلاف من المسلمين الذين هلكوا هم ونساؤهم وأطفالهم في القفار والبحار، هربا من الجحيم الذي يلاقونه في بلادهم»، مضيفا: «أناشد عقلاء العالم وحكماءه وأحراره حل مشكلات اضطهاد غير المسلمين للمسلمين في الشرق وفي الغرب أيضًا، حتى يتحقق الأمن ويعم السلام وتنعم الإنسانية شرقًا وغربًا».
وأكد الطيب، أن «وصف الإسلام بالإرهاب ظلم في الحكم، وتدليس يزدري العقول والأفهام ويستخف بالواقع والتاريخ، فمن البين بذاته أن بعض أتباع الديانات الأخرى مارسوا باسم أديانهم وتحت لافتاتها، وبإقرار من خواصهم وعوامهم، أساليب من العنف والوحشية تقشعر منها الأبدان، وتشيب لها الولدان؛ وإلا فحدثوني عن الحروب الصليبية في الشرق الإسلامي والحروب الدينية في أوروبا، ومحاكم التفتيش ضد اليهود والمسلمين.. ألم تكن هذه الحروب (إرهابا) ووحشية ووصمة عار في جبين الإنسانية على مر التاريخ؟».
وعبر شيخ الأزهر عن حزنه من الهجوم الذي يتعرض له الأزهر ومنهجه من البعض ومن بعض طلاب الأزهر الذين تم استقطابهم، لافتًا إلى أن المنهج الأشعري هو مذهب أهل السنة والجماعة، وهو مذهب لا يكفر أحدًا من أهل القبلة، ولا يتعصب لمذهب ولا إلى إمام.
الأزهر يُحذر من خطر التشيع في إندونيسيا
محاولات ربط الإسلام بالإرهاب «ظُلم فادح»
الأزهر يُحذر من خطر التشيع في إندونيسيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة