عقدة «النصرة» وفقدان النظام سيطرته على ميليشياته تهددان الهدنة

الفصائل العسكرية تشكك في نجاحها.. ورهان على «انشقاق» العناصر في الجبهة

طفل سوري مع عائلته عند الحدود اليونانية بانتظار الدخول إلى مقدونيا لاستكمال رحلة اللجوء (أ.ف.ب)
طفل سوري مع عائلته عند الحدود اليونانية بانتظار الدخول إلى مقدونيا لاستكمال رحلة اللجوء (أ.ف.ب)
TT

عقدة «النصرة» وفقدان النظام سيطرته على ميليشياته تهددان الهدنة

طفل سوري مع عائلته عند الحدود اليونانية بانتظار الدخول إلى مقدونيا لاستكمال رحلة اللجوء (أ.ف.ب)
طفل سوري مع عائلته عند الحدود اليونانية بانتظار الدخول إلى مقدونيا لاستكمال رحلة اللجوء (أ.ف.ب)

تكتنف الشكوك إمكانية نجاح اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا الذي يبدأ ليل الجمعة المقبل، على ضوء استثناء تنظيم «جبهة النصرة» منه، وهو تنظيم لا يتخذ مكانًا محددًا ومستقلاً من الجغرافيا السورية، كما تنظيم داعش، وبالتالي هو ينتشر في مواقع متداخلة مع باقي الفصائل السورية المعارضة، مما يجعل من تحييد قوات المعارضة المعتدلة والفصائل الأخرى غير المتشددة والمدنيين، أمرًا شبه مستحيل.
وينتشر تنظيم «النصرة» بين مناطق سيطرة الفصائل العسكرية التابعة للجيش السوري الحر في مدينة إدلب وريفها، وأرياف حلب الجنوبية والغربية والشمالية، وفي ريفي حماه وحمص، وأرياف دمشق والقنيطرة ودرعا جنوبًا، حيث يغيب التنظيم عن مواقع سيطرة «داعش» في ريف حلب الشرقي والرقة شمالاً، وفي دير الزور والحسكة شرقًا، بحسب ما يؤكد عسكريون معارضون ومراقبون مثل «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
ولا يرى معارضون أن هناك منفذًا من هذه العقبة لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار، سوى بانشقاق العناصر السورية عن التنظيم، وترك التنظيم المتشدد في مناطق غير متداخلة، رغم صعوبة المهمة، وسط إصرار روسيا على ضرب التنظيم، حتى في المناطق المتداخلة. وتحدث مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن عن معلومات حول مساعٍ روسية وأميركية لإقناع الفصائل غير المتشددة بفك ارتباطها بالنصرة، وانشقاق العناصر غير المتشددة عن التنظيم، مشددًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن «القرار اليوم على الأرض السورية هو روسي وأميركي، ولا يملك النظام أي سلطة لاتخاذ قرار أو إبداء أي رأي تجاه القضية». وقال إن قرار ضم النصرة إلى لائحة الاستهداف في ظل الهدنة «أرادت منه روسيا والولايات المتحدة إحداث شرخ بين النصرة والفصائل الأخرى في الميدان السوري».
لكن تلك المساعي، ليس من السهل تحقيقها، نظرًا لوجود عاملين أساسيين مرتبطين بالميدان السوري، وبطريقة ضم «النصرة» للعناصر إليها. فقد أكد مصدر سوري مطلع على أحوال التنظيم في الشمال، أن الانشقاق عن التنظيم «يعني بالنسبة للعناصر موتهم»، موضحًا لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتساب للتنظيم يتم عن طريق البيعة، وبالتالي يعتبر الانشقاق ردّة وخروجًا عن الدين». وأشار إلى أن «النصرة» أيضًا «لا تعترف بالهدنة لأنها تعتبرها اتفاقا مع كافرين».
العامل الثاني الذي يعيق الابتعاد عن التنظيم، يرتبط بتداخل ساحات المواجهات، والتحالفات مع فصائل أخرى لقتال قوات النظام في أرياف حماه وإدلب واللاذقية وحلب. ويؤكد القيادي في حركة «أحرار الشام الإسلامية» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»، أن فك الارتباط عن النصرة في هذا الوقت «مستحيل»، نافيًا في الوقت نفسه المعلومات عن إمكانية حل «جيش الفتح» على ضوء الهدنة. وقال: «جيش الفتح موجود، ونحن مستمرون بالقتال جنبًا إلى جنب ضد قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها»، مشيرًا إلى أن «فيلق الشام» فك ارتباطه بجيش الفتح في وقت سابق «بغرض تأمين مدينة حلب فقط». وقال: «كل الكتائب والقوى الثورية في جيش الفتح مترابطة ومستمرة في عملها».
وقال الشامي: «نحن كحركة أحرار الشام، مستعدون للالتزام بوقف إطلاق النار، لكن علينا الانتظار لنرى إذا كان النظام وحلفاؤه والميليشيات التي تقاتل معه ستلتزم بوقف إطلاق النار». وأعرب عن شكوكه بأن يلتزم النظام، قائلاً: «لنا تجربة فاشلة معه على هذا الصعيد، فقد خرق كل الاتفاقات لوقف إطلاق النار في السابق، واستمر بقصف المدنيين وقتلهم، كذلك ميليشياته التي تعتبر قرارها مستقلاً وباتت خارجة عن سيطرته».
وإذ أكد الشامي أن النظام «سيخرق الهدنة»، قال: «في ذلك سيعتبر الاتفاق ملغيًا، وبالتالي بات الاتفاق أمام معضلتين، الأولى تتمثل في التزام النظام والميليشيات المقاتلة معه، والثاني يتمثل في استهداف جبهة النصرة، مما يعني أن الاتفاق ذاهب إلى الفشل سلفًا، إذا بقيت النصرة على لائحة الاستهداف». وأوضح أن التنظيم «موجود في مناطق متداخلة، وينفذ مقاتلوه عمليات مشتركة معنا في الشمال، مما يعني أن القصف الذي يتعرض له المدنيون ويرتكب أربع أو خمس مجازر يومية، سيستمر لأن قصف النصرة سيكون ذريعة لقصف الآخرين وقصف المدنيين».
وبحسب الشامي، والمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن التنظيم ينتشر في عدة مواقع من الشمال إلى الجنوب، باستثناء شرق سوريا، ومحافظة الحسكة في شمال شرقها. إضافة إلى ذلك، توجد فصائل متشددة من «المهاجرين» تضم المقاتلين الأجانب الذين ينتمون لتنظيم «القاعدة»، في مناطق متداخلة مع القوات المعتدلة، بينها «جند الأقصى» وكتيبة القوقاز التابعة لها، و«الحزب التركستاني» وكتيبة المقاتلين الشيشانيين والمقاتلين القوقازيين، وهي فصائل موجودة في ريف إدلب بشكل خاص.
وتعتبر مناطق الجنوب وريف دمشق، أقل مواقع تنظيم «النصرة». ففي درعا والقنيطرة في الجنوب، يقدر قيادي بالجيش الحر عدد مقاتلي التنظيم بنحو 1800 مقاتل «معظمهم من السوريين وأبناء المنطقة»، أما في الغوطة الشرقية لدمشق، فيقتصر وجود النصرة على «مئات قليلة غير مؤثرة»، فيما يقدر عدد مقاتلي النصرة في جرود القلمون الغربي وجرود عرسال في شرق لبنان، بنحو 700 مقاتل.
وكما في أوساط قيادات المعارضة، تحوم الشكوك حول إمكانية تنفيذ اتفاق مماثل في ظل الأوضاع المعقدة في سوريا. واعتبر أبو إبراهيم، قائد كتيبة في اللواء العاشر الموجود في ريف اللاذقية الشمالي (غرب)، أن الاتفاق «مضيعة للوقت ومن الصعب تطبيقه على الأرض»، متسائلاً: «هل هناك ضمانات ألا يقصف النظام أو يتمدد؟».
ويأتي اتفاق وقف إطلاق النار بعد نحو ثلاثة أسابيع على هجوم واسع شنه الجيش السوري في محافظة حلب شمالا، حيث توجد «جبهة النصرة». ونجح الجيش السوري في السيطرة على مناطق عدة في الريف الشمالي، وفرض حصار شبه كامل على الفصائل المقاتلة في الأحياء الشرقية من مدينة حلب.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.