صعوبات في إعادة 600 ألف نازح إلى الرمادي بعد تحريرها من «داعش»

بسبب الدمار والألغام والعبوات الناسفة

القوات العراقية تتفحص بعض المباني في الرمادي الأسبوع الفائت لإزالة الألغام منها (أ.ف.ب)
القوات العراقية تتفحص بعض المباني في الرمادي الأسبوع الفائت لإزالة الألغام منها (أ.ف.ب)
TT

صعوبات في إعادة 600 ألف نازح إلى الرمادي بعد تحريرها من «داعش»

القوات العراقية تتفحص بعض المباني في الرمادي الأسبوع الفائت لإزالة الألغام منها (أ.ف.ب)
القوات العراقية تتفحص بعض المباني في الرمادي الأسبوع الفائت لإزالة الألغام منها (أ.ف.ب)

يواجه أكثر من 600 ألف من أهالي الرمادي صعوبة في عودتهم إلى مدينتهم بعد تحريرها من سطوة تنظيم داعش المتطرف. ويأتي السبب الأول بسبب الدمار الكبير الذي تسببت فيه معارك تحرير المدينة. وحذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق من عودة النازحين من أهالي الرمادي إلى المدينة في الوقت الحالي، مؤكدًا أن المدينة ما زالت مليئة بالعبوات الناسفة والمواد المتفجرة التي تشكل خطرا حقيقيا على أرواح المدنيين. وقالت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق ومنسق الشؤون الإنسانية، ليز غراندي، إن البرنامج الأممي الذي يدير عمليات التمويل الفوري من أجل إعادة الاستقرار في مدينة الرمادي يشعر بخوف وقلق بالغ على سلامة الأسر النازحة في حال عودتها إلى الرمادي، وازدادت تلك المخاوف خصوصًا بعد أن قررت بالفعل بعض العائلات العودة إلى المدينة.
وأضافت غراندي، في حديث للصحافة: «شعرنا بحزن شديد بعد أن علمنا بأن ثمانية أشخاص قتلوا في الأسبوعين الماضيين خلال مسح منازلهم أو محاولتهم تعطيل العبوات الناسفة في الرمادي، ونحن نقدم تعازينا الحارة إلى أسر الضحايا، ولا بد من العمل الجاد من أجل ضمان سلامة وكرامة الأشخاص الذين يرغبون في العودة إلى مناطقهم، ويجب أن يمثل ذلك أولوية قصوى لنا ولكل من يعمل على عودة الأهالي من النازحين إلى مناطقهم».
من جانبهِ، أكد رئيس ديوان الوقف السني ورئيس لجنة إعادة مدينة الرمادي، الدكتور عبد اللطيف هميّم، أن أغلب مناطق مدينة الرمادي سوف تكون جاهزة ومؤهلة، وأن الجميع هنا بصدد الإسراع في عمليات تنظيف المدينة بالكامل من مخلفات العمليات العسكرية وإزالة الألغام والعبوات الناسفة والأنقاض.
وقال الهميّم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «قطعنا عهدا على أنفسنا بأن نعيد جميع النازحين من أهالي مدينة الرمادي في غضون أقل من مائة وعشرين يوما، ولن يثنينا أحد عن هذا الأمر». مضيفا أن «حملة تنظيف مدينة الرمادي تلقى دعما كبيرًا من العراقيين، وأن أعداد المتطوعين في ازدياد مستمر، وسوف تكون المدينة جاهزة لاستقبال النازحين في أقرب وقت».
وأضاف الهميّم بقوله إن «أهالي مدينة الرمادي بإمكانهم العودة إلى مدينتهم بعد الانتهاء من عمليات تفكيك العبوات الناسفة، وتنظيف المدينة خلال الفترة المذكورة»، بينما أشار إلى أن «حجم الكارثة التي أحدثها تنظيم داعش في الرمادي كبير، وأنه تم تفكيك نحو 450 عبوة ناسفة وسيارة مفخخة في حي واحد فقط من أحياء مدينة الرمادي، وهذا الرقم يعد مخيفًا أمام الحجم الحقيقي للعبوات الناسفة التي زرعها التنظيم الإرهابي قبل هزيمته على يد قواتنا الأمنية البطلة، بينما تعمل المؤسسة العسكرية ومفارز الجيش على تفكيك العبوات الناسفة ومعالجة الألغام، وأن المناطق ستكون نظيفة وجاهزة، وستستقبل المدينة أبناءها خلال مدة لن تتجاوز مائة وعشرين يومًا».
من جانب آخر، عبرت مؤسسات إعلامية عراقية عن مخاوف حقيقية من تصاعد موجة عنف تستهدف صحافيي البلاد، موضحة أنها تهدف إلى منع كشف تورط القوات الأمنية بانتهاكات لحقوق الإنسان، وأكد مرصد الحريات الصحافية العراقية تعرض مجموعة من الفرق الإعلامية في محافظة الأنبار للضرب والاحتجاز من قبل القوات الأمنية والعسكرية، في موجة عنف أثارت مخاوف من عدم التزام القوات الأمنية بالاتفاقيات التي سبق ووقعت بين منظمات محلية ووزارتي الدفاع والداخلية لردع مثل هذه الاعتداءات.
وقال المرصد إن «كثيرا من الصحافيين تعرضوا للضرب والاحتجاز ومصادرة معداتهم الصحافية من قبل القوات العسكرية العراقية الموجودة في مدينة الرمادي على الرغم من حصول كل الصحافيين العاملين هناك على الموافقات اللازمة لإتمام عملهم».
وأضاف المرصد أن «القوات الأمنية الموجودة في الأنبار تصر على الاعتداء على الصحافيين وتقوم بمصادرة كاميراتهم والهواتف الشخصية وباقي معدات العمل الصحافي بالقوة وتحت تهديد السلاح، وهناك كثير من الصحافيين تعرض للضرب والإهانة من قبل الجنود في قيادة عمليات الفرات».
ودعا مرصد الحريات الصحافية (JFO) وزارتي الداخلية والدفاع إلى فتح تحقيق عاجل في حوادث هذه الاعتداءات ومحاسبة المعتدين على الفرق الإعلامية في محافظتي المثني والأنبار، التي عمدت إلى منعهم من ممارسة عملهم الصحافي، مؤكدا خشيته من اتباع سياسة جديدة من قبل السلطات العسكرية والأمنية لقمع الفرق الإعلامية ومنعها من تغطية الأحداث في مواقع الحدث المهمة، خوفًا من كشف تورطها في بعض الممارسات التي تنتهك حقوق الإنسان وتخالف القوانين والتشريعات الدولية والوطنية.
من جهته، قال رئيس فرع نقابة الصحافيين العراقيين في الأنبار، الدكتور أحمد الراشد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «أحد الزملاء الصحافيين تعرض أثناء تغطيته الأحداث وحملة التنظيف والإعمار في مدينة الرمادي إلى الضرب من قبل عناصر تابعة للفوج الخامس أحد تشكيلات قيادة شرطة الأنبار».
وأضاف الراشد أن «عناصر المفرزة اقتادت الصحافي محمد ناجي، إلى سيارة تابعة لها وأجبرته على الصعود عنوة بعد تمزيق ملابسه وأطلقت العيارات النارية على زملائه عند محاولتهم التدخل لإنقاذه، ولولا تدخل أحدهم برفع فوهة البندقية لأصابهم بنيران رصاصه». وطالب الراشد وزير الداخلية «بإحالة المعتدين إلى التحقيق لينالوا جزاء عملهم الشائن»، داعيًا قيادة شرطة الأنبار إلى «السماح للصحافيين بأداء عملهم».
ميدانيًا، تتواصل المعارك الدائرة بين القوات الأمنية العراقية وتنظيم داعش في المناطق المحيطة بمدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، ويشن مسلحو التنظيم المتطرف الهجمات على القوات العراقية بين فترة وأخرى في مسعى لها من أجل إعادة السيطرة على المناطق التي فقدها مؤخرًا لصالح القوات العراقية، وأعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي عن صد هجوم واسع النطاق يعد هو الأكبر لتنظيم داعش منذ خسارته مدينة الرمادي وطرد مسلحيه من المدينة.
وقال المحلاوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «مسلحي تنظيم داعش قاموا بشن هجوم واسع النطاق على منطقة الحامضية التي تم تحريرها مؤخرًا من قبل قواتنا الأمنية، في محاولة من قبل التنظيم الإرهابي لاستعادة المنطقة كونها الشريان الرئيسي الذي يربط مدينة الرمادي بالفلوجة على الخط البري الدولي السريع».



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.