تُظهر مراجعة سريعة لمواقف الأحزاب الرئيسية في لبنان من العلاقة مع المملكة العربية السعودية على خلفية إعلان وقف الهبات بعد الحملة المستمرة على الرياض، شبه إجماع سياسي يخرقه حزب الله وتيار النائب ميشال عون، على وجوب التصدي لمحاولات إخراج لبنان من تحت مظلة التضامن العربي ودعم القضايا العربية.
وإن كان تيار «المستقبل» هو من يقود حملة المواجهة الداخلية، إلا أن مواقف باقي الفرقاء تبدو منسجمة تماما مع منطق رفض استمرار الأمور على ما هي عليه، ولعل هذا ما عبّر عنه وزير العدل أشرف ريفي بتقديم استقالته من الحكومة التي يترأسها تمام سلام الذي بدا بدوره حاسما بموضوع «الوقوف الدائم إلى جانب إخواننا العرب وتمسكنا بالإجماع العربي في القضايا المشتركة التي حرص عليها لبنان».
وكان رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري أول من حمّل «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» مسؤولية القرار السعودي الأخير، وهو شدّد على أنّه «لم يعد جائزا أن يكون لبنان خارج الإجماع العربي الموجود»، كما لوّح باتخاذ خطوات تصعيدية في حال لم يكن هناك موقف حازم من قبل مجلس الوزراء.
وعلى الرغم من تحالفه الجديد مع عون، كان لرئيس حزب «القوات» سمير جعجع مواقف متقدمة بدعم المملكة العربية السعودية، وهو حثّ الحكومة على مطالبة «حزب الله» بعدم التهجم على المملكة، منبهًا إلى أنّه «إذا لم تقم الحكومة بخطوات جدية بموضوع العلاقة مع السعودية، فإن الاستقالات ستتوالى»، بعد استقالة الوزير ريفي. وقد ذهب مستشار جعجع العميد المتقاعد وهبي قاطيشا أبعد من ذلك، لافتًا إلى إمكانية «عودة الاغتيالات في لبنان أو أن يقوم الحزب ومناصروه بافتعال أحداث أمنية في بعض المناطق على غرار ما حصل في منطقة السعديات في إقليم الخروب بجبل لبنان قبل أيام». واعتبر قاطيشا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «حزب الله قد ينفذ مخططاته التي اعتدنا عليها في مناسبات سابقة كأحداث 7 مايو (أيار) في عام 2007 إذا بقيت الحكومة اللبنانية مترددة ولم تقف في وجه سياساته التي يأخذ من خلالها لبنان رهينة لدولة غير عربية».
بدوره، حمّل حزب «الكتائب» أيضًا حزب الله مسؤولية ما آلت إليه الأمور، واعتبر رئيسه سامي الجميل أن «تصرفات الحزب تجاه السعودية جعلت كل اللبنانيين يدفعون الثمن». وقد دعا الجميل في وقت سابق رئيس الحكومة لـ«اتخاذ تدابير وإذا لم تتم معالجة هذا المشكلات سنجتمع نحن ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري لنتخذ الخطوات اللازمة». ولم يجار رئيس المجلس النيابي نبيه بري حليفيه المفترضين حزب الله وعون في مواقفهما الأخيرة من المملكة، وهو كان شدّد على وجوب «إعادة تثبيت الحكومة سياسة لبنان الخارجية على القاعدة المتّفق عليها، وهي النأي بالنفس عن الأزمة السورية والتمسك بالإجماع العربي فيما يتعلق بالقضايا العربية المشتركة وعلاقة لبنان بأشقائه العرب». ولم ير بري مانعا بعد صدور هذا الموقف عن مجلس الوزراء، من أن يتوجه وفد إلى الرياض لإعادة تصويب العلاقة اللبنانية السعودية. وشدد على ضرورة الحفاظ على أمتن العلاقات بين لبنان والدول العربية ولا سيما منها السعودية.
وحدهما حزب الله وتيار عون خرقا الإجماع اللبناني، ففضل وزير الخارجية جبران الانحياز صراحة لحزب الله بقوله أخيرًا: «بين الإجماع العربي والوحدة الوطنية ننحاز إلى الوحدة الوطنية»، معتبرًا أن «النأي بالنفس هو الانسحاق الكامل ومحو الذات وليس اعتراضًا بل انسحابًا من الوجود حتى تمر القرارات بلا اعتراض أو حتى تحفظ». ورأى أن «الإجحاف الذي نتعرض له هو ثمن ندفعه لتكريس سياسة استقلالية تحييدية للبنان».
أما حزب الله، فواظب على لهجته التصعيدية بوجه المملكة، رافضًا تحميله مسؤولية القرار السعودي الأخير بوقف الهبات، وهو ادّعى بأن «المسؤولين المعنيين في الحكومة والوزارات المختصة والمؤسسة العسكرية وإدارات القوى الأمنية كانوا على اطلاع تام بأن هذا القرار قد اتخذ منذ فترة طويلة وخصوصا منذ بدء العهد الحالي في السعودية».
حزب الله وعون يعرقلان الإجماع اللبناني على دعم القضايا العربية
مخاوف من أحداث أمنية وعودة الاغتيالات
حزب الله وعون يعرقلان الإجماع اللبناني على دعم القضايا العربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة