أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، أن كلا من واشنطن وموسكو اتفقتا على خطة لوقف إطلاق النار في سوريا بين أطراف الصراع السوري، وإطلاق هدنة مؤقتة بدءا من منتصف ليل الجمعة (بتوقيت دمشق) وصباح السبت الموافق 27 فبراير (شباط) الجاري، مع استثناء قصف تنظيم داعش وجبهة النصرة.
وقال كيري «يسعدني إعلان اختتام الترتيبات النهائية لوقف إطلاق النار في سوريا ودعوة جميع الأطراف إلى قبولها والامتثال لأحكامها بالكامل». وأضاف: «إذا ما تم تنفيذ الاتفاق والالتزام به، فإن هذا لن يؤدي فقط إلى انخفاض أعمال العنف، لكن الاستمرار في توصيل الإمدادات الإنسانية العاجلة إلى المناطق المحاصرة ودعم عملية التحول السياسي وإقامة حكومة تستجيب لرغبات السوريين».
وشدد وزير الخارجية الأميركي أن الاتفاق يستند على التزام دبلوماسي من كثير من الدول والجماعات، مشددا على ضرورة التزام جميع الأطراف على احترام التزاماتها وفقا للاتفاق وضمان التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 ووقف الهجمات بما في ذلك القصف الجوي.
وقال: «ندرك جميعا التحديات الهامة التي تنتظرنا خلال الأيام القادمة، وسنعمل على تأمين التزام الأطراف بشروط وقف الأعمال العدائية وتطوير طرق الرصد لتنفيذ الاتفاق وعلى جميع الأطراف الوفاء بالتزاماتها بموجب هذا الاتفاق، ووقف الهجمات ضد بعضهم البعض، بما في ذلك القصف الجوي، ويجب على الأطراف أن تظل ملتزمة على مدى فترة من الوقت لتجعل من الممكن وضع نهاية سياسية لهذا الصراع».
وأكد وزير الخارجية الأميركية استمرار بلاده في مراقبة ضمان وقف العنف وتوفير مساحة وفرصة لانتقال سياسي عن طريق التفاوض، بما يتفق مع بيان جنيف لعام 2012 يما يمكن من توحيد السوريين الذين يرفضون الديكتاتورية والإرهاب ويرغبون في بناء مستقبل جديد لبلادهم.
وأشار مسؤول بالخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، أن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وكافة الأعمال العدائية كان أحد الأهداف، للتمكن من توصيل المساعدات الإنسانية للمدنيين المحاصرين في سوريا. وأكد أن الاتفاق على هدنة مؤقتة لمدة أسبوعين من شأنه أن يؤدي – في حال نجاح التزام كافة الأطراف بالالتزام به - إلى وقف إطلاق النار بشكل كامل ورسمي، والتقدم بإيجابية في بناء الثقة بين الأطراف، واستئناف المفاوضات وعملية الانتقال السياسي في سوريا.
وأوضح مسؤول بالبيت الأبيض أنه من المقرر أن يناقش الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تفاصيل الاتفاق وضمانات تنفيذه في اتصال هاتفي في وقت لاحق الاثنين.
ويقول المحللون بأن هذه الهدنة إذا تم تنفيذها دون خروقات، قد تمهد الطريق لإجراء المزيد من المحادثات حول كيفية الاستمرار في وقف إطلاق النار واستئناف محادثات السلام التي استبعدت الأمم المتحدة إقامتها في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.
وشدد المتحدث باسم الخارجية الأميركية على التزام واشنطن بمواصلة عملية الانتقال السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254 داعيا جميع أطراف الصراع وبصفة خاصة النظام السوري لوقف الأعمال العدائية والبدء في نزع فتيل الحرب الأهلية التي تغذي تواجد «داعش» وغيره من الجماعات الإرهابية.
ووفقا لنسخة الاتفاق التي أعلنتها الخارجية الأميركية، فإن الاتفاق ينص على التزام الأطراف السورية بالموافقة على وقف كافة الأعمال العدائية في توقيت البدء بالاتفاق، وتحقيق بعض التقدم «دون عوائق» في إيصال شحنات المساعدات للأحياء المدنية الواقعة تحت حصار القوات الحكومية السورية. كما ينص على تعاون كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي على تبادل المعلومات ذات الصلة بتنفيذ الأعمال العدائية وحدودها في البيانات المتعلقة بمدى التزام الجماعات التي أعلنت التزامها بوقف الأعمال العدائية ووضع الإجراءات اللازمة لمنع الأطراف المشاركة في اتفاق وقف الأعمال العدائية من التعرض لهجوم من قبل القوات الروسية.
وينص الاتفاق - وفق النسخة الأميركية - على تعزيز وقف فعال ومستدام للأعمال العدائية، وإنشاء خط ساخن للاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة، وإذا لزم الأمر وعند الاقتضاء - تشكيل فريق عمل لتبادل المعلومات حول دخول وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ.
وفي حالة عدم الامتثال لاتفاق وقف الأعمال العدائية، ينص الاتفاق على بذل كل الجهد الممكن لتعزيز الاتصالات بين جميع الأطراف لمعاودة الامتثال ونزع فتيل التوتر واستنفاد كل الوسائل – كلما أمكن - قبل اللجوء إلى استخدام القوة.
كما ينص الاتفاق على مسؤولية الولايات المتحدة وروسيا ودول مجموعة دعم سوريا على تطوير طرق وإجراءات لضمان تنفيذ تلك المهام ودعوة جميع الأطراف السورية لدعم الوقف الفوري للعنف وسفك الدماء في سوريا. وحدد الاتفاق عدة عناصر في وقف القتال والأعمال العدائية، موضحا أنه يشمل أي جهة تشارك في العمليات العسكرية أو شبه العسكرية ضد أي أطراف بخلاف جبهة النصرة و«داعش» والمنظمات الإرهابية الأخرى التي يحددها مجلس الأمن والأمم المتحدة.