وقف إطلاق نار في سوريا منتصف ليل الجمعة.. أسبوعين ويتجدد

مسؤول بالخارجية الأميركية قال لـ«الشرق الأوسط» إن نجاحه سيحيي العملية السياسية

مقاتل من المعارضة السورية يتفحص قذيفة سقطت شمال ريف درعا والقنيطرة أمس (رويترز)
مقاتل من المعارضة السورية يتفحص قذيفة سقطت شمال ريف درعا والقنيطرة أمس (رويترز)
TT

وقف إطلاق نار في سوريا منتصف ليل الجمعة.. أسبوعين ويتجدد

مقاتل من المعارضة السورية يتفحص قذيفة سقطت شمال ريف درعا والقنيطرة أمس (رويترز)
مقاتل من المعارضة السورية يتفحص قذيفة سقطت شمال ريف درعا والقنيطرة أمس (رويترز)

أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، أن كلا من واشنطن وموسكو اتفقتا على خطة لوقف إطلاق النار في سوريا بين أطراف الصراع السوري، وإطلاق هدنة مؤقتة بدءا من منتصف ليل الجمعة (بتوقيت دمشق) وصباح السبت الموافق 27 فبراير (شباط) الجاري، مع استثناء قصف تنظيم داعش وجبهة النصرة.
وقال كيري «يسعدني إعلان اختتام الترتيبات النهائية لوقف إطلاق النار في سوريا ودعوة جميع الأطراف إلى قبولها والامتثال لأحكامها بالكامل». وأضاف: «إذا ما تم تنفيذ الاتفاق والالتزام به، فإن هذا لن يؤدي فقط إلى انخفاض أعمال العنف، لكن الاستمرار في توصيل الإمدادات الإنسانية العاجلة إلى المناطق المحاصرة ودعم عملية التحول السياسي وإقامة حكومة تستجيب لرغبات السوريين».
وشدد وزير الخارجية الأميركي أن الاتفاق يستند على التزام دبلوماسي من كثير من الدول والجماعات، مشددا على ضرورة التزام جميع الأطراف على احترام التزاماتها وفقا للاتفاق وضمان التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 ووقف الهجمات بما في ذلك القصف الجوي.
وقال: «ندرك جميعا التحديات الهامة التي تنتظرنا خلال الأيام القادمة، وسنعمل على تأمين التزام الأطراف بشروط وقف الأعمال العدائية وتطوير طرق الرصد لتنفيذ الاتفاق وعلى جميع الأطراف الوفاء بالتزاماتها بموجب هذا الاتفاق، ووقف الهجمات ضد بعضهم البعض، بما في ذلك القصف الجوي، ويجب على الأطراف أن تظل ملتزمة على مدى فترة من الوقت لتجعل من الممكن وضع نهاية سياسية لهذا الصراع».
وأكد وزير الخارجية الأميركية استمرار بلاده في مراقبة ضمان وقف العنف وتوفير مساحة وفرصة لانتقال سياسي عن طريق التفاوض، بما يتفق مع بيان جنيف لعام 2012 يما يمكن من توحيد السوريين الذين يرفضون الديكتاتورية والإرهاب ويرغبون في بناء مستقبل جديد لبلادهم.

وأشار مسؤول بالخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، أن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وكافة الأعمال العدائية كان أحد الأهداف، للتمكن من توصيل المساعدات الإنسانية للمدنيين المحاصرين في سوريا. وأكد أن الاتفاق على هدنة مؤقتة لمدة أسبوعين من شأنه أن يؤدي – في حال نجاح التزام كافة الأطراف بالالتزام به - إلى وقف إطلاق النار بشكل كامل ورسمي، والتقدم بإيجابية في بناء الثقة بين الأطراف، واستئناف المفاوضات وعملية الانتقال السياسي في سوريا.
وأوضح مسؤول بالبيت الأبيض أنه من المقرر أن يناقش الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تفاصيل الاتفاق وضمانات تنفيذه في اتصال هاتفي في وقت لاحق الاثنين.
ويقول المحللون بأن هذه الهدنة إذا تم تنفيذها دون خروقات، قد تمهد الطريق لإجراء المزيد من المحادثات حول كيفية الاستمرار في وقف إطلاق النار واستئناف محادثات السلام التي استبعدت الأمم المتحدة إقامتها في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.

وشدد المتحدث باسم الخارجية الأميركية على التزام واشنطن بمواصلة عملية الانتقال السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254 داعيا جميع أطراف الصراع وبصفة خاصة النظام السوري لوقف الأعمال العدائية والبدء في نزع فتيل الحرب الأهلية التي تغذي تواجد «داعش» وغيره من الجماعات الإرهابية.
ووفقا لنسخة الاتفاق التي أعلنتها الخارجية الأميركية، فإن الاتفاق ينص على التزام الأطراف السورية بالموافقة على وقف كافة الأعمال العدائية في توقيت البدء بالاتفاق، وتحقيق بعض التقدم «دون عوائق» في إيصال شحنات المساعدات للأحياء المدنية الواقعة تحت حصار القوات الحكومية السورية. كما ينص على تعاون كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي على تبادل المعلومات ذات الصلة بتنفيذ الأعمال العدائية وحدودها في البيانات المتعلقة بمدى التزام الجماعات التي أعلنت التزامها بوقف الأعمال العدائية ووضع الإجراءات اللازمة لمنع الأطراف المشاركة في اتفاق وقف الأعمال العدائية من التعرض لهجوم من قبل القوات الروسية.
وينص الاتفاق - وفق النسخة الأميركية - على تعزيز وقف فعال ومستدام للأعمال العدائية، وإنشاء خط ساخن للاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة، وإذا لزم الأمر وعند الاقتضاء - تشكيل فريق عمل لتبادل المعلومات حول دخول وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ.
وفي حالة عدم الامتثال لاتفاق وقف الأعمال العدائية، ينص الاتفاق على بذل كل الجهد الممكن لتعزيز الاتصالات بين جميع الأطراف لمعاودة الامتثال ونزع فتيل التوتر واستنفاد كل الوسائل – كلما أمكن - قبل اللجوء إلى استخدام القوة.
كما ينص الاتفاق على مسؤولية الولايات المتحدة وروسيا ودول مجموعة دعم سوريا على تطوير طرق وإجراءات لضمان تنفيذ تلك المهام ودعوة جميع الأطراف السورية لدعم الوقف الفوري للعنف وسفك الدماء في سوريا. وحدد الاتفاق عدة عناصر في وقف القتال والأعمال العدائية، موضحا أنه يشمل أي جهة تشارك في العمليات العسكرية أو شبه العسكرية ضد أي أطراف بخلاف جبهة النصرة و«داعش» والمنظمات الإرهابية الأخرى التي يحددها مجلس الأمن والأمم المتحدة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».