«داعش» يختطف عدداً من أبناء الفلوجة والعشائر توقف القتال خوفاً من مجزرة إرهابية

محافظ الأنبار: على الحكومة التحرك بشكل جدي لإنقاذ السكان وإيجاد ممرات آمنة

عنصر أمن عراقي يساعد عدداً من أهالي الفلوجة الذين تركوا مدينتهم بسبب «داعش» (غيتي)
عنصر أمن عراقي يساعد عدداً من أهالي الفلوجة الذين تركوا مدينتهم بسبب «داعش» (غيتي)
TT

«داعش» يختطف عدداً من أبناء الفلوجة والعشائر توقف القتال خوفاً من مجزرة إرهابية

عنصر أمن عراقي يساعد عدداً من أهالي الفلوجة الذين تركوا مدينتهم بسبب «داعش» (غيتي)
عنصر أمن عراقي يساعد عدداً من أهالي الفلوجة الذين تركوا مدينتهم بسبب «داعش» (غيتي)

توقف أمس القتال بين عشائر الأنبار والتنظيم الإرهابي «داعش» بعد أن اعتقل التنظيم المتطرف عشرات من أبناء المدينة.
وقال ضابط برتبة مقدم في قوات الجيش لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المواجهات توقفت بين أبناء عشائر في الفلوجة ومسلحي (داعش) بسبب قيام تنظيم داعش باعتقال أكثر من 110 من أهالي المدينة».
وأضاف أن «أبناء العشائر في أحياء نزال والجولان والحي العسكري، تراجعوا في المواجهات خوفا على مصير المعتقلين».
وأكد عيسى ساير قائمقام الفلوجة (60 كلم غرب بغداد)، أن «الاشتباكات توقفت خوفا من إعدام للمعتقلين لأن (داعش) اعتقل عشرات من أبناء عشائر الفلوجة في مناطق الجولان ونزال وغيرها».
وأعرب عن قلقه بالقول «نتوقع أن يقوم (داعش) بعمليات إعدام لأهالي المدينة بحجة التعاون مع القوات الأمنية».
واندلعت اشتباكات يوم الجمعة الماضي بين أبناء عدد من عشائر المدينة في حي الجولان الواقع في شمال غربي الفلوجة وحي النزال في وسطها وحي العسكري، في شرقها.
بدوره، أكد راجع بركات عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار، «توقف المواجهات وتراجع أبناء عشائر الفلوجة في المواجهات ضد (داعش) بسبب الاعتقالات التي نفذها تنظيم داعش لعشرات من أبناء الفلوجة».
وأضاف «نحن نخاف الآن من مجزرة قد يرتكبها تنظيم داعش في المدينة».
وذكر مجيد الجريصي، أحد شيوخ عشيرة الجريصات في الفلوجة، أن التنظيم المتطرف نفذ خلال أمس وأول من أمس حملة «اعتقالات طالت العشرات أغلبهم تتراوح أعمارهم بين 15 إلى حتى 35 عاما».
من جهته ما زال القتال بين التنظيم الإرهابي «داعش» وبعض العشائر الأخرى مستمرا، إذ أكد رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «أبناء مدينة الفلوجة عبروا وبرهنوا أمام العالم أجمع بأنهم رافضون تمامًا لفكر ونهج تنظيم داعش الإجرامي وممارساته القمعية، عبر القيام بثورة شعبية كبرى، جعلت من شباب المدينة يصطفون خلف زعماء عشائرهم وحمل السلاح بوجه التنظيم الإجرامي معلنين القيام بثورة الفلوجة المسلحة ضد (داعش)».
وأضاف كرحوت «لقد تم سابقًا إعداد خطط بالاتفاق مع أبناء العشائر للقيام بعمل عسكري ضد تنظيم داعش الإرهابي من داخل قضاء الفلوجة»، وإن تلك الخطط كانت تتضمن مهاجمة «داعش» من داخل الفلوجة، على أن تقوم القوات الأمنية بإسناد أبناء العشائر من خارج المدينة، واليوم على الحكومة العراقية تقديم المساعدة لثوار الفلوجة والتدخل الفوري عبر القيام بحملة عسكرية لتحرير المدينة من قبضة «داعش» الإرهابي وتحرير أكثر من مائة مدني محاصر داخل الفلوجة.
من جانبه، أكد محافظ الأنبار صهيب الراوي قرب انطلاق عمليات تحرير مدينة الفلوجة التي يسيطر عليها تنظيم داعش، لافتًا إلى أن تأخير عملية تحرير المدينة جاءت بسبب الخشية على أرواح الآلاف من المدنيين الذين تكتظ بهم المناطق والأحياء السكنية في داخل الفلوجة.
وقال الراوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «تحرير مدينة الفلوجة وإنقاذ أرواح أكثر من مائة ألف مدني محاصر من قبل التنظيم الإرهابي داخلها أصبح أمرًا حتميًا وقريبا جدًا، خصوصًا بعد استعادة أغلب المناطق المحيطة بالمدينة والمناطق الواقعة بين مدينتي الرمادي والفلوجة».
وأضاف الراوي «قطعاتنا المسلحة وبصنوفها وتشكيلاتها كافة أصبحت على استعداد تام لتحرير المدينة، وهناك 9000 مقاتل من أبناء عشائر الأنبار مستعدون للمشاركة في عمليات تحرير الفلوجة وهيت وباقي مدن الأنبار، إضافة إلى أفواج شرطة الأنبار التي نجحت في عمليات تطهير الأراضي ومسكها بعد التحرير».
وأشار الراوي إلى أن «الملفين الأمني والإنساني هما سيدا الموقف لدى حكومة المحافظة، حيث يعمل عليهما بشكل جاد ومكثف وبصورة متوازية، فمن جهة نحن ننسق مع الحكومة المركزية والقوات الأمنية للمضي في تحرير جميع مدن المحافظة، ومن جهة أخرى يعملون على توفير ممرات وملاذات آمنة لتحرير المدنيين الذين يتخذهم تنظيم داعش الإرهابي دروعا بشرية، فيما تواصل فرق المقر المسيطر بجميع تشكيلاتها وبمشاركة الآلاف من المتطوعين من أبناء الأنبار وباقي المحافظات العراقية، رفع المخلفات الحربية ورفع الأنقاض من أي منطقة يتم تحريرها، بالتنسيق مع الحكومة المركزية، والمنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الـ(UNDP)، لتنظيم عودة عاجلة وآمنة لعموم النازحين».
وفي سياق متصل أعلن قائمقام مدينة الفلوجة سعدون عبيد الشعلان، عن نشوب اشتباكات مسلحة بين عشائر الأنبار وبين مسلحي تنظيم داعش في مناطق مختلفة من داخل مدينة الفلوجة التي تعد من أبرز معاقل التنظيم المتطرف في العراق وأول المدن العراقية التي خضعت لسيطرته منذ أكثر من سنتين، فيما أكد تمكن قبيلة الجميلة ومعها عدد من العشائر من السيطرة على شمالي وجنوبي المدينة، مشيرًا إلى أن العشائر تنتظر دخول قوات الجيش والشرطة من أجل توفير الدعم لها.
وقال الشعلان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «أبناء عشائر الجميلة والمحامدة والجريصات قاموا بشن هجوم مسلح على عناصر تنظيم داعش وتمكنوا من قتل عدد من عناصر مجموعة الحسبة التابعة للتنظيم الإرهابي والتي تقوم بدوريات راجلة عند أسواق المدينة والمحال التجارية من أجل فرض الرقابة على الناس وتطبيق الشروط الصارمة التي يفرضها التنظيم الإرهابي على أهالي المدينة».
وأضاف الشعلان أن «الاشتباكات جاءت إثر الجرائم المتكررة التي يقترفها التنظيم الإرهابي بحق المدنيين المحاصرين داخل الفلوجة والتي كان آخرها الاعتداء على إحدى نساء المدينة من قبل عناصر التنظيم في إحدى الأسواق الشعبية في منطقة الجولان وسط المدينة، الأمر الذي أثار حفيظة الرجال حيث بدأت الاشتباكات بالأيدي والسلاح الأبيض لكنها تطورت إلى اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، حيث ساندت عشائر المحامدة والحلابسة عشيرة الجريصات في مواجهة مسلحي التنظيم، وتطورت بعد ذلك إلى ثورة مسلحة ضد وجود (داعش) امتدت إلى مناطق حي نزال والحي العسكري على الجانب الشرقي في الفلوجة».
وسبق أن لعبت العشائر في محافظة الأنبار دورا رئيسيا في طرد تنظيم القاعدة بمساندة القوات الأميركية عبر تشكيلات قوات الصحوة في عام 2007 فيما تشارك قوات من مقاتلي عشائر الأنبار مع القوات الأمنية العراقية في العمليات العسكرية لتحرير مدن الأنبار وتمكنت من تحرير مدينة الرمادي بالكامل من سيطرة تنظيم داعش فيما تستمر معارك التحرير في مناطق مختلفة من الأنبار.
ميدانيًا، أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، عن إحباط هجوم لتنظيم داعش استهدف ناحية العامرية جنوب مدينة الفلوجة من خلال أربع عجلات يقودها انتحاريون، وأشار إلى مقتل والي الأنبار لدى «داعش» في ضربة جوية.
وقال المحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الفوج الثاني من اللواء الثامن للجيش العراقي وبمساندة قوات الشرطة ومقاتلي العشائر في ناحية العامرية تمكنوا من إحباط هجوم مسلح لتنظيم داعش استهدف الناحية تتقدمه أربع عجلات مفخخة يقودها انتحاريون، حيث تم تفجير العجلات الأربع ومقتل جميع المهاجمين، من خلال معالجتها بواسطة منظومة الصواريخ الروسية الكورنت».
وأضاف المحلاوي «قواتنا الأمنية مستمرة في تقدمها لتحرير المناطق المحيطة بمدينة الفلوجة بعدما استكملت القطاعات المسلحة عمليات تحرير مناطق شرقي الرمادي بالكامل، ونحن على استعداد تام لدخول مدينة الفلوجة وتحريرها من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي».
وأشار المحلاوي إلى أن «طائرات سلاح الجو العراقي تمكنت ومن خلال ضربة جوية دقيقة من قتل ما يسمى بوالي الأنبار الجديد لدى تنظيم داعش المدعو وهيب البو عابر ومساعده محمد طليب، وأكثر من 20 عنصرًا من عناصر التنظيم».
وفي مدينة حديثة غربي الأنبار أكد قائمقام قضاء حديثة عبد الحكيم الجغيفي، أن المدينة أصبحت مؤمنة بالكامل من هجمات مسلحي تنظيم داعش فيما بدأت العائلات النازحة بالعودة إليها، مؤكدا أن حديثة والبغدادي أصبحتا مؤمنتين بالكامل.
وقال الجغيفي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مدينة حديثة تشهد خلال هذه الأيام إقبالاً شديدًا في عودة العائلات التي نزحت من المدينة بسبب التهديدات والهجمات المسلحة التي كان يشنها تنظيم داعش من أجل السيطرة على مدينة حديثة، فبعد الاستقرار الأمني وتحرير مناطق أطراف المدينة وخصوصًا منطقة البو حياة التي فتحت الطريق البري بين مدينة حديثة وناحية البغدادي وصولاً إلى مطار وقاعدة عين الأسد، مما سهل عودة الأهالي إلى مدينتي حديثة والبغدادي اللتين تشهدان الآن استقرارا أمنيا».
وأضاف الجغيفي «إننا ننتظر بفارغ الصبر تحرير مدينة هيت من أجل فتح الطريق البري من بغداد إلى الرمادي، ثم إلى هيت وحديثة، وإن قضاء هيت محاصر الآن بالكامل من قبل القوات الأمنية التي تبحث عن منافذ لاقتحام المدينة وتطهيرها من سيطرة عصابات (داعش) الإرهابية وتحرير المدنيين الأبرياء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.