«الهيئة السورية العليا للمفاوضات» توافق مبدئيا على هدنة {مشروطة}

لا تفاهم بين كيري ولافروف على آليات وقف العمليات القتالية في الشمال

وزيرا الخارجية الروسي والاميركي في مؤتمر ميونخ عقد الشهر الحالي (إ.ب.أ)
وزيرا الخارجية الروسي والاميركي في مؤتمر ميونخ عقد الشهر الحالي (إ.ب.أ)
TT

«الهيئة السورية العليا للمفاوضات» توافق مبدئيا على هدنة {مشروطة}

وزيرا الخارجية الروسي والاميركي في مؤتمر ميونخ عقد الشهر الحالي (إ.ب.أ)
وزيرا الخارجية الروسي والاميركي في مؤتمر ميونخ عقد الشهر الحالي (إ.ب.أ)

أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، أمس، أنهما لم يتوصلا إلى آليات لوقف العمليات القتالية في سوريا، لكن في المقابل، حسب المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي، فإن كيري الذي تحدث هاتفيا مع نظيره الروسي اتفقا على مواصلة «التزامهما» بمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب المستعرة في سوريا منذ مارس (آذار) 2011.
الوزيران الأميركي والروسي ناقشا، خلال المكالمة، التقدم الذي يحرزه المفاوضون الميدانيون في جنيف نحو تطوير طرق وآليات لوقف العمليات القتالية. وحول هذه النقطة ذكر كيربي أنه لم يتحقق الاتفاق على هذه الآليات حتى الآن. وتابع المتحدث الأميركي أن كيري أعرب مع ذلك عن أمله في إمكانية تحقيق وقف تام للأعمال القتالية في أقصر وقت ممكن. وأضاف كيربي في البيان أن كيري أبلغ لافروف بأن واشنطن تشعر بقلق بالغ تجاه استمرار القصف الروسي لأهداف مدنية.
من جهتها تتخذ الهيئة السورية العليا للمفاوضات قرارها غدا الاثنين بالموافقة على هدنة مؤقتة بشرط توفر ضمانات بأن يوقف نظام دمشق وحلفاؤه بمن فيهم روسيا إطلاق النار، إضافة إلى رفع الحصار والسماح بدخول المساعدات إلى كل أنحاء سوريا، وإبلاغه للمبعوث الدولي للأزمة السورية ستيفان دي ميستورا، لإبلاغه بدوره إلى المعنيين، مشترطة وجود وساطة دولية وضمانات أممية، وفك الحصار وإطلاق سراح المعتقلين.
الهيئة العليا للمفاوضات أعلنت أمس، أن منسق الهيئة عقد اجتماعًا مع ممثلي الفصائل المعارضة في كل الجبهات لمناقشة إمكانية التوصل إلى «اتفاق مؤقت» يمكن من خلاله حمل القوى الحليفة للنظام على «وقف الأعمال العدائية التي تشنها ضد الشعب السوري». وقال بيان صادر عن الهيئة العليا للمفاوضات بأن الفصائل «أبدت موافقة مبدئية على إمكانية التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقتة على أن يتم ذلك وفق وساطة دولية وتوفير ضمانات أممية بحمل روسيا وإيران والميليشيات الطائفية.. على وقف القتال».
وأضاف بيان الهيئة، التي تضم الكثير من الجماعات المسلحة والفصائل السياسية السورية في المنفى: «لا يمكن إبرام اتفاق من هذا النوع مع النظام الذي يرتكز على الدعم الجوي الروسي والتقدم البري للمجموعات الإرهابية التابعة لإيران دون أن تكون له أي قوة حقيقية أو سلطة على الأرض».
وأشارت الهيئة، إلى أن «مصادر داخل فصائل المعارضة، أكدت أنه لن يتم تنفيذ الهدنة إلا في حال وقف القتال بصورة متزامنة بين مختلف الأطراف، وفك الحصار عن مختلف المناطق السورية وإدخال المساعدات وإطلاق سراح المعتقلين.. وفق الالتزام بذلك في اجتماع ميونيخ».
ومن ناحية ثانية، أوضح نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري هشام مروة لـ«الشرق الأوسط» أن الهيئة العليا للمفاوضات، تتخذ القرار بالموافقة على الهدنة، غدا الاثنين خلال اجتماع رسمي، وتبلغه للمبعوث الدولي بغرض إبلاغه للجهات المعنية للعمل على تنفيذه. وقال: «من الناحية الإجرائية، ستدخل الهدنة حيز التنفيذ بعد موافقة النظام عليها»، لافتًا إلى أن الأطراف المعنية بالهدنة «تبلغ المبعوث الدولي الذي يبلغ المجموعة الدولية».
وأكد مروة أن النظام «لا خيار آخر أمامه غير الموافقة على الهدنة، على الأقل من الناحية الشكلية، وذلك بعد الرسالة التي تسلمها من (مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي) تشوركين أول من أمس»، مضيفًا: «لكن من الناحية العملية، فإن شكوكًا كثيرة تنتابنا من أن النظام سيلتزم، بالنظر إلى أننا اختبرنا عدم مصداقيته في التعامل مع قضايا مشابهة». وشدد على أن شرط وقف إطلاق النار «يشمل الغارات الروسية أيضا، وقصف قوات النظام، وسائر أعمال إطلاق النار».
هذا، وكانت قد فشلت عدة محاولات للاتفاق على هدنة في الشهور الأخيرة. وتتقاسم روسيا والولايات المتحدة رئاسة أحدث جولات المحادثات في مقر الأمم المتحدة بجنيف. لكن لا يبدو مرجحا أن يتوقف القصف الروسي على الفور. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: «روسيا متمسكة بسياستها الثابتة التي تقوم على تقديم المساعدة للقوات المسلحة السورية في عملياتها الهجومية ضد الإرهابيين وضد المجموعات الإرهابية». وتصنف روسيا معظم مجموعات المعارضة السورية على أنها «إرهابية».
كذلك قال مصدر مقرب من محادثات السلام لوكالة «رويترز» أمس، بأن المعارضة السورية «وافقت على هدنة تستمر ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع». وأضاف المصدر أن هذه الهدنة ستكون قابلة للتجديد وتدعمها كل الأطراف باستثناء تنظيم داعش كما ستكون مشروطة «بالتوقف عن استهداف جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، على الأقل كبداية»، بحسب «رويترز»، علما بأن مجلس الأمن الدولي يصنف «جبهة النصرة» منظمة إرهابية. وعندما سئل إن كان إصرار المعارضة على عدم استهداف «النصرة» هو العقبة الأساسية أمام التوصل لاتفاق، قال المصدر بأن هذا الشرط «مشكلة كبيرة»، مشيرًا إلى أنه «يتعيّن التعامل مع الوضع بحرص شديد خشية اندلاع حرب أهلية في إدلب»، وهي المنطقة التي تسيطر «النصرة» على أجزاء واسعة منها.
بدوره، أوضح مروة أن هذا الشرط «يمكن أن يكون بهدف منع اتخاذ النصرة ذريعة لخرق الهدنة وقصف المدنيين والقوات السورية المعارضة المعتدلة»، مشيرًا إلى أن النصرة «تتواجد في مناطق متداخلة مع مناطق سيطرة قوات المعارضة المعتدلة، وبالتالي سيكون قصف المدنيين والقوات المعتدلة بذريعة وجود النصرة». وتساءل: «أين الآن الإرهابيون الذين تقصفهم الطائرات الروسية في مدينة حلب وريفها الشمالي؟».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.