800 وثيقة تؤرخ لتشكيل العاصمة العراقية في القرن الماضي

كتاب لباحثة فرنسية يرصد تشييد بغداد الحديثة

بطاقة بريدية من بغداد قبل نصف قرن و غلاف الكتاب و دار الجادرجي في شارع طه و الباحثة الفرنسية سيسيليا بييري و بيت في العيواضية
بطاقة بريدية من بغداد قبل نصف قرن و غلاف الكتاب و دار الجادرجي في شارع طه و الباحثة الفرنسية سيسيليا بييري و بيت في العيواضية
TT

800 وثيقة تؤرخ لتشكيل العاصمة العراقية في القرن الماضي

بطاقة بريدية من بغداد قبل نصف قرن و غلاف الكتاب و دار الجادرجي في شارع طه و الباحثة الفرنسية سيسيليا بييري و بيت في العيواضية
بطاقة بريدية من بغداد قبل نصف قرن و غلاف الكتاب و دار الجادرجي في شارع طه و الباحثة الفرنسية سيسيليا بييري و بيت في العيواضية

في ندوة أقيمت في باريس، قبل أيام، بعنوان «بغداد منذ القرن العشرين.. أي حداثة؟»، قدمت الباحثة الفرنسية سيسيليا بييري كتابها الجديد الصادر عن معهد الشرق الأوسط في بيروت، وفيه تسترجع مراحل بناء العاصمة العراقية كمدينة حديثة بين 1914 و1960.
ويكتسب الكتاب، الذي جاء في 440 صفحة من القطع الكبير، قيمة استثنائية لأنه معزز بأكثر من 800 وثيقة ما بين صورة وخارطة ورسم، منها ما هو غير منشور وبينها الكثير مما سجلته عدسة الباحثة في أحياء المدينة القديمة خلال 20 زيارة قامت بها إلى بغداد خلال السنوات الماضية. كما شاركت في الندوة الدكتورة زهراء علي، وهي باحثة درست في جامعة تشيستر البريطانية وتخصصت في الحركة النسائية في العراق.
في زيارتها الأولى التي قامت بها بعد سقوط النظام السابق، اهتمت سيسيليا بييري بالحركة التشكيلية النشطة والمتميزة في البلد. وهي قد سعت لإقامة أول معرض في باريس للفنانين العراقيين بعد الاحتلال. وكان المعرض صغيرًا لكنه كبير الدلالة، ونال تغطية إعلامية واسعة نظرًا لأنه جاء في مرحلة حرجة بعد الغزو الأميركي مباشرة. كما استأثرت أحياء بغداد القديمة والعريقة باهتمام الباحثة التي راحت تنقب في كتب التاريخ وفي الأرشيفات المحلية والعالمية بحثًا عن سير المهندسين وخرائط المشروعات الكبرى التي جرى تشييدها في العاصمة العراقية منذ 1914 وحتى مطلع الستينات من القرن الماضي. ولم يكن من السهل على امرأة أجنبية أن تتجول في شوارع المدينة وتلتقط الصور، في فترة خطرة على الصعيد الأمني. وكان الباحث الفرنسي ماري جان لويزار، المتخصص في الشؤون العراقية، قد أعلن أن بلد ألف ليلة وليلة لم يعد موجودًا. لكن سيسيليا تؤكد أنها رأت الكثير مما يستحق الدراسة ويثير العجب.
وجدت الباحثة الفرنسية مدينة مسطحة توازي باريس في مساحتها، وهي ثاني أكبر مدينة عربية بعد القاهرة، وما زالت تحتفظ بمبان من العصر العباسي. وإلى جانب السراي العثماني المعروف بـ«القشلة»، وعدد من المباني والبيوت التراثية العائدة لأوائل القرن الماضي، قامت في منتصف القرن العشرين منازل ومدن سكنية وبنايات في منتهى الحداثة. واعتبارًا من عام 1919، أي مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، بدأت بغداد تتمدد وصارت هناك مناطق عسكرية وأخرى مدنية. وهو تقسيم لجأ إليه البريطانيون عندما احتاجوا للعراق طريقًا إلى مستعمراتهم في الهند. لكن الباحثة لاحظت أن مهارة البنائين «الأسطوات» المحليين كانت قد سبقت خبرة المهندسين الإنجليز، وتجلى ذلك بالخطوط العربية البارزة على الجدران والواجهات.
وقد استهوى هذا التمازج سيسيليا بييري فقررت أن تخصص أطروحتها للدكتوراه عن مراحل تشييد بغداد الحديثة. ولجمع المعلومات قامت بإجراء مقابلات مع المعماريين العراقيين وجمعت كل ما يتوافر من بطاقات بريدية وصور سياحية، ثم تفرغت للقراءة عن تاريخ المدينة القديم والتقلبات السياسية التي مرت بها. كما طالعت الكتب المتوافرة بالفرنسية والإنجليزية عن الاحتلالات الأجنبية للمدن العربية، سواء أكانت بريطانية أو إيطالية أو فرنسية، والأثر الذي خلفته على معمار تلك المدن. وكم كانت سعادتها كبيرة عندما عثرت في مكتبة سيدني جونز وفي أرشيف جامعة ليفربول على صور وخرائط للمهندس أحمد مختار إبراهيم، أول معماري عراقي درس في أوروبا ونال شهادته في الهندسة صيف 1939.
رحلة بعد رحلة كانت الباحثة تلتقط الصور وتسجل تواريخ المباني وتبحث في سجلات الدوائر والأرشيفات الخاصة عن الخرائط الأصلية لأشهر معالم بغداد. وقد انصب اهتمامها على ما رافق التطور العمراني من نهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية. وهي قد لاحظت أن للتوجهات السياسية والدينية أثرها على تتابع الشكل الخارجي للمدينة وتبدلاتها عبر العقود. وكان السؤال الذي يوجه دراستها هو تطوير المنزل من بيت تقليدي للعائلة، ذي حوش داخلي ولا يمكن للغريب أن يخترق أسواره ما لم يكن معروفًا لأهل الدار، إلى البيوت ذات الأسيجة الواطئة المشبكة والحدائق المفتوحة على الشارع. وكان أطلس بغداد الذي أنجزه الدكتور أحمد سوسة عام 1957 عونًا ومرشدًا لها.
رأت سيسيليا بييري صورًا كثيرة تعود لأربعينات القرن الماضي للصرائف، أي الأكواخ المصنوعة من الجريد وسعف النخيل كمساكن للفقراء والفلاحين النازحين من الريف. وقد أدهشها أن ترى في بغداد، في زيارة لها عام 2009، صرائف مشابهة قائمة في بعض الأحياء وبين المنازل الحديثة. ولأنها كانت مهتمة بدراسة النهضة الاجتماعية ككل والتي ترافقت مع التطور العمراني، فقد توقفت عند الطفرة النفطية المحدودة التي حدثت عام 1950 وما جاءت به من رفاهية نسبية، حيث صارت الحداثة مصدرًا للاعتزاز الوطني، وظهرت فرق موسيقية ومسرحية جديدة وتجمعات فنية تشكيلية، وتعزز حضور المرأة في الجامعة والنشاط الثقافي. كما تتبعث خرائط وتفاصيل أبرز صروح الفترة التي شملتها دراستها، مثل المحطة العالمية للسكك الحديد وبناية المتحف العراقي في صوب الكرخ والمنازل السكنية التي أوكل أصحابها مهمة تصميمها لمعماريين متخصصين وليس لبنائين من الأسطوات حسبما كان سائدًا. ومنها بيت السياسي كامل الجادرجي في شارع طه، وعدد من بنايات الدوائر الحكومية. لكن تلك البيوت والشوارع التي تحتفظ بنكهة التاريخ فقدت في السنوات الأخيرة الكثير من رونقها بسبب الإهمال ونقص الصيانة أو زحف المنازل والقصور الفخمة ذات العمران المفتقد للذوق والتي يتسابق في تشييدها أثرياء جدد.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.