تواصلت حدّة الانتقادات في لبنان مع استمرار قناة الميادين الداعمة للتوجهات الإيرانية وميليشيا "حزب الله"، بعرض وثائقي "الاجتياح..غزو لبنان 1982" والمغالطات التي تضمنها هذا البرنامج ومحاولته حصر المقاومة في الميليشيا الممولة إيرانيًا.
فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، العديد من الاصوات المستنكرة، بعد بث القناة للبرنامج، عن تاريخ المقاومة وتصديها للاجتياح الاسرائيلي للعاصمة بيروت عام 1982، متحدثة عن انجازات ما سمته "المقاومة الإسلامية" حزب الله، في تحرير الاراضي اللبنانية. الأمر الذي أثار استهجان فئة كبيرة من اللبنانيين، خصوصًا اليساريين الذين اتهموا القناة ومن أعد البرنامج، بتزوير تاريخ المقاومة الوطنية التي ظهرت بوادرها في عام 1941 قبل قيام اسرائيل، وشهدت صعودًا في عام 1948 مع الحرس الشعبي وحركة الانصار عام 1969، يدلّ على ذلك، مواجهة أهالي القرى الجنوبية الحدودية للكيان الاسرائيلي.
وعلّق كثيرون بقولهم إنّ هذا البرنامج لا يسيء فقط لتاريخ المقاومة الوطنية بل هو محاولة لاختلاس التاريخ وطمس لحقائق، واحتكار المقاومة بحزب ذي لون ومذهب واحد. والحقيقة التاريخية تؤكد، خصوصا أنّ الزمن ليس بالبعيد، أنّ طلائع "حزب الله" بدأت بالظهور والعمل الفعلي في عام 1985، وقبل هذا التاريخ كانت المقاومة مقاومة شعب بكامله، ولا يمكن لأي حزب أو مذهب سرقة انتصاراتها.
وقد أصدر الحزب الشيوعي اللبناني بيانًا، تمنى فيه أن تعود القناة عن خطئها وتصحّح المعلومات التاريخية المتعلقة بالمقاومة. متحدثًا عن حرص الحزب حتى قبل الغزو الاسرائيلي لبيروت، أن تكون صورة المقاومة، وطنية بعيدة عن أي عمل فئوي من الاسم حتى المضمون.
وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال خالد حدادة الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني، "نحن حقيقة وصراحة لا نعتبر الحزب حُجِّم أو ألغي بقرار من حزب الله فقط، أو بسبب الايديولوجيا، نحن نعتبر أنّ هناك نمطًا من مقاومة الاحتلال الاسرائيلي هو النمط الوطني وهذا النمط جرت محاولة محاصرته منذ سنة 1984، وليس بعد ذلك فقط، بهدف إحلال انماط أخرى من المقاومة لها طابع ديني ومذهبي". وتابع، "بدأ هذا النمط بالحملة الإعلامية الغربية التي كانت دومًا تعيد المقاومة إلى الطائفة الشيعية". كما اعتبر "أنّ الهدف كان دوما تحويل الصراع من صراع ذي طابع عروبي تقدمي وطني ديمقراطي يربط المواجهة مع اسرائيل بالتغيير في الداخل العربي وفي الداخل اللبناني بشكل خاص، إلى صراعات ذات طابع مذهبي تُؤسس لمرحلة لاحقة كان يُحضّر لها، هي المرحلة الحالية مرحلة المواجهات المذهبية".
وحسب حدادة، فتاريخ المقاومة في لبنان أكبر من أي حزب وأي مرحلة بما فيها الحزب الشيوعي. وتحدّث عن سعي الحزب الدائم، إلى أن تكون المقاومة ذات وجه وطني متنوع ومتفاعل، مقرًّا بفشل هذا السعي.
وبالعودة إلى ما بثته "الميادين"، أشار إلى أنّ القوى الوطنية المختلفة المشارب كانت دائمًا تحمل همّ مقاومة العدو الاسرائيلي. واستطرد قائلًا إنّ "اهمال حقيقة التاريخ لا يضر فقط بالحزب الشيوعي، بل يضرب الطابع الوطني للمقاومة، وهذا يلغي عمليًا أن تصبح المقاومة مقاومة شعب بأكمله وتتحوّل لمقاومة منطقة أو مذهب، وهذا يضر بالمقاومة ولا ينفعها، في حال كُتب التاريخ محصورًا بهذه الطريقة".
وعن موقف الحزب من "حزب الله، قال "نحن اعتمدنا موقفًا مستقلًا عن الاستقطابات الموجودة في البلد..وقبل اعتداء 2006 كنّا نبدو أقرب إلى قوى 14 آذار، نحن لسنا جزءًا من فريق، إنّما القضية التي تكون مطروحة تجعلنا نبدو وكأنّنا أقرب إلى هذا الطرف من ذاك".
وردًا على سؤال، إن كانت القناة قد ارتكبت هفوة إعلامية أم هفوة مقصودة، أجاب" تكرار هذا الموضوع، وبكل وضوح في مسلسلات تلفزيونية وفي أفلام سينمائية والآن في برامج وثائقية، يجعلني أميل للقول إنّه ليس هفوة".
وعن تحميل المسؤولية لأي طرف حزبي في لبنان، قال "أتمنى تصحيح هذه الهفوة، إذا كانوا يعتبرونها هفوة".
الحزب الشيوعي اللبناني يتّهم قناة الميادين بتزوير تاريخ المقاومة الوطنية
بعد حصر المحطة للمفهوم في «حزب الله»
الحزب الشيوعي اللبناني يتّهم قناة الميادين بتزوير تاريخ المقاومة الوطنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة