ناقش الرئيس الأميركي باراك أوباما مع قادة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) العشر أمس، المخاوف الأمنية الدولية التي تشمل جهود مكافحة تنظيم داعش الإرهابي بالإضافة إلى الخلاف في بحر الصين الجنوبي، على أمل تشكيل توازن مقابل النفوذ الصيني في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وعقدت هذه القمة غير المسبوقة بعيدا عن واشنطن، في منتجع «سانيلاندز» في رانشو ميراج على بعد 160 كيلومتر شرق لوس أنجليس في كاليفورنيا، حيث عقد أوباما قمة غير رسمية قبل ثلاث سنوات مع نظيره الصيني شي جين بينغ. وترى الإدارة الأميركية في القمة سبيلا لإبراز متانة الروابط مع «آسيان» قبل انتهاء ولاية أوباما في يناير (كانون الثاني) 2017. وستعزز زيارتان مقررتان لأوباما إلى فيتنام ولاوس هذا العام هذه الرسالة.
وكشف البيت الأبيض لدى إعلانه عن انعقاد القمة أن الاجتماع «سيوفر للرؤساء منتدى لتعزيز التعاون»، وفقًا للشراكة الاستراتيجية الجديدة بين «أميركا - الآسيان» بشأن القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية.
ويشمل جدول أعمال المباحثات أيضًا التغير المناخي والتغلب على الأمراض المستوطنة والحكم الرشيد وأهمية الإصلاحات الديمقراطية.
ولم تكن دول آسيان على رأس أولويات السياسة الأميركية، نظرًا لصغرها وعدم انسجام دولها مما يجعل من الصعب أن تكون لاعبا فعالا. إلا أن أوباما، الذي أمضى بعض سنوات طفولته في إندونيسيا، جعل من هذه الدول نقطة ارتكاز لسياسة «محور آسيا» التي انتهجها منذ وصوله إلى السلطة في عام 2009.
وقال بين رودس، مستشار السياسة الخارجية لأوباما إن «دول آسيان العشر تشكل معا الاقتصاد السابع في العالم. وهي في صلب مجموعة من القضايا الأمنية الأساسية مثل الأمن البحري ومكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة الإلكترونية».
ومع أن المسؤولين الأميركيين يؤكدون أن الأمر لا يتعلق أبدا بقمة «معادية للصين» إلا أن العملاق الآسيوي سيكون حاضرًا في قلب المحادثات. وعلق آرنست باور من معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية لوكالة الصحافة الفرنسية أن «أوباما يحاول إيجاد سياق استراتيجي يفرض على الصين احترام القوانين». ويواجه عدد كبير من دول «آسيان» خلافات حدودية مع بكين في بحر الصين الجنوبي المعبر الاستراتيجي للتجارة العالمية والغني بالثروات السمكية والنفطية.
وتقوم الصين بردم جزر اصطناعية لتشيد عليها مرافئ ومنصات هبوط وبنى تحتية مختلفة. وأدى ذلك إلى توتر متزايد مع الدول المجاورة مثل فيتنام وتايوان والفلبين وماليزيا وبروناي.
ورسميًا تلزم واشنطن موقفًا محايدًا حول مسائل السيادة، إلا أنها تندد بـ«تسليح» الصين للمنطقة وتدعم بشكل صريح دول جنوب شرقي آسيا.
وقال دبلوماسيون لوكالة الصحافة الفرنسية إن «أحد أهداف القمة هو تبني موقف موحد إزاء هذه المسألة الحساسة». ومن المفترض أن تصدر محكمة التحكيم الدائمة من مقرها في لاهاي حكمها في الأشهر المقبلة حول شرعية المطالب الصينية.
ومن شأن الموافقة الجماعية للولايات المتحدة ودول الآسيان على قرار المحكمة أن يشدد الضغوط على الصين التي رفضت مسبقا الاعتراف بصحة التحكيم. وأوضح باور أن هذه الدول «تأمل أن تخشى الصين أن تصبح في عزلة متزايدة حول المسالة وأن تبدل موقفها حتى لا يتم تصنيفها دولة مارقة لا تحترم القانون الدولي». وبعيدًا عن الأضواء، تتكثف المحادثات، إذ تحاول الصين جاهدة التودد إلى الدول التي ليست طرفا في النزاعات على الأراضي والمياه وفي مقدمها كمبوديا ولاوس لدفعها على تبني موقف غير حازم.
ويشير مسؤولون بهذا الصدد إلى استعداد الصين للتحدث إلى اليابان حول الخلافات في بحر الصين الشرقي سعيا لتخفيف الضغوط عليها.
ويدرك البيت الأبيض أن هذه القمة هي بشكل أساسي رمزية وأن أبرز ما يمكن أن يصدر عنها هو بيان مشترك. واختصر رودس بالقول: «نريد توجيه رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة ستكون على طاولة المحادثات وستحاول تحديد أطر للخلافات في آسيا للعقود المقبلة».
الأمن والتجارة يتصدران قمة «آسيان» في الولايات المتحدة
يوفر تعزيز التعاون بين رؤساء دول جنوب شرقي آسيا
الأمن والتجارة يتصدران قمة «آسيان» في الولايات المتحدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة