القوات الأمنية العراقية تتجه لتحرير مدن الفلوجة وهيت وكبيسة من «داعش»

التنظيم الإرهابي فقد أكثر من 45 % من الأراضي العراقية

مقاتلون موالون للتيار الصدري الشيعي يسيطرون على إحدى ضواحي مدينة سامراء بعد انتزاعها من تنظيم داعش (رويترز)
مقاتلون موالون للتيار الصدري الشيعي يسيطرون على إحدى ضواحي مدينة سامراء بعد انتزاعها من تنظيم داعش (رويترز)
TT

القوات الأمنية العراقية تتجه لتحرير مدن الفلوجة وهيت وكبيسة من «داعش»

مقاتلون موالون للتيار الصدري الشيعي يسيطرون على إحدى ضواحي مدينة سامراء بعد انتزاعها من تنظيم داعش (رويترز)
مقاتلون موالون للتيار الصدري الشيعي يسيطرون على إحدى ضواحي مدينة سامراء بعد انتزاعها من تنظيم داعش (رويترز)

أعلن رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي النائب حاكم الزاملي أمس، بأن القوات الأمنية العراقية ستتجه إلى تحرير مدن الفلوجة وهيت وكبيسة، فور استكمالها تحرير مناطق شرقي الرمادي من سيطرة تنظيم داعش.
وقال الزاملي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية بجميع صنوفها ستتجه فورًا إلى شرق الرمادي لتحرير مدينة الفلوجة، كما ستتجه قوات أخرى إلى الغرب من مدينة الرمادي لتحرير مدينتي هيت وكبيسة وبنفس التوقيت معًا، وسترافق تلك القوات أفواج من شرطة الأنبار من أجل عمليات مسك الأرض بعد التحرير وتمشيط المناطق السكنية».
كما أشار الزاملي، الذي يقوم بجولة ميدانية تفقدية للقطعات العسكرية في مناطق شرق الرمادي، إلى أن «قوات شرطة محافظة الأنبار تقوم بمهامها على أكمل وجه، وإن قيادة شرطة الأنبار أصبحت أقوى مما كانت عليه سابقا وعالجت الأخطاء ومكامن الخلل من سوء الإدارة والتدريب التي كانت متجذرة فيها، وهذا ما أعطى دافعًا كبيرًا في سرعة تحرير مناطق مدينة الرمادي وأطرافها الغربية والشرقية، بينما فرضت قواتنا الأمنية طوقًا عند محاور أخرى قرب مدينتي هيت وكبيسة وعند القطاع الشمالي لمدينة هيت، الذي يعتبر الموقع الاستراتيجي الأبرز والأخطر لتنظيم داعش الإرهابي في غرب الأنبار استعدادًا لتحرير المدينتين والقطاع من سيطرة التنظيم الإرهابي».
وأشار الزاملي إلى أن «تنظيم داعش في العراق أصبحت نهايته قريبة، خصوصًا بعد أن فقد أكثر من 45 في المائة من الأراضي العراقية التي كانت تحت سيطرته منذ دخول مسلحيه إلى العراق كما فقد الكثير من عناصره خلال معارك تحرير مناطق ديالى وصلاح الدين والأنبار وهروب كثير من قياداته إلى الأراضي السورية، فيما تستعد قواتنا الآن لتحرير آخر المدن الكبيرة الخاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي (الموصل)، حيث تم وضع الخطط الكفيلة بالقضاء على التنظيم الإرهابي وتحريرها من (داعش)».
وتواصل القوات الأمنية العراقية المشتركة مساعيها لتحرير المدن والمناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش منذ دخول مسلحيه إلى المدن العراقية أوائل عام 2014، فمنذ سيطرة التنظيم المتطرف على مدن الموصل وصلاح الدين وأجزاء واسعة من محافظات ديالى والأنبار وكركوك، شرعت القوات الأمنية العراقية والقوات الساندة لها على شن عمليات عسكرية كبرى لتحرير الأراضي الواقعة تحت سيطرة «داعش».
وأفضت المعارك إلى تحرير ما يقارب 45 في المائة من المساحات التي سيطر عليها التنظيم المتطرف، كانت آخرها معركة تحرير مدينة الرمادي، في الوقت الذي لا يزال مسلحو التنظيم يسيطرون على مدينة الموصل بالكامل وعدد كبير من الأقضية في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار منها الشرقاط والقيارة وتلعفر وربيعة والبعاج والقائم والرطبة وهيت والفلوجة وأجزاء من قضاء الكرمة القريب جدًا من العاصمة بغداد، وبعد الهزائم المتكررة للتنظيم على أيد القوات العراقية أصبح التفكير في تحرير مدينة الموصل وباقي مدن الأنبار الشغل الشاغل للحكومة العراقية والقيادات العسكرية.
وقال آمر الفوج الأول في لواء الكرمة التابع لقوات العشائر في محافظة الأنبار، العقيد محمود مرضي الجميلي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القطعات المسلحة التابعة لقوات الجيش العراقي وشرطة الأنبار ومقاتلي العشائر، انطلقت في شن هجوم واسع النطاق عبر عملية عسكرية تستهدف تحرير مناطق مركز قضاء الكرمة (19 كلم شرق الفلوجة) مما أسفر عن مقتل 61 عنصرًا من تنظيم داعش وتدمير أربع عجلات مفخخة خلال العملية».
وأضاف الجميلي أن «الهجوم بدأ بدخول قواتنا لمناطق الكبيشات والصبيحات والبو جاسم وكرطان في مركز كرمة الفلوجة مع تقدم كبير للقوات في معارك تحرير تلك المناطق وانهيار واضح في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، حيث تمكنت قطعات الفرقة الأولى تدخل سريع وقطعات الفرقة السادسة وبإشراف من قبل قائد عمليات بغداد وبإسناد من قبل قوات العشائر من تحرير منطقتي الصبيحات والكبيشات»، وتابع: «حيث كان الهدف من العملية هو تأمين المناطق المحيطة بمركز قضاء الكرمة، وإنها ستستمر لحين تحرير مركز القضاء بالكامل خلال الساعات القليلة المقبلة بالكامل، خصوصًا وأن عمليات التحرير تسير بدعم من طيران التحالف مع ضمان إخلاء المئات من المدنيين بينهم نساء وأطفال وكبار في السن، الذين يتخذهم التنظيم الإرهابي دروعًا بشرية».
يذكر أن أغلب مدن محافظة الأنبار تمت السيطرة عليها من قبل عناصر تنظيم داعش، فيما بدأت القوات الأمنية معارك تطهير واسعة استعادت من خلالها مناطق كثيرة من الرمادي بعد معارك عنيفة مع تحرير مناطق أخرى في محيط الفلوجة، مما أسفر عن مقتل العشرات من مسلحي التنظيم المتطرف.
وفي سياق متصل، أعلن مجلس قضاء الخالدية بمحافظة الأنبار، عن مقتل القائد العسكري لتنظيم داعش في معارك جزيرة الخالدية مع عشرة من معاونيه خلال ضربة جوية من قبل طائرات التحالف الدولي على أحد مقار التنظيم هناك.
وقال رئيس مجلس قضاء الخالدي علي داود في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تأكد لنا مقتل القائد العسكري لتنظيم داعش في جزيرة الخالدية، أثناء ضربة جوية من قبل طائرات التحالف الدولي استهدفت مقرًا لاجتماع ضم قادة في تنظيم داعش عند منطقة جزيرة الخالدية، وأسفرت عن مقتل القائد العسكري للتنظيم في جزيرة الخالدية وعشرة من معاونيه». وأضاف داود أن «القوات الأمنية العراقية وبالتنسيق مع قيادة التحالف الدولي تعمل على استهداف قادة التنظيم الإرهابي من أجل زعزعة صفوف مسلحيه، وكذلك قصف معاقل وتجمعات التنظيم في مناطق جزيرة الخالدية، شرق الرمادي وقطع خطوط تمويلهم من المناطق الصحراوية وعزلهم بشكل كامل، وأسفرت الضربة الجوية التي قضت على القائد العسكري للتنظيم الإرهابي، عن تدمير ثلاث عجلات مثبت عليها أسلحة متوسطة وثقيلة ومنصة لإطلاق الصواريخ مع تفجير مخبأ كبير للأسلحة والعبوات الناسفة».
وميدانيًا، شهدت مناطق شرقي مدينة الفلوجة معارك ضارية لتحرير مركز قضاء الكرمة، استعدادًا للدخول في معركة تحرير الفلوجة. وأعلنت قيادة مقاتلي عشائر الأنبار عن انطلاق حملة عسكرية واسعة في مناطق الكبيشات والصبيحات والبو جاسم وكرطان الواقعة بين جزيرة الخالدية وقضاء الكرمة، أسفرت عن مقتل العشرات من عناصر تنظيم داعش.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.