هل ستصدق روسيا هذه المرة مع أوبك؟

بشأن اتخاذ إجراء مشترك للسيطرة على أسعار النفط العالمية

هل ستصدق روسيا هذه المرة مع أوبك؟
TT

هل ستصدق روسيا هذه المرة مع أوبك؟

هل ستصدق روسيا هذه المرة مع أوبك؟

بالأمس نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مسؤول بارز في وزارة الخارجية الروسية قوله إن بلاده ترغب في تحسن العلاقات بين إيران والسعودية في وقت تشتد فيه الحاجة إلى اتخاذ إجراء مشترك للسيطرة على أسعار النفط العالمية.
ونقلت الوكالة عن زامير كابلوف المسؤول بوزارة الخارجية الروسية قوله: «نحتاج جميعا إلى الاستقرار في سوق النفط والعودة إلى الأسعار الطبيعية (للخام)... وتلك هي البلدان المهمة وبخاصة المملكة العربية السعودية وإيران التي تبذل قصارى جهدها من أجل العودة إلى سوق النفط».
وتصريح كابلوف ليس بالجديد ولا بالغريب، فروسيا منذ نحو عشرين عامًا وهي تشجع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على خفض إنتاجها في وقت الأزمات التي تؤدي إلى هبوط أسعار النفط، وتبعث مبعوثيها إلى اجتماعات المنظمة وتتعهد بالمشاركة في التخفيض ولكن شيئًا لم يحدث.
وها هي تصريحات المسؤولين الروس تتوالى منذ الشهر الماضي، داعين فيها ومرحبين بكل أوجه التعاون مع أوبك، فهل سيصدق الروس هذه المرة ويقومون بخفض إنتاجهم مع أوبك؟
وهذه الإجابة مبنية على تاريخ طويل ومعروف من مواقف روسيا مع أوبك حضر فيها التعهد بالمشاركة في التخفيض، إلا أن شيئًا لم يحدث.
ومن أوائل من حذروا من عدم جدية الروس هو محافظ السعودية في منظمة أوبك الدكتور محمد الماضي، الذي قال في ورقة ألقاها قبل نحو عام في مؤتمر الإعلام البترولي الخليجي الثاني في الرياض إن لدى روسيا تاريخا طويلا في التعهدات غير الجادة.
واستشهد الماضي بموقف روسيا في عام 2002 وأنها على الرغم من تعهدها بالتخفيض فإنها تفعل العكس. وقال: «ليس خافيًا أن روسيا، وكما يثبت التاريخ، قد زادت إنتاجها لمدة ستة شهور متتالية، على الرغم من موافقتها على تخفيض إنتاجها في عام 2002».
التاريخ الروسي
وقبل أسبوع تقريبا أصدر معهد أكسفورد لدراسات الطاقة ورقة تتحدث عن روسيا ومواقفها تجاه أوبك. وخلصت الورقة إلى أن روسيا لن تفعل شيئًا هذه المرة لخفض الإنتاج، إذ إنها تعودت على أن تقوم أوبك بالتضحيات من أجل دعم الأسعار، ولهذا فهي تنظر أن تقوم أوبك مجددًا بهذا الدور.
واستعرضت ورقة أكسفورد المرات الثلاث التي تمت فيها موافقة روسيا وتعهدها على خفض إنتاجها والتي انتهت دون أي خفض لبرميل واحد من قبل الروس.
وكانت أولى هذه المرات في عام 1997 / 1998 خلال الأزمة الآسيوية عندما انهارت أسعار النفط إلى ما دون 10 دولارات بنهاية عام 1998. وتكرر الأمر ذاته في عام 2001 / 2002 عندما انهارت الأسعار بسبب المخاوف من ركود عالمي نتيجة الاعتداءات التي تعرض لها مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة. وهي المرة التي أشار إليها الماضي في ورقته العام الماضي. وآخر هذه المرات في عام 2008 / 2009 عندما انهارت الأسعار انهيارا مشابهًا للانهيار التي تعيشها الأسعار اليوم، إذ انخفض النفط من 147 دولارا في يوليو (تموز) 2008 إلى قرابة 30 دولارا في ديسمبر (كانون الأول) من نفس العام.
وأوضحت ورقة أكسفورد في استنتاجها: «ونتيجة لذلك فمن الواضح أن روسيا قد اعتمدت تاريخيا خطا ثابتا قائما على أخذ أي سعر عند يتعلق الأمر بسوق النفط، إذ إنها تفترض أن أوبك، وخصوصا المملكة العربية السعودية، ستكون دائما هي السباقة في ردة الفعل وخفض الإنتاج لإعادة التوازن في السوق».
موقف الرياض
وبعد كل هذه السنوات لا يبدو مستغربًا أن الرياض ترفض اتخاذ أي إجراء فردي لإعادة استقرار وتوازن سوق النفط، إذ ما زالت المملكة تكرر نفس الرسالة في كل مرة، وهي أنها ترحب بالتعاون مع كل المنتجين لإعادة التوازن للسوق شريطة أن يتم ذلك بصورة جماعية.
ولم يتغير موقف المملكة حيال هذا الأمر منذ عام 2014 عندما تقابل وزير البترول السعودي علي النعيمي ووزير الطاقة الروسي إلكسندر نوفاك في فيينا في نوفمبر (تشرين الثاني) قبل يومين من اجتماع أوبك التاريخي التي رفضت فيه خفض إنتاجها لدعم الأسعار وتركت الأمر للسوق.
وبحسب ما أوضحته بعض المصادر لـ«الشرق الأوسط»، ففي ذلك الاجتماع السعودي الروسي الذي انعقد برعاية وزير نفط فنزويلا رافائيل راميرز، اقترح وزير البترول السعودي على نوفاك أن تقوم روسيا بالمساهمة مع أوبك في الخفض، ولكن نوفاك اعتذر بحجة أن الشركات النفطية الروسية - التي كان يمثلها في الاجتماع رئيس شركة روسنفت ايغور سيتشن - لا تستطيع خفض إنتاجها لأسباب فنية. وكان رد النعيمي عليه: «إذا لم ترد تخفيض إنتاجك فسوف تجبرك السوق على فعل ذلك».
وبالحديث عن روسنفت فقد أوضح سيتشن الأسبوع الماضي أن صناعة النفط الروسية التي تعد الأضخم في العالم ستظل قادرة على المنافسة مهما يكن السعر، وذلك بفضل الانخفاض الحاد لقيمة الروبل في الفترة الأخيرة.
واقترح سيتشن في كلمة في لندن خلال مناسبة أسبوع البترول الدولي أن تخفض كبرى الدول المنتجة للنفط الإنتاج بواقع مليون برميل يوميا لدعم أسعار الخام المتدنية. وقال سيتشن إن تخمة المعروض الحالية في السوق سببها زيادة إنتاج أعضاء أوبك. ولم يذكر سيتشن ما إن كانت روسيا مستعدة لخفض الإنتاج. وقال: «مَن المفروض أن يقوم بتخفيض الإنتاج؟ هل ستخفض السعودية إنتاجها؟ هل ستخفض إيران إنتاجها؟ هل ستخفض المكسيك إنتاجها؟ هل ستخفض البرازيل إنتاجها؟ من سيقوم بتخفيض إنتاجه؟!».
ويقول الخبير النفطي والممثل الوطني السابق للكويت في منظمة أوبك عبد الصمد العوضي لـ«الشرق الأوسط»: «يجب على أوبك أن لا تستمع إلى روسيا أو إلى أي دولة أخرى. لقد عملنا سنوات طويلة مع الدول خارج أوبك ولكنهم في أوقات الحاجة لخفض إنتاجهم لدعم الأسعار لا يقومون بفعل شيء». وأضاف العوضي: «كما أن العلاقات متوترة بين روسيا ودول منطقة الخليج والشرق الأوسط على خلفيات الخلافات السياسية وهذا يعقد أي تعاون، ولهذا أنا أرى أن على أوبك أن تفكر بالحل بناء على أدواتها».
مشكلات روسيا
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الرمادي أن السكين وصلت إلى العظم في روسيا، ولهذا فإنها مضطرة إلى أن تقوم بفعل شيء من أجل دعم الأسعار. وقد لا تتمكن روسيا من خفض إنتاجها الآن لأنها في أشهر الشتاء، ولكنها تستطيع أن تتعهد بخفض الإنتاج الآن وتخفضه في الصيف.
ويقول أحد المصادر في أوبك لـ«الشرق الأوسط» إن روسيا بالفعل تواجه مشكلات في إنتاجها ولا تستطيع إيقافه بصورة مفاجئة. وقال المصدر إن المسؤولين الروس الذين حضروا للقائهم في فيينا قد أوضحوا في أكثر من مناسبة أن روسيا لا تستطيع إيقاف إنتاجها في الشتاء لأن الآبار النفطية سوف تتجمد ويجب أن يكون التخفيض تدريجيا.
وأضاف المصدر أن روسيا قادرة حتى الآن على الاستمرار في الإنتاج نظرًا لأن الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من هبوط أسعار النفط من خلال تعديل الضريبة على النفط. ومع الأسعار الحالية فإن الشركات الروسية لا تزال قادرة على مواصلة الإنتاج لأن العبء انتقل إلى الحكومة ولكن هذا لا يعني أن روسيا لا تستطيع التخفيض على كل حال.
وكانت روسيا وهي من أكبر منتجي النفط في العالم رفضت مرارا التعاون مع أوبك في السنوات الأخيرة رغم هبوط أسعار الخام الذي يمثل شريان الحياة لاقتصادها.
وتبددت الآمال في إبرام اتفاق عالمي بشأن الإنتاج بسبب موقف إيران. وترفع طهران إنتاجها سعيا لاستعادة حصتها في السوق بعد رفع العقوبات لتفسح الطريق لعودتها إلى السوق بعد غياب طويل.
ومما يقلل من فرص التعاون بين إيران والسعودية العداء السياسي بين البلدين لدعم كل منهما طرفا مختلفا في الصراعات الدائرة في سوريا واليمن.
ونزل خام القياس العالمي مزيج برنت نحو 70 في المائة منذ منتصف عام 2014. وبعد كل هذه السنوات والتعهدات يبدو أن روسيا لم تتعلم الدرس وما زالت تظن أن أوبك ستظل كما هي وستقدم التضحيات لأن الأسعار تضغط على اقتصادها بشدة على ميزانياتها، ولذا على الأرجح لن يكون هناك أي تخفيض روسي. ولكن الذي تعلم الدرس فعلا هو المملكة، التي توقفت عن تقديم أي تضحيات وتنازلات دون أي تعاون من المنتجين الكبار في العالم.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.