مؤشرات على تورط محتمل للشرطة المصرية في حادث مقتل الطالب الإيطالي بالقاهرة

محكمة النقض تلغي حكم سجن ضابط أدين بقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ

الطالب الإيطالي جوليو ريجيني («الشرق الأوسط»)
الطالب الإيطالي جوليو ريجيني («الشرق الأوسط»)
TT

مؤشرات على تورط محتمل للشرطة المصرية في حادث مقتل الطالب الإيطالي بالقاهرة

الطالب الإيطالي جوليو ريجيني («الشرق الأوسط»)
الطالب الإيطالي جوليو ريجيني («الشرق الأوسط»)

في وقت تتزايد فيه المؤشرات على تورط محتمل للشرطة المصرية في حادث مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني أواخر الشهر الماضي، قضت محكمة النقض بقبول طعن ضابط شرطة أدين بقتل الناشطة اليسارية شيماء الصباغ قبل عامين فيما كانت تشارك في مسيرة سليمة تحمل الورود إلى ميدان التحرير لإحياء ذكرى ثورة 25 يناير.
وتضع التطورات الأخيرة السلطة السياسية في حرج بعد تنامي الغضب من ممارسات الشرطة، وإفلات عناصرها من المحاسبة. وقبل يومين فقط احتشد في قلب القاهرة نحو 10 آلاف طبيب لاحتجاج على اعتداء أمناء شرطة على طبيب في محاولة لإرغامه على كتابة تقرير طبيب لأحد زملائهم يجافي الحقيقة. وأخلت النيابة سبيل الأمناء المتهمين في القضية.
وقضت محكمة النقض أمس بقبول الطعن المقدم من ضابط أمن مركزي على الحكم بمعاقبته بالسجن المشدد 15 سنة لاتهامه بقتل شيماء الصباغ عضو حزب التحالف الشعبي، وإعادة المحاكمة.
وقال المحامي فريد الديب وكيل الملازم أول ياسين محمد حاتم في مرافعته أمام محكمة النقض، إن المظاهرة التي قتلت فيها الصباغ أحاطتها ظروف وملابسات استثنائية لوقوعها أثناء ذكرى 25 يناير، وأنه لو كانت لدى الضابط المتهم نية للقتل العمد لسقط عشرات الضحايا والمصابين.
وأشار الديب في دفاعه إلى أن الفعالية التي نظمها حزب التحالف الشعبي الاشتراكي لم تكن بإذن مسبق من وزارة الداخلية الداخلية، كما أن المحتجين خرجوا من نطاق مظاهرتهم مما أصاب الضباط بحالة من الارتباك والاضطراب.
وكانت محكمة جنايات القاهرة، قد عاقبت ضابط الأمن المركزي المتهم بقتل شيماء الصباغ، بالسجن المشدد 15 عاما، في يناير من العام الماضي.
ويمثل الحكم صدمة في أوساط القوى السياسية والنشطاء الذين اعتراهم الغضب بعد مقتل الصباغ، ما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي حينها للحديث عن القضية متعهدا بتقديم القاتل إلى المحاكمة.
وبينما تشكو منظمات حقوقية من التوسع في حالات توقيف المواطنين للاشتباه، وتحاصر وزارة الداخلية أزمات من بينها اعتداء عناصرها على أطباء، وملف الاختفاء القسري، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن مسؤولين أمنيين مصريين قالوا إن قوات الشرطة احتجزت الطالب الإيطالي جوليو ريجيني قبل العثور عليه مقتولا.
فيما نقلت وكالة «رويترز» عن «مصدر بارز في الطب الشرعي» قوله إن جثة ريجيني، دراسات عليا في جامعة كمبريدج البريطانية، كان بها سبعة ضلوع مكسورة، بالإضافة لعلامات صعق بالكهرباء في مناطق حساسة من الجسم وإصابات داخلية في مختلف أنحاء جسمه ونزيف بالمخ.
وأضاف المصدر أن جثة ريجيني حملت كذلك علامات على جروح قطعية بآلة حادة، يشتبه أنها شفرة حلاقة، وسحجات وكدمات. وقال أيضا إن الشاب الإيطالي تعرض على الأرجح لاعتداء بعصي وللكم ولركل.
وقال مكتب النائب العام إنه لن يعلن محتوى التقرير في ظل استمرار التحقيقات. ورفعت مصلحة الطب الشرعي أول من أمس تقريرها النهائي عن تشريح جثة الطالب الإيطالي.
وكان ريجيني (28 عاما) يجري أبحاثا محورها النقابات المستقلة في مصر وكتب مقالات ينتقد فيها الحكومة المصرية مما أثار تكهنات بأنه قُتل على يد قوات الأمن المصرية، الأمر الذي نفته وزارتا الداخلية والخارجية. لكن الصحيفة الأميركية قالت إن ثلاثة مسؤولين أمنيين مصريين أكدوا أن ريجيني كان محتجزا، الأمر الذي يدعم شكوك إيطاليا بأن جهات رسمية مصرية متورطة في قتل الطالب الإيطالي.
وأضافت الصحيفة على لسان المسؤولين الثلاثة، قولهم إن «ريجيني ألقي القبض عليه من قبل السلطات المصرية لأنه كان وقحا مع الضباط»، وأضافوا «لقد كان وقحا جدا وتصرف كأنه رجل قوي».
وتقول وزارة الداخلية إن التجاوزات التي تحدث من عناصرها هي تجاوزات فردية لا يصح تعميمها، لكن تنامي الظاهرة يعيد للأذهان ممارسات الشرطة قبل ثورة يناير والتي عدها غالبية المراقبين أحد الأسباب الرئيسية التي أدت للثورة. واختار الداعين للمظاهرات قبل خمس سنوات موعد احتفال البلاد بعيد الشرطة للاحتجاج على ممارساتها، قبل أن تتحول المظاهرات خلال الأيام اللاحقة لثورة ضد حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وفي سياق متصل قال النائب محمد عبد الغني، عضو البرلمان المصري في بيان له أمس إن عناصر من شرطة مطار القاهرة الدولي تعدت عليه لفظيا واختطفت بطاقته البرلمانية، حينما اعترض على استثناء بعض المسافرين من الإجراءات المتبعة. ويحظى عضو البرلمان المصري بالحصانة بحكم الدستور. وتساءل النائب عبد الغني في بيانه، «إذا كان أفراد الشرطة يتعاملون مع نائب في البرلمان بتلك الطريقة، فكيف يتعاملون مع المواطنين البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة؟».
وكان عبد الغني، يرد على بيان أصدرته وزارة الداخلية مساء أول من أمس اتهمته فيه بالتعدي على شرطة المطار ومحاولته تخطي حدود الدائرة الجمركية، وقال النائب إن بيان الداخلية مغلوط وينافي الحقيقة، وليس سوى محاولة للتشويش على قيام شرطة المطار بالتعدي عليه لفظيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».