مبادرة أميركا للرد على تهديد كوريا الشمالية تحدث انقسامًا دوليًا

مجلس الشيوخ يمرر مشروع قانون لتشديد العقوبات على بيونغ يانغ

مبادرة أميركا للرد على تهديد كوريا الشمالية تحدث انقسامًا دوليًا
TT

مبادرة أميركا للرد على تهديد كوريا الشمالية تحدث انقسامًا دوليًا

مبادرة أميركا للرد على تهديد كوريا الشمالية تحدث انقسامًا دوليًا

صوت مجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع مساء أول من أمس لصالح مشروع قانون، يقضي بتشديد العقوبات على كوريا الشمالية بعد إجرائها تجارب نووية وصاروخية خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ قال السيناتور بوب مينينديز، أحد رعاة مشروع القانون، إن المشروع الذي وافق عليه بالفعل مجلس النواب «لا يدع مجالا للشك بشأن تصميمنا على تحييد أي تهديد بدبلوماسية قوية وواقعية للوصول إلى الهدف الواضح، المتمثل في نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية».
ويشدد مشروع القانون من العقوبات المفروضة على البرامج النووية والصاروخية الباليستية الكورية الشمالية، بينما يطالب الحكومة الأميركية بالتحقيق في الأنشطة الجديرة بالعقوبات، وفرض عقوبات على الذين يدعمون النظام في كوريا الشمالية، وتطبيق عقوبات بسبب الهجمات الإلكترونية وانتهاكات حقوق الإنسان من جانب كوريا الشمالية. وقد جاءت هذه الخطوة بعد يومين فقط من الإعلان عن محادثات حول نشر درع أميركية مضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية.
لكن هذا الإجراء الأخير تحديدا لم يلق إجماعا من لدن الدول العظمى، وألقى الضوء على الانقسامات في صفوف المجموعة الدولية حول طريقة الرد على التهديد العسكري المتزايد، الذي تشكله بيونغ يانغ كما يرى محللون.
فبعد ساعات على الإعلان عن إطلاق صاروخ من طرف كوريا الشمالية الأحد الماضي، صرح مسؤولون أميركيون ومن كوريا الجنوبية أنه تم فتح محادثات رسمية حول نشر نظام مضاد للصواريخ يعتبر بين الأنظمة الأكثر تطورا في العالم، إذ قال يو جيه - سونغ، نائب وزير الدفاع الكوري الجنوبي، إن «التحالف الكوري الجنوبي - الأميركي لا خيار أمامه سوى القيام بهذا التحرك الدفاعي لأن كوريا الشمالية تتبع استراتيجية استفزازية، وترفض إجراء حوار حقيقي حول نزاع الأسلحة النووية».
لكن هناك أيضا تفسير دبلوماسي مفاده أن نشر الدرع المضادة للصواريخ قد لا يكون مرده إلى ما تقوم به كوريا الشمالية من استفزازات، بل مرده إلى «ما لا تقوم به الصين»، باعتبارها الحليف الأبرز لنظام بيونغ يانغ. وعلى هذا الأساس ظلت واشنطن وسيول تمارسان ضغوطا على بكين لكي تعتمد موقفا أكثر حزما حيال برامج التسلح داخل كوريا الشمالية.
لكن الصين تخشى انهيار النظام الشيوعي، وإقامة نظام آخر على حدودها، وقد سبق لها أن تصدت لمشاريع فرض عقوبات على كوريا الشمالية، ولذلك يرجح عدد من المراقبين أنها ستقوم بالمثل هذه المرة، بعد أن أعلن مجلس الأمن الدولي كيفية الرد على «الاستفزازات» الأخيرة التي قامت بها كوريا الشمالية.
ويقول جويل ويت، المحلل في المعهد الأميركي - الكوري في جامعة جونز هوبكينز، إن الاستياء حيال بكين هو الذي دفع قدما فكرة نشر الدرع المضادة للصواريخ، موضحا أنها «وسيلة لتوجيه إشارة إلى الصين، تقول إن ما تقوم به كوريا الشمالية يترك عواقب فعلية بما يشمل على مصالح الصين الخاصة في مجال الأمن».
وقد جاء رد فعل الصين سريعا، حيث عبرت عن الأسف لإطلاق الصاروخ الكوري الشمالي، لكنها أبدت في نفس الوقت «قلقها الشديد» من خطة نشر الدرع المضادة للصواريخ. وبحسب الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونيينغ فإن نشر مثل هذه الدرع لن يؤدي سوى إلى تأجيج التوتر في شبه الجزيرة، والإساءة لجهود وقف البرنامج النووي الكوري الشمالي، وقالت بهذا الخصوص إننا «نطالب الدول المعنية بتوخي الحذر».
وهذا الحذر، حسب عدد من المحللين، منبعه أن بكين تعتبر أن نظام الدرع المضادة للصواريخ يشكل تهديدا لسياستها في مجال الردع النووي، ويمكن أن يستخدم لمراقبة إطلاق صواريخ صينية على مسافة تصل إلى جيان في شمال غربي البلاد. كما أن الصين تعتبر أبرز شريك تجاري لكوريا الجنوبية، التي امتنعت حتى الآن عن التحدث عن نظام الدرع رسميا.
وكانت كوريا الجنوبية قد نصبت نظامها الخاص، الهادف إلى اعتراض صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى بواسطة صواريخ مماثلة للباتريوت. وفي موازاة ذلك لم تدخر رئيسة كوريا الجنوبية بارك غوين هيه جهودها لإحراز تقارب بين بلادها والصين، ونسجت علاقات شخصية مع الرئيس الصيني شي جينبينغ على أمل تطوير شراكة استراتيجية فعلية. وقد شهدت العلاقات الثنائية تحسنا بالفعل، لكن بالنسبة لملف كوريا الشمالية فإنها لم تحقق التقدم الذي كانت ترغب فيه سيول.
وفي هذا الصدد يقول بول كارول، المحلل في مكتب «بلاوشيرز فاند»، إن فتح محادثات حول نظام ثاد «يشكل رسالة إلى الصين مفادها أنه إذا لم تشأ حل ملف كوريا الشمالية فسنقوم بذلك أنفسنا».
وأضاف موضحا: «هناك خطر بالتأكيد. فإذا لم تتمكن الصين والولايات المتحدة من الاتفاق على مقاربة مشتركة حيال كوريا الشمالية، فلن يحصل أي تقدم وسيتفاقم الوضع أكثر».
وأضاف ويت: «ستتزايد الضغوط على واشنطن لكي تؤكد وتزيد حمايتها لحلفائها، وهناك احتمال فعلي لحصول توترات وعدم استقرار إقليمي.. وبدلا من الحد من الطموحات النووية لكوريا الشمالية، سنشهد سباق تسلح».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.