حققت المملكة العربية السعودية مكانة بارزة في قطاع التسوق الإلكتروني، وخصوصا عبر الهواتف الجوالة والأجهزة المحمولة، حيث كشفت دراسة حديثة لشركة «كريتيو» Criteo المتخصصة بتحليل بيانات ونزعات تصفح المستخدمين للمتاجر الرقمية أن أكثر من 79 في المائة من عمليات الشراء عبر الأجهزة المحمولة في المملكة تتم عبر الهواتف الجوالة، وأن السعودية تتفوق على النسب العالمية للدول الغربية في الشراء عبر الهواتف الجوالة.
وقد تطورت المتاجر الإلكترونية وعادات التسوق بشكل كبير منذ بدايات القرن الحالي، بحيث كان تحليل تصفح المستخدم للمتجر وبضائعه يعتمد على تقنيات بسيطة، مثل ملفات نصية يخزنها المتصفح على الكومبيوترات الشخصية (اسمها «كوكيز» Cookies) تسجل المواقع التي زارها وترتيب التصفح. ولكن دخول الأجهزة المحمولة إلى عالم المستخدمين غيّر نزعات وسبل التصفح نتيجة تطوير تطبيقات متخصصة واستخدام عدة أجهزة لإتمام عملية التسوق، وجعل هذه الملفات عديمة الفائدة.
إلا أن عالم التقنية دائم التغير والتواؤم مع المتغيرات السريعة، إذ طورت بسرعة طرق مبتكرة لمعاينة عادات تسوق المستخدمين عبر الأجهزة المختلفة، ومن دون خرق خصوصياتهم على الإطلاق. وحول هذا الموضوع، تحدثت «الشرق الأوسط» مع ديرك هينكي، المدير التنفيذي للأسواق الناشئة في «كريتيو»، ومقرها في دبي، أثناء زيارة قام بها إلى السعودية.
وأكد ديرك أن أكثر من 79 في المائة من عمليات الشراء الإلكترونية عبر الأجهزة المحمولة في السعودية تتم من خلال الهواتف الذكية، وهي نسبة أعلى بكثير من أي سوق في أوروبا والولايات المتحدة، وتعتبر قريبة جدا من نسب الأسواق الناضجة في التسوق الإلكتروني، مثل اليابان. وتبلغ نسبة الشراء من المتاجر الإلكترونية عبر الهواتف الجوالة عالميا 35 في المائة مقارنة بالكومبيوترات الشخصية، بينما بلغت نسبة السعودية 38.8 في المائة في الربع الثالث من عام 2015، مرتفعة من 33 في المائة في الربع الثاني من العام نفسه، ويتوقع أن تتجاوز النسبة 50 في المائة خلال العام الحالي.
وتتفوق الكثير من المتاجر الإلكترونية المحلية في المنطقة العربية (مثل «سوق دوت كوم» و«نمشي» على سبيل المثال لا الحصر) حاليا على المتاجر العالمية، وذلك بسبب وجودها قبل المتاجر العالمية واهتمامها بالأسواق المحلية وإيجاد حلول لمشاكل الشراء والإيصال (مثل إيجاد نظام الدفع لدى التسليم، وعدم وجود عناوين دقيقة لمقر إقامة المستخدمين في الكثير من المدن العربية). وتشير الدراسة إلى أن هناك نزعة جديدة في المنطقة العربية متعلقة بالمتاجر الرقمية، وهي تزايد إتمام عمليات الشراء من الهواتف الذكية، ذلك أن أحجام شاشاتها أصبحت كبيرة ومريحة لمعاينة البضائع من المتاجر الرقمية، مع ارتفاع سرعاتها ونضوج متصفحاتها.
ولم تكن المشكلة الكبيرة التي واجهت مواقع التجارة الإلكترونية في السابق هي جذب الجماهير لمتاجرها الرقمية، بل كانت عدم شراء ما نسبته 95 في المائة من المستخدمين عالميا لأي منتج من المتجر بعد النقر على الإعلان الذي أعجبهم وقادهم إلى صفحة المنتج. ويعود السبب خلف ذلك إلى سهولة تفقد المستخدم لأسعار المنتجات عبر المتاجر الإلكترونية المختلفة، وبسرعة كبيرة. وكانت الخطوة الذكية التالية هي إعادة استهداف هؤلاء المتسوقين بعد الخروج من المتجر الإلكتروني واقتراح المنتجات التي أثارت اهتمامهم لإعادتهم إلى المتجر مرة أخرى في محاولة لحثهم على الشراء. وتتم هذه العملية وفقا لعادت التسوق الخاصة بالمستخدم. ويمكن بهذه الطريقة وضع التوقعات حول نوع المنتجات التي قد تثير اهتمام المستخدم وفقا للفئة السعرية للمنتجات التي يشتريها في العادة، ونوعية المنتجات (وجود منتجات رجالية أو نسائية أو عائلية في سلة المشتريات، مثلا) وتوقيت شرائها.
وتستطيع تقنيات التحليل الحديثة التعرف على المواقع التي زارها المستخدم لمقارنة الأسعار وماهية المنتجات التي تصفحها وتلك التي أضافها إلى سلة المشتريات ولم يدفع قيمتها قبل أن يخرج من المتجر. وبناء على ذلك، تعمل خوارزميات دقيقة (الخوارزمية Algorithm هي نهج عمل برنامج ما بهدف الوصول إلى نتيجة محددة، وهي مشتقة من اسم عالم الرياضيات محمد بن موسى الخوارزمي) لصنع الإعلان الرقمي الذي يناسب كل مستخدم على حدة. وتتعاون «كريتيو» مع كبرى المتاجر الرقمية (بما فيها مواقع خدمات الحجوزات) لتحليل بيانات الاستخدام وعادات التصفح والشراء في تلك المتاجر، الأمر الذي طور من ذكاء عملية تحديد الأطراف المستهدفة والمنتجات التي تُعرض أمامهم بشكل كبير. ويمكن معرفة فئة كل منتج تصفحه المستخدم في كل متجر لمعرفة ذوقه واختياراته، وذلك بهدف عرض المنتج الذي لديه أعلى فرصة للشراء لدى مشاهدة المستخدم للإعلان المستهدف.
وتستطيع الخوارزمية معرفة المنتجات التي اشتراها المستخدم، واقتراح ملحقات وإكسسوارات مرتبطة بطراز محدد للمنتج لتسهيل عملية الشراء على المستخدم، وحتى عرض منتجات تعجبه لم يكن على دراية بوجودها (تبلغ نسبة المنتجات الجديدة التي لم يتصفحها المستخدم في السابق واشتراها بعد مشاهدة الإعلان الرقمي المستهدف 75 في المائة وفقا لدراسات الشركة). وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من المتاجر الرقمية تقدم عشرات الألوف من المنتجات، وتعتبر هذه الطريقة فعالة لعرض الكثير من تلك المنتجات التي قد لا تباع بالطرق التقليدية بسبب عدم دراية المستخدمين بوجودها.
وتستطيع هذه التقنيات التعرف على عادات التصفح بناء على البنية التحتية لكل متجر إلكتروني، وبغض النظر عن الجهاز المستخدم، ذلك أن الكثير من المستخدمين يغيرون أجهزتهم بشكل متكرر وهذا أمر قد يجعل الخدمة غير فعالة في حال اعتمادها على عادات الاستخدام لكل جهاز على حدة. وهناك عادة شراء جديدة في الأسواق تتمثل باستخدام عدة أجهزة للمعاينة قبل شراء المنتج، بحيث يستطيع المستخدم تصفح منتج ما على كومبيوتر العمل في فترة استراحته، وعرض ذلك المنتج على صديقه أو زوجته بعد العمل لأخذ المشورة، وإكمال عملية الشراء من جهازه اللوحي أثناء مشاهدة التلفاز في المساء.
ولاحظت تقنيات الذكاء التحليلي أن استخدام الأجهزة الجوالة للشراء يتزايد بشكل كبير في المنطقة العربية يوم الجمعة، وأن أكثر من نصف المشتريات في المنطقة تتم وفقا لنموذج الشراء عبر أجهزة متعددة. ويجب في هذه العملية توفير إعلانات مستهدفة تراعي نوعية الجهاز المستخدَم (أبعاد الشاشة وكمية البيانات التي يحتاجها) والمتصفحات الكثيرة الموجودة على الكثير من نظم التشغيل للكومبيوترات والأجهزة المحمولة، وتحليل ما هو المنتج الأمثل لعرضه أمام المستخدم، ومن دون أي تأخير في عملية العرض. ويحدد توقيت اليوم احتمال إتمام عملية الشراء، حيث إن غالبية عمليات الشراء في المنطقة العربية تتم في الفترة المسائية بعد مشاركة الآخرين آراءهم حول المنتج، ومعاينة المتاجر الأخرى للحصول على أفضل سعر للمنتج.
وتعتبر نسبة تحويل المستخدمين من متصفحين إلى مشترين أعلى بـ4 أضعاف على الأجهزة الجوالة مقارنة بالكومبيوتر الشخصي، وذلك بسبب سهولة حمل الجهاز مع المستخدم أينما كان وإتمام عملية الشراء، ووجود تطبيقات للمتاجر الإلكترونية تسهل عملية التصفح والاختيار والدفع مقارنة بتجربة استخدام المتصفح. وإن كنت ترغب في إطلاق متجرك الإلكتروني قريبا، فلا يكفي عرض منتجاتك أمام المستخدم في صفحة سلسلة للاستخدام، بل يجب تحليل ما يرغب فيه المستخدم واقتراح ما قد يعجبه من المنتجات، ومن دون أن يشعر بأي تأخير خلال تصفحه لموقعك أو بعد خروجه من متجرك، وإعادته إلى المنتج المستهدف بذكاء!
التسوق الإلكتروني الجوال في السعودية يصل إلى نسب تقارب أكثر الأسواق تقدمًا
نظم تحلل تاريخ وعادات الشراء لاقتراح منتجات مرتبطة بذوق المشترين
التسوق الإلكتروني الجوال في السعودية يصل إلى نسب تقارب أكثر الأسواق تقدمًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة